الباحث القرآني

﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ وَقَالَ وَهْبٌ: أَتَاهَا زَكَرِيَّا عِنْدَ مُنَاظَرَتِهَا الْيَهُودَ، فَقَالَ لِعِيسَى: انْطِقْ بِحُجَّتِكَ إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ بِهَا، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا -وَقَالَ مُقَاتِلٌ: بَلْ هُوَ يَوْمَ وُلِدَ-: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ إِلَهًا [[انظر: "زاد المسير": ٥ / ٢٢٨، "البحر المحيط": ٦ / ١٨٧.]] ﴿آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ سَيُؤْتِينِي الْكِتَابَ وَيَجْعَلُنِي نَبِيًّا. وَقِيلَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا كُتِبَ لَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، كَمَا قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَتَّى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: "كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" [[صححه الحاكم في "المستدرك": ٢ / ٦٠٩، وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ٥ / ٣٧٩، والبخاري في تاريخه: ٧ / ٣٧٤.]] . وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ أُوتِيَ الْإِنْجِيلَ وَهُوَ صَغِيرٌ طِفْلٌ، وَكَانَ يَعْقِلُ عَقْلَ الرِّجَالِ. وَعَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ قَالَ: أُلْهِمَ التَّوْرَاةَ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ [[والصواب في ذلك أنه سبحانه وتعالى عبر في الآية بالفعل الماضي عن المستقبل تنزيلا لتحقق وقوعه منزلة الوقوع بالفعل، ولهذا نظائر كثيرة في القرآن، فيكون التأويل الأول هو الراجح وما عداه فهو ضعيف. انظر: "أضواء البيان": ٤ / ٢٧٣-٢٧٤.]] . ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ أَيْ نَفَّاعًا حَيْثُ مَا تَوَجَّهْتُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ. وَقِيلَ: مُبَارَكًا عَلَى مَنْ تَبِعَنِي. ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ﴾ أَيْ: أَمَرَنِي بِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَكُنْ لِعِيسَى مَالٌ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالزَّكَاةِ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ بِالزَّكَاةِ لَوْ كَانَ لِي مَالٌ وَقِيلَ: بِالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْخَيْرِ. ﴿مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي﴾ أَيْ وَجَعَلَنِي بَرًّا بِوَالِدَتِي، ﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ أَيْ عَاصِيًا لِرَبِّهِ. قِيلَ: "الشَّقِيُّ": الَّذِي يُذْنِبُ وَلَا يَتُوبُ. ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ﴾ أَيْ: السَّلَامَةُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ مِنْ طَعْنِ الشَّيْطَانِ. ﴿وَيَوْمَ أَمُوتُ﴾ أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ الشِّرْكِ، ﴿وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ مِنَ الْأَهْوَالِ. وَلَمَّا كَلَّمَهُمْ عِيسَى بِهَذَا عَلِمُوا بَرَاءَةَ مَرْيَمَ، ثُمَّ سَكَتَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ الْمُدَّةَ الَّتِي يَتَكَلَّمُ فِيهَا الصِّبْيَانُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب