الباحث القرآني
﴿قَالَ﴾ جِبْرِيلُ: ﴿كَذَلِكِ﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ كَمَا قُلْتِ يَا مَرْيَمُ وَلَكِنْ، ﴿قَالَ رَبُّكِ﴾ وَقِيلَ هَكَذَا قَالَ رَبُّكِ، ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ أَيْ: خَلْقُ وَلَدٍ بِلَا أَبٍ، ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً﴾ عَلَامَةً، ﴿لِلنَّاسِ﴾ وَدَلَالَةً عَلَى قُدْرَتِنَا، ﴿وَرَحْمَةً مِنَّا﴾ وَنِعْمَةً لِمَنْ تَبِعَهُ عَلَى دِينِهِ، ﴿وَكَانَ﴾ ذَلِكَ، ﴿أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾ مَحْكُومًا مَفْرُوغًا عَنْهُ لَا يُرَدُّ وَلَا يُبَدَّلُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَحَمَلَتْهُ﴾ قِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ رَفَعَ دِرْعَهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِهِ [[في "ب": جيبها.]] فَحَمَلَتْ حِينَ لَبِسَتْ.
وَقِيلَ: مَدَّ جَيْبَ دِرْعَهَا بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ نَفَخَ فِي الْجَيْبِ.
وَقِيلَ: نَفَخَ فِي كُمِّ قَمِيصِهَا. وَقِيلَ: فِي فِيهَا.
وَقِيلَ: نَفَخَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَفْخًا مِنْ بَعِيدٍ فَوَصَلَ الرِّيحُ إِلَيْهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى فِي الْحَالِ [[قال الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان": (٤ / ٢٤١) . أشار الله تعالى إلى كيفية حمل مريم: أنه نفخ فيها، فوصل النفخ إلى فرجها، فوقع الحمل بسبب ذلك، كما قال: ﴿ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا﴾ [التحريم: ١٢] وقال: ﴿والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا﴾ [الأنبياء: ٩١] . والذي عليه الجمهور من العلماء: أن المراد بذلك النفخ نفخ جبريل فيها بإذن الله فحملت، كما تدل لذلك قراءة الجمهور في قوله تعالى: "إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا"، ولا ينافي ذلك إسناد الله جل وعلا النفخ المذكور لنفسه في قوله: "فنفخنا" لأن جبريل إنما أوقعه بإذنه وأمره ومشيئته، وهو تعالى الذي خلق الحمل من ذلك النفخ، فجبريل لا قدرة له على أن يخلق الحمل من ذلك النفخ، ومن أجل كونه بإذنه ومشيئته وأمره تعالى، ولا يمكن أن يقع النفخ المذكور ولا وجود الحمل منه إلا بمشيئته جل وعلا - أسنده إلى نفسه. وقول من قال: إن فرجها الذي نفخ فيه الملك هو جيب درعها ظاهر السقوط. بل النفخ الواقع في جيب الدرع وصل إلى الفرج المعروف فوقع الحمل.]] ﴿فَانْتَبَذَتْ بِهِ﴾ أَيْ تَنَحَّتْ بِالْحَمْلِ وَانْفَرَدَتْ، ﴿مَكَانًا قَصِيًّا﴾ بَعِيدًا مِنْ أَهْلِهَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَقْصَى الْوَادِي، وَهُوَ وَادِي بَيْتِ لَحْمٍ، فِرَارًا مَنْ قَوْمِهَا أَنْ يُعَيِّرُوهَا بِوِلَادَتِهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا وَوَقْتِ وَضْعِهَا؛ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ الْحَمْلُ وَالْوِلَادَةُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقِيلَ: كَانَ مُدَّةُ حَمْلِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَحَمْلِ سَائِرِ النِّسَاءِ.
وَقِيلَ: كَانَ مُدَّةُ حَمْلِهَا ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ ذَلِكَ آيَةً أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ وَلَدٌ يُولَدُ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَوُلِدَ عِيسَى لِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَعَاشَ.
وَقِيلَ: وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَمَلَتْهُ مَرْيَمُ فِي سَاعَةٍ، وَصُوِّرَ فِي سَاعَةٍ، وَوَضَعَتْهُ فِي سَاعَةٍ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِهَا، وَهِيَ بِنْتُ عَشْرِ سِنِينَ [[ساقط من "أ".]] وَكَانَتْ قَدْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ بِعِيسَى [[أوصل بعض المفسرين الأقوال في مدة حملها إلى سبعة أقوال، والظاهر من الآية المتبادر من التعقيب بحرف الفاء هو قول ابن عباس رضي الله عنه حيث قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت. واستغربه ابن كثير رحمه الله لأن الفاء وإن كانت للتعقيب، لكن تعقيب كل شيء بحسبه. ثم رجح رأي الجمهور فقال: "فالمشهور الظاهر، والله على كل شيء قدير، أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن، وإن كان منشؤه خارقا للعادة. والسياق لا يذكر كيف حملته ولا كم حملته، هل كان حملا عاديا كما تحمل النساء، وتكون النفخة قد بعثت الحياة والنشاط في البويضة، فإذا هي علقة فمضغة فعظام ثم تكسى العظام باللحم ويستكمل الجنين أيامه المعهودة؟ إن هذا جائز، فبويضة المرأة تبدأ بعد التلقيح في النشاط والنمو حتى تستكمل تسعة أشهر قمرية، والنفخة تكون قد أدت دور التلقيح فسارت البويضة سيرتها الطبيعية. كما أنه من الجائز في مثل هذه الحالة الخاصة أن لا تسير البويضة بعد النفخة سيرة عادية، فتختصر المراحل اختصارا، ويعقبها تكون الجنين ونموه واكتماله في فترة وجيزة.. وليس في النص ما يدل على إحدى الحالتين، فلا نجري طويلا وراء تحقيق القضية التي لا سند لنا فيها. والله أعلم. انظر: "زاد المسير": ٥ / ٢١٩، "ابن كثير": ٣ / ١١٧، "في ظلال القرآن" ٤ / ٢٣٠٦-٢٣٠٧، طبعة دار الشروق، "أضواء البيان": ٤ / ٢٤٤.]] .
{"ayahs_start":21,"ayahs":["قَالَ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنࣱۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥۤ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةࣰ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرࣰا مَّقۡضِیࣰّا","۞ فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانࣰا قَصِیࣰّا"],"ayah":"قَالَ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنࣱۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥۤ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةࣰ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرࣰا مَّقۡضِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق