الباحث القرآني
﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ يَعْنِي: إِذَا عَزَمْتَ عَلَى أَنْ تَفْعَلَ غَدًا شَيْئًا فَلَا تَقُلْ: أَفْعَلُ غَدًا حَتَّى تَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ وَعَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ: أُخْبِرُكُمْ غَدًا وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَبِثَ الْوَحْيُ أَيَّامًا ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (٢) .
﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: مَعْنَاهُ إِذَا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ ثُمَّ ذَكَرْتَ فَاسْتَثْنِ.
وَجَوَّزَ ابْنُ عَبَّاسٍ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ وَإِنْ كَانَ إِلَى سَنَةٍ وَجَوَّزَهُ الْحَسَنُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ إِذَا قَرُبَ الزَّمَانُ فَإِنْ بَعُدَ فَلَا يَصِحُّ. وَلَمْ [يُجَوِّزْ بِاسْتِثْنَاءٍ] [[في "ب": يجوزه.]] جَمَاعَةٌ حَتَّى يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ [[قال الطبري في التفسير: (٥ / ٢٢٩-٢٣٠) : "وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: واذكر ربك إذا تركت ذكره لأن أحد معاني النسيان في كلام العرب: الترك. فإن قال قائل: أفجائز للرجل أن يستثني في يمينه إذ كان معنى الكلام ما ذكرت بعد مدة من حال حلفه؟ قيل: بل الصواب أن يستثنى ولو بعد حنثه في يمينه فيقول: إن شاء الله ليخرج بقيله ذلك مما ألزمه الله في ذلك بهذه الآية فيسقط عنه الحرج بتركه ما أمره بقيله من ذلك فأما الكفارة فلا تسقط عنه بحال إلا أن يكون استثناؤه موصولا بمينه". ثم وجه رأي ابن عباس رضي الله عنهما ورأي من قال بأن له الاستثناء ما دام في مجلسه فقال: "إن معناهم في ذلك نحو معنانا في أن ذلك له ولو بعد عشر سنين وأنه استثنائه وقيله إن شاء الله بعد حين من حال حلفه يسقط عنه الحرج الذي لو لم يقله كان لازما له؛ فأما الكفارة: فله لازمة بالحنث بكل حال إلا أن يكون استثناؤه كان موصولا بالحلف وذلك: أنا لا نعلم قائلا ممن قال: له الثنيا بعد حين يزعم أن ذلك يضع عنه الكفارة إذا حنث ففي ذلك أوضح الدليل على صحة ما قلنا في ذلك..". وهذا ما رجحه ابن كثير أيضا: ٣ / ٨٠. وقال الجصاص في "أحكام القرآن": (٥ / ٤١-٤٢) : "هذا الضرب من الاستثناء يدخل لرفع حكم الكلام حتى يكون وجوده وعدمه سواء وذلك لأن الله تعالى ندبه الاستثناء بمشيئة الله تعالى لئلا يصير كاذبا بالحلف فدل على أن حكمه ما وصفنا. ويدل عليه أيضا قوله عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام: "ستجدني إن شاء الله صابرا" فلم يصبر ولم يك كاذبا؛ لوجود الاستثناء في كلامه، فدل على أن معناه ما وصفنا من دخوله في الكلام لرفع حكمه فوجب أن لا يختلف حكمه في دخوله على اليمين أو على إيقاع الطلاق أو على العتاق ... ". ثم رجح أن الاستثناء لا يصح ولا يكون له هذا الأثر الذي وصفه إلا بأن يكون متصلا باليمين -وهي نقطة الاتفاق مع تأويل الطبري- وهو قول إبراهيم وعطاء والشعبي "لأن الاستثناء بمنزلة الشرط لا يصلح ولا يثبت حكمه إلا موصولا بالكلام من غير فصل مثل قوله: أنت طالق إن دخلت الدار. فلو قال: أنت طالق ثم قال: إن دخلت الدار بعدما سكت لم يوجب ذلك تعلق الطلاق بالدخول ولو جاز هذا لجاز أن يقول لامرأته أنت طالق ثلاثة. ثم يقول بعد سنة: إن شاء الله فيبطل الطلاق ولا تحتاج إلى زوج ثان في إباحتها للزوج الأول وفي تحريم الله تعالى إياها عليه بالطلاق الثلاث إلا بعد زوج دلالة على بطلان الاستثناء بعد السكوت ... ". وانظر قصة احتجاج أبي حنيفة لذلك على المنصور في: أضواء البيان للشنقيطي: ٤ / ٧٩. وراجع القرطبي: ١٠ / ٣٨٦. فقد رجح أن الآية ليست في اليمين بشيء وإنما هي استفتاح كلام، على الأصح.]] وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَعْنَى الْآيَةِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا غَضِبْتَ [[انظر: أحكام القرآن للجصاص: ٥ / ٤٢. ونقل الطبري (١٥ / ٢٢٩) عن عكرمة أيضا: اذكر ربك إذا عصيت (بالعين والصاد المهملتين) .]] .
وَقَالَ وَهْبٌ: مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ: ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ أَذْكُرُكَ حِينَ أَغْضَبُ.
وَقَالَ الضَّحَاكُ وَالسُّدِّيُّ: هَذَا فِي الصَّلَاةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخَلِدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "مِنْ نَسْيِ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" [[أخرجه البخاري في المواقيت باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر: ٢ / ٧٠ ومسلم في المساجد باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها برقم (٥٧٩) : ٢ / ٢٤١. والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٢٤١.]] .
﴿وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾ أَيْ: يُثَبِّتُنِي عَلَى طَرِيقٍ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَرْشَدُ [[وهذا ما اعتمده ابن كثير ولم يذكر غيره.]] .
وَقِيلَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ إِذَا نَسِيَ شَيْئًا وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَهْدِيَهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا نَسِيَهُ [[انظر: البحر المحيط: ٦ / ١١٦.]] .
وَيُقَالُ: هُوَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ سَيُؤْتِيهِ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ مَا هُوَ أَدَلُّ لَهُمْ مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَقَدْ فَعَلَ حَيْثُ أَتَاهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الْمُرْسَلِينَ مَا كَانَ أَوْضَحَ لَهُمْ فِي الْحُجَّةِ وَأَقْرَبَ إِلَى الرُّشْدِ مِنْ خَبَرِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ [[انظر: زاد المسير: ٥ / ١٢٩، البحر المحيط: ٦ / ١١٦.]] .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ مَعَ قَوْلِهِ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" إِذَا ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْإِنْسَانُ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَتَوْبَتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: "عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا" [[وهذا ما اعتمده الطبري: ١٥ / ٢٣٠.]] .
{"ayahs_start":23,"ayahs":["وَلَا تَقُولَنَّ لِشَا۟یۡءٍ إِنِّی فَاعِلࣱ ذَ ٰلِكَ غَدًا","إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِیتَ وَقُلۡ عَسَىٰۤ أَن یَهۡدِیَنِ رَبِّی لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَـٰذَا رَشَدࣰا"],"ayah":"وَلَا تَقُولَنَّ لِشَا۟یۡءٍ إِنِّی فَاعِلࣱ ذَ ٰلِكَ غَدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق