الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ﴾ يَعْنِي: الْحَرَمَ، ﴿آمِنًا﴾ ذَا أَمْنٍ يُؤَمَّنُ فِيهِ، ﴿وَاجْنُبْنِي﴾ أَبْعِدْنِي، ﴿وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ يُقَالُ: جَنَّبْتُهُ الشَّيْءَ، وَأَجْنَبْتُهُ جَنْبًا، وَجَنَّبْتُهُ تَجْنِيبًا وَاجْتَنَبْتُهُ اجْتِنَابًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْصُومًا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ السُّؤَالُ؟ وَقَدْ عَبَدَ كَثِيرٌ مِنْ بَنِيهِ الْأَصْنَامَ فَأَيْنَ الْإِجَابَةُ؟ قِيلَ: الدُّعَاءُ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِزِيَادَةِ الْعِصْمَةِ وَالتَّثْبِيتِ، وَأَمَّا دُعَاؤُهُ لِبَنِيهِ: فَأَرَادَ بَنِيهِ مِنْ صُلْبِهِ، وَلَمْ يَعْبُدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ الصَّنَمَ. وَقِيلَ: إِنَّ دُعَاءَهُ لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مِنْ بَنِيهِ [[وقال محمد بن أبي بكر الرازي قيل: "إنما سأل هذا السؤال في حالة خوف أذهله عن ذلك العلم -بالعصمة عن الكفر وعبادة الأصنام- لأن الأنبياء -عليهم السلام- أعلم الناس بالله، فيكونون أخوفهم منه، فيكون معذورا بسبب ذلك. وقيل: إن في حكمة الله تعالى وعلمه أن لا يبتلي نبيا من الأنبياء بالكفر، بشرط أن يكون متضرعا إلى ربه طالبا منه ذلك، فأجرى على لسانه هذا السؤال لتحقيق شرط العصمة". انظر: مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل، ص (١٦٤) .]] . ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ يَعْنِي ضَلَّ بِهِنَّ كَثِيرٌ [مِنَ النَّاسِ] [[ساقط من "ب".]] عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى حَتَّى عَبَدُوهُنَّ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْلُوبُ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] ، أَيْ: يُخَوِّفُهُمْ [[في "ب": يخوفكم.]] بِأَوْلِيَائِهِ. وَقِيلَ: نَسَبَ الْإِضْلَالَ إِلَى الْأَصْنَامِ لِأَنَّهُنَّ سَبَبٌ فِيهِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: فَتَنَتْنِي الدُّنْيَا، نَسَبَ الْفِتْنَةَ إِلَى الدُّنْيَا لِأَنَّهَا سَبَبُ الْفِتْنَةِ [[وانظر: مسائل الرازي وأجوبتها ص (١٦٤) .]] . ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ أَيْ: مِنْ أَهْلِ دِينِي، ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ: وَمَنْ عَصَانِي ثُمَّ تَابَ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: وَمَنْ عَصَانِي فِيمَا دُونَ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ [[في "ب": أن يشرك به.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب