الباحث القرآني

﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ﴾ الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ دُونَهُ، ﴿الْمُتَعَالِ﴾ الْمُسْتَعْلِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ أَيْ: يَسْتَوِي فِي عِلْمِ اللَّهِ الْمُسِرُّ بِالْقَوْلِ وَالْجَاهِرُ بِهِ، ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ أَيْ: مُسْتَتِرٌ بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ، ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ أَيْ: ذَاهِبٌ فِي سَرْبِهِ ظَاهِرٌ. وَالسَّرْبُ -بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ-: الطَّرِيقُ [[اختلف أهل العلم بكلام العرب في "السرب": فقال بعضهم: "هو آمن في سربه"، بفتح السين. وقال بعضهم: "هو آمن في سربه" بكسر السين. انظر: الطبري: ١٦ / ٣٦٧.]] . قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: سَارِبٌ بِالنَّهَارِ: أَيْ مُتَصَرِّفٌ فِي حَوَائِجِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [فِي هَذِهِ الْآيَةِ] [[ساقط من "ب".]] هُوَ صَاحِبُ رِيبَةٍ، مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا خَرَجَ بِالنَّهَارِ أَرَى النَّاسَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْإِثْمِ [[الطبري: ١٦ / ٣٦٧.]] . وَقِيلَ: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ، أَيْ: ظَاهِرٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: خَفِيتُ الشَّيْءَ؛ إِذَا أَظْهَرْتَهُ، وَأَخْفَيْتُهُ: إِذَا كَتَمْتَهُ. وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ: أَيْ مُتَوَارٍ دَاخِلٌ فِي سَرْبٍ. ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ أَيْ: لِلَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةٌ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِذَا صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ جَاءَ فِي عَقِبِهَا مَلَائِكَةُ النَّهَارِ، وَإِذَا صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ جَاءَ فِي عَقِبِهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ. وَالتَّعْقِيبُ: الْعَوْدُ بَعْدَ الْبَدْءِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ وَاحِدَهَا مُعَقِّبٌ، وَجَمْعَهُ مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ جَمْعُ الْجَمْعِ مُعَقِّبَاتٌ، كَمَا قِيلَ: أَبْنَاوَاتُ [[في "ب": انثاوات. وصححها الشيخ محمود شاكر في الطبري: سادات سعد، يقال: "سيد" و"سادة" و"سادات.]] سَعْدٍ وَرِجَالَاتُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ، مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ" [[أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر: ٢ / ٣٣، وفي بدء الخلق، ومسلم في المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما برقم (٦٣٢) : ١ / ٤٣٩، والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٢٢٦. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (٢ / ٣٤) : "قال القرطبي: الواو في قوله "يتعاقبون" علامة الفاعل المذكر المجموع على لغة بلحارث وهم القائلون: أكلوني البراغيث، ومنه قول الشاعر: "بحوران يعصرن السليط أقاربه" وهي لغة فاشية، وعليها حمل الأخفش قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) قال: وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها وردها للبدل، وهو تكلف مستغنى عنه، فإن تلك اللغة مشهورة ولها وجه من القياس واضح..".]] . قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ يَعْنِي: مِنْ قُدَّامِ هَذَا الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَارِ، وَمِنْ خَلْفِهِ: مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: بِأَمْرِ اللَّهِ، أَيْ: يَحْفَظُونَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ مَا لَمْ يَجِئِ الْمَقْدُورُ، فَإِذَا جَاءَ الْمَقْدُورُ خُلُوًّا عَنْهُ. وَقِيلَ: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ: أَيْ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحِفْظِ عَنْهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ، يَحْفَظُهُ فِي نَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْهَوَامِّ، فَمَا مِنْهُمْ شَيْءٌ يَأْتِيهِ يُرِيدُهُ إِلَّا قَالَ وَرَاءَكَ! إِلَّا شَيْءٌ يَأْذَنُ اللَّهُ فِيهِ فَيُصِيبُهُ. قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِكُمْ مَلَائِكَةً يَذُبُّونَ عَنْكُمْ فِي مَطْعَمِكُمْ وَمَشْرَبِكُمْ وَعَوْرَاتِكُمْ لَتَخَطَّفَكُمُ الْجِنُّ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْآيَةُ فِي الْأُمَرَاءِ وَحَرَسِهِمْ يَحْفَظُونَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ [[ورجحه الطبري لأن قوله: (له معقبات) أقرب إلى قوله: (ومن هو مستخف بالليل) منه إلى (عالم الغيب) فهي لقربها منه أولى بأن تكون من ذكره، وأن يكون المعنى بذلك هذا مع دلالة قول الله تعالى: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) على أنهم المعنيون بذلك. وذلك أنه -جل ثناؤه- ذكر قوما أهل معصية له وأهل ريبة، يستخفون بالليل ويظهرون بالنار، ويمتنعون عند أنفسهم بحرس يحرسهم، ومنعة تمنعهم من أهل طاعته أن يحولوا بينهم وبين ما يأتون من معصية الله. ثم أخبر أن الله -تعالى ذكره- إذا أراد بهم سوءا لم ينفعهم حرسهم، ولا يدفع عنهم حفظهم". وأما ابن عطية فرجح التأويل الأول، وقال: وعلى كلا التأويلين ليست الضمائر لمعينين من البشر. انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ٣٧٤، المحرر الوجيز لابن عطية ٨ / ١٣٧.]] . وَقِيلَ: الْآيَةُ فِي الْمَلَكَيْنِ الْقَاعِدَيْنِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ يَكْتُبَانِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧] . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَعْنَى يَحْفَظُونَهُ أَيْ: يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ أَعْمَالَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، يَعْنِي: الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ. وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ "لَهُ": رَاجِعَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. رَوَى جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ يَعْنِي لِمُحَمَّدٍ ﷺ حُرَّاسٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [يَعْنِي: مِنْ شَرِّ الْجِنِّ] [[ساقط من "ب".]] وَطَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [[هذا التفسير جاء ضمن حديث ابن عباس الآتي في قصة أربد، انظر التعليق التالي.]] . وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وَأَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَتْ قِصَّتُهُمَا عَلَى مَا رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُمَا عَامِرِيَّانِ، يُرِيدَانِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخْلَا الْمَسْجِدَ فَاسْتَشْرَفَ النَّاسُ لِجَمَالِ عَامِرٍ، وَكَانَ أَعْوَرَ وَكَانَ مِنْ [أجلَّ] [[في "ب": أجمل.]] الناس ١٨٩/أفَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ، فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنْ يَرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ. فَأَقْبَلَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَالِي إِنْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: "لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ". قَالَ: تَجْعَلُ لِيَ الْأَمْرَ بَعْدَكَ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاءُ. قَالَ: فَتَجْعَلُنِي عَلَى الْوَبَرِ وَأَنْتَ عَلَى الْمَدَرِ، قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَاذَا تَجْعَلُ لِي؟ قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ تَغْزُو عَلَيْهَا. قَالَ: أَوَلَيِسَ ذَلِكَ إِلَيَّ الْيَوْمَ؟ قُمْ مَعِي أُكَلِّمْكَ. فَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَكَانَ [عَامِرٌ] [[ساقط من "ب".]] أَوْصَى إِلَى أَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ إِذَا رَأَيْتَنِي أُكَلِّمُهُ فَدُرْ مِنْ خَلْفِهِ فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ، فَجَعَلَ يُخَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَيُرَاجِعُهُ فَدَارَ أَرْبَدُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ لِيَضْرِبَهُ، فَاخْتَرَطَ مِنْ سَيْفِهِ شِبْرًا، ثُمَّ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَلِّهِ، وَجَعَلَ عَامِرٌ يُومِئُ إِلَيْهِ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَى أَرْبَدَ وَمَا صَنَعَ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمَا بِمَا شِئْتَ. فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى أَرْبَدَ صَاعِقَةً فِي يَوْمٍ صَحْوٍ قَائِظٍ فَأَحْرَقَتْهُ، وَوَلَّى عَامِرٌ هَارِبًا وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ دَعَوْتَ رَبَّكَ فَقَتَلَ أَرْبَدَ وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا وَفِتْيَانًا مُرْدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَمْنَعُكَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَأَبْنَاءُ قَيْلَةَ يُرِيدُ: الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ. فَنَزَلَ عَامِرٌ بَيْتَ امْرَأَةٍ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ضَمَّ عَلَيْهِ سِلَاحَهُ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، فَجَعَلَ يَرْكُضُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيَقُولُ: ابْرُزْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، وَيَقُولُ الشِّعْرَ، وَيَقُولُ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ أَبْصَرْتُ مُحَمَّدًا وَصَاحِبَهُ يَعْنِي مَلَكَ الْمَوْتِ لِأُنَفِذَنَّهُمَا بِرُمْحِي، فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَلَطَمَهُ بِجَنَاحِهِ فَأَرْدَاهُ فِي التُّرَابِ وَخَرَجَتْ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي الْوَقْتِ غُدَّةٌ عَظِيمَةٌ، فَعَادَ إِلَى بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ. ثُمَّ دَعَا بِفَرَسِهِ فَرَكِبَهُ ثُمَّ أَجْرَاهُ حَتَّى مَاتَ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَتَلَ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِالطَّعْنِ وَأَرْبَدَ بِالصَّاعِقَةِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَوْلَهُ: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يَعْنِي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُعَقِّبَاتٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [[انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ٣٧٩-٣٨١، تفسير القرطبي: ٩ / ٢٩٦، أسباب النزول للواحدي ص (٣١٤-٣١٥) ، ابن كثير: ٢ / ٥٠٧. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (٧ / ٤٢) : "رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران: ضعيف". ورواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ضعيفة. قال الطبري: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في تأويل هذه الآية، قول بعيد من تأويل الآية، مع خلافه أقوال من ذكرنا قوله من أهل التأويل. وذلك أنه جعل "الهاء" في قوله: "له معقبات" من ذكر رسول الله ﷺ، ولم يجر له في الآية التي قبلها، ولا في التي قبل الأخرى ذكر، إلا أن يكون أراد أن يردها على قوله: "إنما أنت منذر ولكل قوم هاد"، "وله معقبات" فإن كان ذلك، فذلك بعيد، لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول الله ﷺ. وإذا كان ذلك كذلك، فكونها عائدة على "من" التي في قوله: "ومن هو مستخف بالليل" أقرب، لأنه قبلها، والخبر بعدها عنه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: سواء منكم -أيها الناس- من أسر القول ومن جهر به عند ربكم، ومن هو مستخف بفسقه وريبته في ظلمة الليل، وسارب يذهب ويجيء في ضوء النهار ممتنعا بجنده وحرسه الذين يتعقبونه من أهل طاعة الله أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك، وأن يقيموا حد الله عليه، وذلك قوله: يحفظونه من أمر الله". وكذلك قال ابن عطية في المحرر الوجيز: (٨ / ١٣٧) : "وهذه الآية وإن كانت ألفاظها تنطبق على معنى القصة، فيضعف القول أن النبي ﷺ لم يتقدم له ذكر فيعود الضمير في "له" عليه".]] . [يَعْنِي تِلْكَ الْمُعَقِّبَاتِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ] [[ساقط من "ب".]] . وَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ. وَقَالَ لِهَذَيْنَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ﴾ مِنَ الْعَافِيَةِ وَالنِّعْمَةِ، ﴿حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ مِنَ الْحَالِ الْجَمِيلَةِ فَيَعْصُوا رَبَّهُمْ. ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا﴾ أَيْ: عَذَابًا وَهَلَاكًا ﴿فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾ أَيْ: لَا رَادَّ لَهُ ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ أي: ملجأ يلجؤون إِلَيْهِ. وَقِيلَ: وَالٍ يَلِي أَمْرَهُمْ وَيَمْنَعُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب