الباحث القرآني

شرح الكلمات: المنافقون: أي الذين يظهرون للمؤمنين الإيمان بألسنتهم ويسترون الكفر في قلوبهم. بعضهم من بعض: أي متشابهون في اعتقادهم وقولهم وعملهم فأمرهم واحد. بالمنكر: أي ما ينكره الشرع لضرره أو قبحه وهو الكفر بالله ورسوله. عن المعروف: أي ما عرفه الشرع نافعاً فأمر به من الإيمان والعمل الصالح. يقبضون أيديهم: أي يمسكونها عن الإنفاق في سبيل الله. نسوا الله فنسيهم: أي تركوا الله فلم يؤمنوا به وبرسوله فتركهم وحرمهم من توفيقه وهدايته. عذاب مقيم: أي دائم لا يزول ولا يبيد. بخلاقهم: أي بنصيبهم وحظهم من الدنيا. وخضتم: أي في الكذب والباطل. والمؤتفكات: أي المنقلبات حيث صار عاليها سافلها وهي ثلاث مدن. بالبينات: الآيات الدالة على صدقهم في رسالاتهم إليهم. معنى الآيات: ما زال السياق في هتك استار المنافقين وبيان فضائهم لعلهم يتوبون. قال تعالى ﴿ٱلْمُنافِقُونَ وٱلْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ﴾ أي كأبعاض الشيء الواحد وذلك لأن أمرهم واحد لا يختلف بعضهم عن بعض في المعتقد والقول العمل بيّن تعالى حالهم بقوله ﴿يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ ويَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ﴾ وهذا دليل على انتكاسهم وفساد قلوبهم وعقولهم، إذ هذا عكس ما يأمر به العقلاء، والمراد من المنكر الذي يأمرون به هو الكفر والعصيان، والمعروف الذي ينهون عنه هو الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما. وقوله تعالى ﴿ويَقْبِضُونَ أيْدِيَهُمْ﴾ كناية عن الإمساك وعدم البذل في الإنفاق في سبيل الله. وقوله ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ﴾ فلم يؤمنوا به ولم يؤمنوا برسوله ولم يطيعوا الله ورسوله ﴿فَنَسِيَهُمْ﴾ الله بأن تركهم محرومين من كل هداية ورحمة ولطف. وقوله ﴿إنَّ ٱلْمُنافِقِينَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ تقرير لمعنى ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، إذ كفرهم بالله وبرسوله هو الذي حرمهم هداية الله تعالى ففسقوا سائر أنواع الفسق فكانوا هم الفاسقين الجديرين بهذا الوصف وهو الفسق والتوغل فيه. وقوله تعالى في الآية [٦٨] ﴿وعَدَ الله المُنافِقِينَ وٱلْمُنافِقاتِ وٱلْكُفّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ﴾ أي كافيهم ﴿ولَعَنَهُمُ ٱللَّهُ ولَهُمْ عَذابٌ مُّقِيمٌ﴾ أي دائم لا يزول ولا يبيد ولا يفنى فقد حملت هذه الآية أشد وعيد لأهل النفاق والكفر إذ توعدهم الرب تعالى بنار جهنم خالدين فيها وبالعذاب المقيم الذي لا يبارحهم ولا يتركهم لحظة أبد الأبد وذلك بعد أن لعنهم الله فأبعدهم وأسحقهم من كل رحمة وخير. وفي الآية الثالثة [٦٩] يأمر تعالى رسوله أن يقول للمنافقين المستهزئين بالله وآياته ورسوله: أنتم أيها المنافقون كأولئك الذين كانوا من قبلكم في الاغترار بالمال والولد والكفر بالله والتكذيب لرسوله حتى نزل بهم عذاب الله ومضت فيهم سنته في إهلاكهم هذا ما تضمنته الآية الكريمة إذ قال تعالى ﴿كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كانُواْ أشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وأَكْثَرَ أمْوالاً وأَوْلاداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ﴾ أي بنصيبهم الذي كتب لهم في الدنيا ﴿فاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ﴾ أي بما كتب لكم في هذه الحياة الدنيا ﴿كَما اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ أي سواء بسواء ﴿وخُضْتُمْ﴾ في الباطل والشر وبالكفر والتكذيب ﴿كَٱلَّذِي خاضُوۤاْ﴾ أي كخوضهم سواء بسواء أولئك الهالكون ﴿حَبِطَتْ أعْمالُهُمْ فِي ٱلدنْيا وٱلآخِرَةِ﴾ أي تلاشت وذهبت ولم ينتفعوا منها بشيء، ﴿وأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخاسِرُونَ﴾. وبما أنكم أيها المنافقون تسيرون على منهجهم في الكفر والتكذيب والاغترار بالمال والولد فسوف يكون مصيركم كمصيرهم وهو الخسران المبين. وقوله تعالى في الآية الرابعة [٧٠] ﴿ألَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ إبْرَٰهِيمَ وأَصْحَٰبِ مَدْيَنَ وٱلْمُؤْتَفِكَٰتِ أتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ﴾ أي الآيات الدالة على توحيد الله وصدق رسوله وسلامة دعوتهم كما جاءكم أيها المنافقون رسولنا محمد ﷺ بالبينات فكذبتم كما كذب الذين من قبلكم فنزل بهم عذاب الله فهلك قوم نوح بالطوفان وعاد بالريح العاتية، وثمود بالصاعقة، وقوم إبراهيم بسلب النعم وحلول النقم، وأصحاب مدين بالرجفة وعذاب الظلمة، والمؤتفكات بالمطر والإئتفاك أي القلب بأن أصبح أعالي مدنهم الثلاث أسافلها، وأسافلها أعاليها، وما ظلمهم الله تعالى بما أنزل عليهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، وأنتم أيها المنافقون إن لم تتوبوا إلى ربكم سيحل بكم ما حل بمن قبلكم أو أشد لأنكم لم تعتبروا بما سبق. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- إن المنافقين لما كان مرضهم واحد وهو الكفر الباطني كان سلوكهم متشابها. ٢- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف علامة النفاق وظاهرة الكفر وانتكاس الفطرة. ٣- الاغترار بالمال والولد من عوامل عدم قبول الحق والإذعان له والتسليم به. ٤- تشابه حال البشر واتباع بعضهم لبعض في الباطل والفساد والشر. ٥- حبوط الأعمال بالباطل وهلاك أهلها أمر مقضى به لا يتخلف. ٦- وجوب الاعتبار بأحوال السابقين والاتعاظ بما لاقاه أهل الكفر منهم من عذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب