الباحث القرآني

شرح الكلمات: فإذا انسلخ الأشهر الحرم: انقضت وخرجت الأشهر الأربعة التي أمنتم فيها المشركين. حيث وجدتموهم: أي في أي مكان لقيتموهم في الحل أو الحرم. وخذوهم: أي أسرى. وأحصروهم: أي حاصروهم حتى يسلموا أنفسهم. واقعدوا لهم كل مرصد: أي اقعدوا لهم في طرقاتهم وارصدوا تحركاتهم. فإن تابوا: أي آمنوا بالله ورسوله. فخلوا سبيلهم: أي اتركوهم فلا حصار ولا مطاردة ولا قتال. استجارك: أي طلب جوارك أي حمايتك. مأمنه: أي المكان الذي يأمن فيه. فما استقاموا لكم: أي لم ينقضوا عهدهم ولم يخلوا بالاتفاقية. وإن يظهروا عليكم: أي يغلبوكم. لا يرقبوا فيكم: أي لا يراعوا فيكم ولا يحترموا. إلاَّ ولا ذمة: أي لا قرابة، ولا عهداً فالإلّ: القرابة والذمة: العهد. معنى الآيات: ما زال السياق في إعلان الحرب العامة على المشركين تطهيراً لأرض الجزيرة التي هي دار الإسلام وحوزته من بقايا الشرك والمشركين، فقال تعالى لرسوله والمؤمنين ﴿فَإذا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ﴾ أي إذا انقضت وخرجت الأشهر الحرم التي أمنتم فيها المشركين الذين لا عهد لهم أولهم عهد ولكن دون أربعة أشهر أو فوقها وبدون حد محدود ﴿فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدتُّمُوهُمْ﴾ في الحل والحرم سواء ﴿وخُذُوهُمْ﴾ أسرى ﴿وٱحْصُرُوهُمْ﴾ حتى يستسلموا، ﴿وٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ أي سدوا عليهم الطرق حتى يقدموا أنفسهم مسلمين أو مستسلمين وقوله تعالى ﴿فَإن تابُواْ﴾ أي من الشرك وحربكم ﴿وأَقامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وءاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ﴾ إذ أصبحوا مسلمين مثلكم. وقوله ﴿إنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي أن الله سيغفر لهم ويرحمهم بعد إسلامهم، لأنه تعالى غفور رحيم، هذا ما دلت عليه الآية الأولى [٥] أما الآية الثانية [٦] فقد أمر تعالى رسوله أن يجير من طلب جواره من المشركين حتى يسمع كلام الله منه ﷺ ويتفهم دعوة الإسلام ثم هو بالخيار إن شاء أسلم وذلك خير له وإن لم يسلم رده رسول الله ﷺ إلى مكان يأمن فيه من المسلمين أن يقتلوه. وهو معنى قوله تعالى ﴿وإنْ أحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّىٰ يَسْمَعَ كَلامَ ٱللَّهِ ثُمَّ أبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ﴾ فلذا قبل منهم ما طلبوه من الجوار حتى يسمعوا كلام الله تعالى إذ لو علموا ما رغبوا عن التوحيد إلى الشرك. وقوله تعالى في الآية الثالثة [٧] ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وعِندَ رَسُولِهِ﴾ هذا الاستفهام للنفي مع التعجب أي ليس لهم عهد أبداً وهم كافرون غادرون، وقوله تعالى ﴿إلاَّ ٱلَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرامِ فَما ٱسْتَقامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ﴾ هؤلاء بعض بني بكر بن كنانة عاهدهم رسول الله ﷺ عام صلح الحديبية وهم عند الحرم فهؤلاء لهم عهد وذمة ما استقاموا على عهدهم فلم ينقضوه. فإن استقاموا استقام لهم المسلمون ولم يقتلوهم وفاء بعهدهم وتقوى لله تعالى لأنه تعالى يكره الغدر ويحب المتقين لذلك. وقوله تعالى ﴿كَيْفَ وإن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إلاًّ ولا ذِمَّةً﴾ الاستفهام للتعجب أي كيف يكون للمشركين عهد يفون به لكم وهم إن يظهروا عليكم يغلبوكم في معركة، ﴿لا يَرْقُبُواْ فِيكُمْ﴾ أي لا يراعوا الله تعالى ولا القرابة ولا الذمة بل يقتلوكم قتلاً ذريعاً، وقوله تعالى ﴿يُرْضُونَكُم بِأَفْواهِهِمْ وتَأْبىٰ قُلُوبُهُمْ﴾ إخبار من الله تعالى عن أولئك المشركين الناكثين للعهد الغادرين بأنهم يحاولون إرضاء المؤمنين بالكذب بأفواههم، وقلوبهم الكافرة تأبى ذلك الذي يقولون بألسنتهم أي فلا تعتقده ولا تقره، ﴿وأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ﴾ لا يعرفون الطاعة ولا الالتزام لا بعهد ولا دين، والجملة فيها تهييج للمسلمين على قتال المشركين ومحاصرتهم وأخذهم تطهيراً لأرض الجزيرة منهم قبل وفاة الرسول ﷺ. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- وجوب الوفاء بالعهود ما لم ينقضها المعاهدون. ٢- تقرير مبدأ الحزم في القتال والضرب بشدة. ٣- وجوب تطهير الجزيرة من كل شرك وكفر لأنها دار الإسلام. ٤- إقام الصلاة شرط في صحة الإيمان فمن تركها فهو كافر غير مؤمن. ٥- احترام الجوار، والإقرار به، وتأمين السفراء والممثلين لدولة كافرة. ٦- قبول طلب كل من طلب من الكافرين الإذن له بدخول بلاد الإسلام ليتعلم الدين الإسلامي. ٧- القرآن كلام الله تعالى حقاً بحروفه ومعانيه لقوله ﴿حَتّىٰ يَسْمَعَ كَلامَ ٱللَّهِ﴾ الذي يتلوه عليه ﷺ. ٨- وجوب مراقبة الله تعالى ومراعاة القرابة واحترام العهود.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب