الباحث القرآني

شرح الكلمات: في مواطن: المواطن جمع موطن بمعنى الوطن وهو محل إقامة الإنسان. حنين: وادٍ على بعد أميال يسيرة من الطائف. إذ أعجبتكم كثرتكم: أي كثرة عددكم حتى قال من قال: لن نغلب اليوم من قلة. فلم تغن عنكم شيئاً: أي لم تجز عنكم شيئاً من الإجزاء إذا انهزمتهم في أول اللقاء. وضاقت عليكم الأرض: أي لم تعرفوا أين تذهبون، وكيف تتصرفون كأنكم محصورون في مكان ضيق. بما رحبت: أي على رحابتها وسعتها. أنزل الله سكينته: أي الطمأنينة في نفوسهم، فذهب القلق والاضطراب. وأنزل جنودا: أي من الملائكة. نجس: أي ذوو نجس وذلك لخبث أرواحهم بالشرك. بعد عامهم هذا: عام تسعة من الهجرة. عيلة: أي فقراً وفاقة وحاجة. معنى الآيات: لم حرم الله على المؤمنين موالاة الكافرين ولو كانوا أقرباءهم وحذرهم من القعود عن الهجرة والجهاد، وكان الغالب فيمن يقعد عن ذلك إنما كان لجبنه وخوفه أخبرهم تعالى في هذه الآيات الثلاث أنه ناصرهم ومؤيدهم فلا يقعد بهم الجبن والخوف عن أداء الواجب من الهجرة والجهاد فقال تعالى ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ كَبَدْر والنضير وقريظة والفتح وغيرها ﴿ويَوْمَ حُنَيْنٍ﴾ حين قاتلوا قبيلة هوازن مذكراً إياهم بهزيمة أصابت المؤمنين نتيجة خطأ من بعضهم وهو الاغترار بكثرة العدد إذ قال من قال منهم: لن نغلب اليوم من قلة إذ كانوا اثني عشر ألفاً وكان عدوهم أربعة آلاف فقط، إنهم ما إن توغلوا بين جنبتي الوادي حتى رماهم العدو بوابل من النبل والسهام فلم يعرفوا كيف يتصرفون حتى ضاقت عليهم الأرض على سعتها وولوا مدبرين هاربين ولم يثبت إلا رسول الله ﷺ وكان على بغلته البيضاء المسماة (بالدُلْدُل) والعباس إلى جنبه وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه، ثم نادى منادي رسول الله: أن يا أصحاب سورة البقرة هلموا أصحاب السمرة (شجرة بيعة الرضوان) هلموا. فتراجعوا إلى المعركة ودارت رحاها و ﴿أنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وعَلى ٱلْمُؤْمِنِينَ وأَنزَلَ جُنُوداً﴾ تلامس القلوب وتنفخ فيها روح الشجاعة والصبر والثبات، فصبروا وقاتلوا وما هي إلا ساعة وإذا بالعدو سبي بين أيديهم ولم يحصل لهم أن غنموا يوما مثل ما غنموا هذا اليوم إذ بلغ عدد الإبل اثني عشر ألف بعير، ومن الغنم ما لا يحصى ولا يعد. بهذا جاء قوله تعالى: ﴿ويَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾ أي هاربين من العدو ﴿ثُمَّ أنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وعَلى ٱلْمُؤْمِنِينَ وأَنزَلَ جُنُوداً﴾ أي من الملائكة ﴿لَّمْ تَرَوْها وعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي هوازن ﴿وذٰلِكَ﴾ أي القتل والسبي ﴿جَزَآءُ ٱلْكافِرِينَ﴾ بالله ورسوله. وقوله تعالى ﴿ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلىٰ مَن يَشَآءُ﴾ أي بعد قتالكم للكافرين وقتلكم من تقتلون يتوب الله على من يشاء ممن بقوا أحياء بعد الحرب ﴿وٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فيغفر لمن يتوب عليه من المشركين ماضي ذنوبه من الشرك وسائر الذنوب ويرحمه بأن يدخله الجنة مع من يشاء من المؤمنين الصادقين في إيمانهم هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث. أما الآية الرابعة ﴿يٰأيُّها ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إنَّما ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَٰذا﴾ فإنه تعالى أمر المؤمنين بأن يمنعوا من دخول المسجد الحرام كل مشرك ومشركة لأن المشرك نجس الظاهر والباطن فلا يحل دخولهم إلى المسجد الحرام وهو مكة والحرم حولها، ومن يومئذ لم يدخل مكة مشرك، وقوله تعالى ﴿وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ أي فقراً لأجل انقطاع المشركين عن الموسم حيث كانوا يجلبون التجارة يبيعون ويشترون فيحصل نفع للمسلمين ﴿فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ فامنعوا المشركين ولا تخافوا الفقر وقوله تعالى ﴿إن شَآءَ إنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ استثناء منه تعالى حتى تبقى قلوب المؤمنين متعلقة به سبحانه وتعالى راجية خائفة غير مطمئنة غافلة، وكونه تعالى عليماً حكيماً يرشح المعنى المذكور فإن ذا العلم والحكمة لا يضع شيئاً إلا في موضعه فلا بد لمن أراد رحمة الله أو فضل الله أن يجتهد أن يكون أهلاً لذلك، بالإيمان والطاعة العامة والخاصة. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- حرمة العجب بالنفس والعمل إذ هو أي العجب من العوائق الكبيرة عن النجاح. ٢- بيان إفضال الله تعالى وإكرامه لعباده المؤمنين. ٣- بيان الحكمة من القتال في سبيل الله تعالى. ٤- تقرير نجاسة الكافر المعنوية. ٥- منع دخول المشرك الحرم المكي كائناً من كان بخلاف باقي المساجد فقد يؤذن للكافر لمصلحة أن يدخل بإذن المسلمين. ٦- لا يمنع المؤمن من امتثال أمر ربّه الخوف من الفاقة والفقر فإن الله تعالى تعهد بالإغناء إن شاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب