الباحث القرآني

شرح الكلمات: إذا السماء انشقت: أي بالغمام وهو سحاب أبيض رقيق وذلك لنزول الملائكة. وأذنت لربها: أي سمعت وأطاعت. وحقت: أي وحق لها أن تسمع أمر ربها وتطيعه. وإذا الأرض مدت: أي زيد في سعتها كما يمد الأديم أي الجلد إذ لم يبق عليها بناء ولا جبل. وألقت ما فيها وتخلت: أي ألقت ما فيها من الموتى ألقتهم أحياء إلى ظهرها وتخلت عنه أي عما كان في بطنها. إنك كادح: أي عامل كاسب للخير أو الشر. إلى ربك كدحا: أي إلى أن تلقى ربك وأنت تعمل وتكسب فليكن عملك مما يرضي عنك ربك. فملاقيه: أي ملاق ربك بعد موتك وبعملك خيره وشره. كتابه: أي كتاب عمله وذلك بعد البعث. وينقلب إلى أهله مسرورا: أي بعد الحساب اليسير يرجع إلى أهله في الجنة من الحور العين فرحا. وراء ظهره: أي يأخذه بشماله من وراء ظهره إهانة له. يدعو ثبورا: أي ينادي هلاكه قائلا واثبوراه واثبوراه أي يا هلاكه. ويصلى سعيرا: أي ويحرق بالنار تحريقا وينضج انضاجة بعد أخرى على قراءة يُصلّى بالتضعيف. إنه ظن أن لن يحور: أي أنه كان في الدنيا يظن أنه لا يرجع إلى الحياة بعد الموت فلذا لم يعمل خيرا قط ولم يتورع عن ترك الشر قط لعدم إيمانه بالبعث. معنى الآيات: قوله تعالى ﴿إذا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ﴾ يخبر تعالى أنه إذا انشقت السماء أي تصدعت وتفطرت وذابت فصارت كالدهان ﴿وأَذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ أي وسمعت لأمر ربها واستجابت ﴿فَكانَتْ﴾ كما أمرها الله أن تكون منشقة منفطرة حتى تكون كالمهل، ﴿وإذا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ﴾ من الأديم واتسعت رقعتها حيث زال منها الجبال والآكام والمباني والعمارات وأصبحت قاعا صفصفا ﴿وأَلْقَتْ ما فِيها﴾ أي ما في بطنها من أموات ﴿وتَخَلَّتْ﴾ عنه أي عما كان في بطنها ﴿وأَذِنَتْ لِرَبِّها﴾ في ذلك كله أي سمعت وأجابت ﴿وحُقَّتْ﴾ أي وحق لها أن تسمع وتجيب وتطيع وجواب إذا الأولى والثانية واحد وهو ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مّا قَدَّمَتْ وأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار: ٥] أو ما أحضرت كما تقدم نظيره في التكوير والانفطار. وقوله تعالى ﴿يٰأيُّها ٱلإنسَٰنُ﴾ أي يا بن آدم ﴿إنَّكَ كادِحٌ إلىٰ رَبِّكَ كَدْحاً﴾ أي إنك عامل تعمل يوميا وليل نهار إلى أن تموت وتلقى ربك إنك لا تبرح تعمل لا محالة وتكسب بجوارحك الخير والشر إلى الموت حيث تنتقل إلى الدار الآخرة وتلقى ربك وتلاقيه هذا يشهد له قول الرسول ﷺ في الصحيح «كلكم يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها»، إذا فمن الخير لك يا أيها الإنسان المكلف أن تعمل خيرا تلاقي به ربك فيرضى عنك به ويكرمك إنك حقا ملاق ربك بعملك فأنصح لك أن يكون عملك صالحا وانظر إلى الصورة التالية ﴿فَأَمّا مَن أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِيَمِينِهِ﴾ لأنه حوى الخير ولا شر فيه ﴿فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً﴾ ينظر في كتابه ويقرر هل فعلت كذا فيعترف ويتجاوز عنه وينقلب إلى أهله في الجنة وهم الحور العين والنساء المؤمنات والذرية الصالحة يجمعهم الله ببعضهم كرامة لهم وهو قوله تعالى ﴿وٱلَّذِينَ آمَنُواْ وٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور: ٢١] ﴿وأَمّا مَن أُوتِيَ كِتَٰبَهُ﴾ أي كتاب أعماله ﴿ورَآءَ ظَهْرِهِ﴾ حيث تغل اليمني مع عنقه وتخرج الشمال وراء ظهره ويعطى كتابه وراء ظهره ﴿فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً﴾ أي ينادي هلاكه قائلا واثبوراه واثبوراه أي يا هلاكه احضر فهذا أوان حضورك ﴿ويَصْلىٰ سَعِيراً﴾ أي ويدخل نارا مستعرة شديدة الالتهاب ويصلى أيضا فيها تصلية أي ينضح فيها لحمه المرة بعد المرة وأبدا. والعياذ بالله وعلة ذلك وسببه هو ﴿إنَّهُ كانَ فِيۤ أهْلِهِ﴾ في الدنيا ﴿مَسْرُوراً﴾ لا يخاف الله ولا يرجو الدار الآخرة يعمل ما يشاء ويترك ما يشاء إنه ظن أن لن يحور أي أنه لا يرجع حيا بعد موته ولا يحاسب ولا يجزى هذه علة هلاكه وشقائه فاحذروها أيها الناس اليوم فآمنوا بربكم ولقائه واعملوا عملا ينجيكم من عذابه. وقوله تعالى ﴿بَلىٰ إنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً﴾ اي ليحورن وليبعثن وليحاسبن وليس كما يظن أنه لا يبعث ولا يحاسب ولا يجزى بل لا بد من ذلك كله إن ربه تعالى كان به وبعمله بصيرا لا يخفى عليه من أمره شيء ونتيجة لذلك تَمَّ له هذا الحساب والعقاب بِأَمَرِ العذاب وأشدِّه دخول النار وتصلية جحيم. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- تقرير عقيدة البعث والجزاء ببيان مقدماته في انقلاب الكون. ٢- بيان حتمية لقاء الإنسان ربّه. ٣- كل إنسان مكلف بالعقل والبلوغ فهو عامل وكاسب لا محالة إلى أن يموت ويلقى ربه. ٤- أهل الإيمان والتقوى يحاسبون حسابا يسيرا وهو مجرد عرض لا غير ويفوزون أما من نوقش الحساب فقد هلك وعذب لأنه لا يملك حجة ولا عذرا. ٥- التنعم في الدنيا والانكباب على شهواتها وملاذها مع ترك الطاعات والصالحات ثمرة عدم الإيمان أو اليقين بالبعث والجزاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب