الباحث القرآني

شرح الكلمات: تستغيثون: أي تطلبون الغوث من الله تعالى وهو النصر على أعدائكم. مردفين: أي متتابعين بعضهم ردف بعض أي متلاحقين. وما جعله الله إلا بشرى: أي الإمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر. إذ يغشيكم النعاس: أي يغطيكم به والنعاس: نوم خفيف جداً. أمنة: أي أمناً من الخوف الذي أصابكم لقلتكم وكثرة عدوكم. منه: أي من الله تعالى. رجز الشيطان: وسواسه لكم بما يؤلمكم ويحزنكم. وليربط على قلوبكم: أي يشد عليها بالصبر واليقين. ويثبت به الأقدام: اي بالمطر أقدامكم حتى لا تسوخ في الرمال. الرعب: الخوف والفزع. فاضربوا كل بنان: أي أطراف اليدين والرجلين حتى يعوقهم عن الضرب والمشي. شاقوا الله ورسوله: أي خالفوه في مراده منهم فلم يطيعوه وخالفوا رسوله. ذلكم فذوقوه: أي العذاب فذوقوه. عذاب النار: أي في الآخرة. معنى الآيات: ما زال السياق في أحداث غزوة بدر، وبيان منن الله تعالى على رسوله والمؤمنين إذ يقول تعالى لرسوله ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ أي اذكر يا رسولنا حالكم لما كنتم خائفين لقلتكم وكثرة عدوكم فاستغثتم ربكم قائلين: اللهم نصرك، اللهم أنجز لي ما وعدتني ﴿فَٱسْتَجابَ لَكُمْ أنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ أي متتالين يتبع بعضهم بعضاً ﴿وما جَعَلَهُ ٱللَّهُ إلاَّ بُشْرىٰ﴾ أي لم يجعل ذلك الإمداد إلا مجرد بشرى لكم بالنصر على عدوكم ﴿ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ أي تسكن ويذهب منها القلق والاضطراب، أما النصر فمن عند الله، ﴿إنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ عزيز غالب لا يحال بينه وبين ما يريده، حكيم بنصر من هو أهل للنصر، هذه نعمة، وثانية: اذكروا ﴿إذْ يُغَشِّيكُمُ﴾ ربكم ﴿ٱلنُّعاسَ أمَنَةً مِّنْهُ﴾ أي أماناً منه تعالى لكم فإن العبد إذا خامره النعاس هدأ وسكن وذهب الخوف منه، وثبت في ميدان المعركة لا يفر ولا يرهب ولا يهرب، ﴿ويُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ويُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطانِ﴾ وهذه نعمة أخرى، فقد كانت الأرض رملية تسوح فيها أقدامهم لا يستطيعون عليها كراً ولا فراً، وقل ماؤهم فصاروا ظماء عطاشاً، محدثين، لا يجدون ما يشربون ولا ما يتطهرون به من أحداثهم ووسوس الشيطان لبعضهم بمثل قوله: تقاتلون محدثين كيف تنصرون، تقاتلون وأنتم عطاش وعدوكم ريان إلى أمثال هذه الوسوسة، فأنزل الله تعالى على معسكرهم خاصة مطراً غزيراً شربوا وتطهروا وتلبدت به التربة فأصبحت صالحة للقتال عليها، هذا معنى قوله تعالى ﴿ويُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ويُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطانِ﴾ أي وسواسه ﴿ولِيَرْبِطَ عَلىٰ قُلُوبِكُمْ﴾ أي يشد عليها بما أفرغ عليها من الصبر وما جعل فيها من اليقين لها ﴿ويُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدامَ﴾ ونعمة أخرى واذكر ﴿إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ﴾ بتأييدي ونصري ﴿فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي قولوا لهم من الكلام تشجيعاً لهم ما يجعلهم يثبتون في المعركة ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ﴾ أي الخوف أيها المؤمنين ﴿فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْناقِ﴾ أي اضربوا المذابح ﴿وٱضْرِبُواْ مِنهُمْ كُلَّ بَنانٍ﴾ أي أطراف اليدين والرجلين حتى لا يستطيعوا ضرباً بالسيف، ولا فراراً بالأرجل وقوله تعالى ﴿ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ أي عادوهما وحاربوهما ﴿ومَن يُشاقِقِ ٱللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ ينتقم منه ويبطش به ﴿فَإنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقابِ﴾، وقوله تعالى ﴿ٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ﴾ أي ذلكم العذاب القتل والهزيمة فذوقوه في الدنيا وأما الآخرة فلكم فيها عذاب النار. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- مشروعية الاستغاثة بالله تعالى وهي عبادة فلا يصح أن يستغاث بغير الله تعالى. ٢- تقرير عقيدة أن الملائكة عباد لله يسخرهم في فعل ما يشاء، وقد سخرهم للقتال مع المؤمنين فقاتلوا، ونصروا وثبتوا وذلك بأمر الله تعالى لهم بذلك. ٣- تعداد نعم الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر وهي كثيرة. ٤- مشاقة الله ورسوله كفر يستوجب صاحبها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. ٥- تعليم الله تعالى عباده كيف يقاتلون ويضربون أعداءهم، وهذا شرف كبير للؤمنين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب