الباحث القرآني

شرح الكلمات: لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق إلا الله. النبي الامي: المنبىء عن الله والمنبأ من قبل الله تعالى، والأمي الذي لم يقرأ ولم يكتب. نسبة إلى الأم كأنه ما زال لم يفارق أمه فلم يتعلم بعد. يؤمن بالله وكلماته: الذي يؤمن بالله ربا وإلهاً، وبكلماته التشريعية والكونية القدرية. تهتدون: ترشدون إلى طريق كمالكم وسعادتكم في الحياتين. أمة يهدون بالحق: أي جماعة يهدون أنفسهم وغيرهم بالدين الحق وبه يعدلون في قضائهم وحكمهم على أنفسهم وعلى غيرهم انصافاً وعدلا لا جور ولا ظلم. أسباطاً: جمع سبط: وهو بمعنى القبيلة عند العرب. استسقاه قومه: أي طلبوا منه الماء لعطشهم. فانبجست: فانفجرت. المن والسلوى: المن: حلوى كالعسل تنزل على أوراق الأَشجار، والسلوى: طائر لذيذ لحمه. اسكنوا هذه القرية: هي حاضرة فلسطين. وقوله «حطة»: أي احطط عنا خطايانا بمعنى الإعلان عن توبتهم. رجزاً من السماء: أي عذاباً من عند الله تعالى. معنى الآيات: بعد الإشادة بالنبي الأمي وبأمته، وقصر الفلاح في الدارين على الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه قد يظن ظان أن هذا النبي شأنه شأن سائر الأنبياء قبله هو نبي قومه خاصة وما ذكر من الكمال لا يتعدى قومه فرفع هذا الوهم بهذه الآية [١٥٨] حيث أمر الله تعالى رسوله أن يعلن عن عموم رسالته بما لا مجال للشك فيه فقال ﴿قُلْ يٰأيُّها ٱلنّاسُ إنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ وقوله ﴿ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ﴾ وصف لله تعالى وقوله ﴿لاۤ إلَٰهَ إلاَّ هُوَ﴾ تقرير لألوهية الله تعالى بعد ذكر قدرته وسلطانه وملكه وتدبيره لذا وجب أن لا يكون معبود إلا هو وهو كذلك إذ كل معبود غيره هو معبود عن جهل وعناد وظلم. وقوله ﴿فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ ورَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ﴾ أمر الإله الحق إلى الناس كافة بالإيمان به تعالى رباً وإلهاً، وبرسوله النبي الأمي نبياً ورسولاً، وقوله ﴿ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وكَلِماتِهِ﴾ صفة للنبي الأمي إذ من صفات النبي الأمي محمد ﷺ أنه يؤمن بالله حق الإيمان وأوفاه ويؤمن بكلماته أي بكلمات الرب التشريعية وهي آيات القرآن الكريم، والكونية التي يُكوِّن الله بها ما شاء من الأكوان إذ بها يقول للشيء كن فيكون كما قال لعيسى بتلك الكلمة كن فكان عيسى عليه السلام وقوله ﴿وٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ هذا أمر الله إلى الناس كافة بعد الأمر بالإيمان به وبرسوله النبي الأمي أمر باتباع نبيه محمد ﷺ رجاء هداية من يتبعه فيما جاء به فيهتدي إلى سبيل الفوز في الدارين هذا ما تضمنته الآية الأولى [١٥٨] أما الآية الثانية [١٥٩] فقد تضمنت الإخبار الإلهي بأن قوم موسى وإن ضلوا أو أجرموا وفسقوا ليس معنى ذلك أنه لم يكن فيهم أو بينهم من هم على هدى الله فهذه الآية كانت كالاحتراس من مثل هذا الفهم، إذ أخبر تعالى أن ﴿ومِن قَوْمِ مُوسىٰ أُمَّةٌ﴾ أي جماعة تكثر أو تقل ﴿يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ﴾ أي يعملون بالحق في عقائدهم وعباداتهم ويدعون إلى ذلك وبالحق يعدلون فيما بينهم وبين غيرهم فهم يعيشون على الإنصاف والعدل، ولم يذكر تعالى أين هم ولا متى كانوا هم؟ فلا يبحث ذلك، إذ لا فائدة فيه، ثم عاد السياق إلى قوم موسى يذكر احداثهم للعظة والاعتبار وتقرير الحق في توحيد الله تعالى وإثبات نبوة رسوله وتقرير عقيدة البعث والجزاء أو اليوم الآخر فقال تعالى في الآية الثالثة [١٦٠] ﴿وقَطَّعْناهُمُ﴾ أي بني إسرائيل ﴿ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ أسْباطاً أُمَماً﴾ أصل السبط ابن البنت وأريد به هنا أولاد كل سبط من أولاد يعقوب عليه السلام، فالأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب كل قبيلة تنتسب إلى أبيها الأول، وأتت لفظ اثنتي عشرة لأن معنى الأسباط الفرق والفرقة مؤنثة، وقوله: ﴿وأَوْحَيْنَآ إلىٰ مُوسىٰ إذِ ٱسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ﴾ أعلمناه بطريق الوحي وهو الإعلام الخفي السريع، ومعنى ﴿ٱسْتَسْقاهُ﴾ طلبوا منه السقيا لأنهم عطشوا لقلة الماء في صحراء سينا. ﴿أنِ ٱضْرِب بِّعَصاكَ ٱلْحَجَرَ﴾ هذا الموحى به، فضرب ﴿فَٱنبَجَسَتْ﴾ أي انفجرت ﴿مِنهُ ٱثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ ليشرب كل سبط من عينه الخاصة حتى لا يقع اصطدام أو تدافع فينجم عنه الأذى وقوله تعالى ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَّشْرَبَهُمْ﴾ يريد عرف كل جماعة ماءهم الخاص بهم وقوله تعالى ﴿وظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمامَ وأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وٱلسَّلْوىٰ﴾ هذا ذكر لإنعامه تعالى على بني إسرائيل وهم في معية موسى وهارون في حادثة التيه، حيث أرسل تعالى الغمام وهو سحاب أبيض بارد يظلهم من الشمس حتى لا تلفحهم، وأنزل عليهم المن وهي حلوى كالعسل سقط ليلاً كالطل على الأشجار، وسخر لهم طائراً لذيذ اللحم يقال له السلوى وهو طائر السماني المعروف وقلنا لهم ﴿كُلُواْ مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾ وقوله تعالى ﴿وما ظَلَمُونا﴾ بتمردهم على أنبيائهم وعدم طاعتهم لربهم حتى نزل بهم ما نزل من البلاء، ﴿ولَٰكِن كانُوۤاْ أنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. هذا ما دلت عليه الآية الثانية أما الآية الثالثة [١٦١] فقد تضمنت حادثة بعد أحداث التيه في صحراء سيناء وذلك أن يوشع بن نون بعد أن تولى قيادة بني إسرائيل بعد وفاة موسى وهارون وانقضاء مدة التيه وكانت أربعين سنة غزا يوشع ببني إسرائيل العمالقة في أرض القدس وفتح الله تعالى عليه فقال لبني إسرائيل ادخلوا باب المدينة ساجدين أي منحنين خضوعاً لله وشكراً على نعمة الفتح بعد النصر والنجاة من التيه، وقوله أثناء دخولكم الباب كلمة «حطة» الدالة على توبتكم واستغفاركم ربكم لذنوبكم فإن الله تعالى يغفر لكم خطئياتكم، وسيزيد الله المحسنين منكم الإنعام والخير الكثير مع رضاه عنكم وإدخالكم الجنة، هذا معنى قول تعالى ﴿وإذْ قِيلَ لَهُمُ ٱسْكُنُواْ هَٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ﴾ أي مدينة فلسطين ﴿وكُلُواْ مِنها حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ لما فيها من الخيرات ﴿وقُولُواْ حِطَّةٌ وٱدْخُلُواْ ٱلْبابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيۤئاتِكُمْ سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ﴾. أما الآية الرابعة [١٦٢] فهي قد تضمنت الإخبار عن الذين ظلموا من بني إسرائيل الذين أمروا بدخول القرية ودخول الباب سجداً. حيث بدلوا ﴿قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ فبدل حطة قالوا حنطة، وبدل الدخول منحنين ساجدين دخلوا يزحفون على أستاههم، فلما رأى تعالى ذلك التمرد والعصيان وعدم الشكران أنزل عليهم وباء من السماء كاد يقضي على آخرهم هذا معنى قوله تعالى ﴿فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِما كانُواْ يَظْلِمُونَ﴾. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- عموم رسالة النبي محمد ﷺ لكافة الناس عربهم وعجمهم أبيضهم وأصفرهم. ٢- هداية الإنسان فرداً أو جماعة أو أمة إلى الكمال والإسعاد متوقفة على اتباع النبي محمد ﷺ. ٣- إنصاف القرآن للأمم والجماعات فقد صرح أن في بني إسرائيل أمة قائمة على الحق، وذلك بعد فساد بني إسرائيل، وقبل مبعث النبي الخاتم أما بعد البعثة المحمدية فلم يبق أحد على الحق، إلا من آمن به واتبعه لنسخ سائر الشرائع بشريعته. ٤- إذا أنعم الله على عبد أو أمة نعمة ثم لم يشكرها تسلب منه أحب أم كره وكائناً من كان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب