الباحث القرآني

شرح الكلمات: لم تحرم ما أحل الله لك: أي لم تحرم جاريتك مارية التي أحلها الله لك. تبتغي مرضات أزواجك: أي بتحريمها. قد فرض لكم تحلة أيمانكم: أي شرع لكم تحليلها بالكفارة المذكورة في سورة المائدة. وإذْ أسرَّ النبي إلى بعض أزواجه: هي حفصة بنت عمر رضي الله عنهما. حديثا: هو تحريم مارية وقوله لها لا تفشيه. فلما نبأت به: أي نبأت حفصة عائشة أي أختبرها به ظناً منها أنه لا حرج في ذلك باجتهادٍ. وأظهره الله عليه: أي أطلعه عليه أي على المنبأ به. عرف بعضه: أي لحفصة. وأعرض عن بعض: أي تكرما منه ﷺ. إن تتوبا إلى الله: أي حفصة وعائشة رضي الله عنهما تقبل توبتكما. فقد صغت قلوبكما: أي مالت إلى تحريم مارية أي سرَّكما ذلك. وإن تظاهرا عليه: أي تتعاونا أي على النبي ﷺ فيما يكرهه. فإن الله هو مولاه: أي ناصره. وصالح المؤمنين: أي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. والملائكة بعد ذلك ظهير: أي ظُهراء وأعوان له. قانتات: أي عابدات. سائحات: أي صائمات أو مهاجرات. معنى الآيات: قوله تعالى: ﴿يٰأيُّها ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أزْواجِكَ وٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ في هذا عتاب من الله تعالى لرسوله ﷺ إذ حرم جاريته مارية ترضية وذلك أنه ﷺ خلا بها في بيت إحدى نسائه فاطلعت عليه فقالت يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها أي مارية عليه حراماً ترضية لصاحبة الحجرة والفراش. فأنزل الله تعالى هذه الآيات مشتملة على هذه القصة فقال تعالى: ﴿يٰأيُّها ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ﴾ يعني جاريته مارية القبطية أم إبراهيم. ﴿تَبْتَغِي مَرْضاتَ أزْواجِكَ﴾ أي تطلب رضاهن ﴿وٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ بك فلا لوم عليك بعد هذا ولا عتاب فجاريتك لا تحرم عليك وكفر عن يمينك. إذ قال لها هي عليّ حرام ووالله لا أطؤها. وقوله تعالى ﴿قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أيْمانِكُمْ﴾ أي ما تتحللون به من أيمانكم إذا حلفتم وهي ما جاء في سورة المائدة من قوله تعالى ﴿فَكَفّارَتُهُ إطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِن أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ أوْ كِسْوَتُهُمْ أوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ ذٰلِكَ كَفّارَةُ أيْمانِكُمْ إذا حَلَفْتُمْ﴾ [الآية: ٨٩] وقوله تعالى ﴿وٱللَّهُ مَوْلاكُمْ﴾ أي متولي أمركم وناصركم. وهو العليم بأحوال عباده الحكيم في قضائه وتدبيره لخلقه. وقوله تعالى ﴿وإذْ أسَرَّ ٱلنَّبِيُّ﴾ أي أُذكر إذ أسر النبي لبعض أزواجه حديثاً وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنهما إذ قال لها لقد حرمت فلانة ووالله لا أطأها وطلب منها أن لا تفشي هذا السر. فحدثت به عائشة وكانت متصافية معها توادها. فأطلع الله تعالى رسوله على ذلك. فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه لحفصة وأعرض عن بعض تكرماً منه ﷺ. قالت أي حفصة من أنبأك هذا؟ قال نبأني العليم الخبير. وقوله: إن تتوبا الى الله أي حفصة وعائشة فقد صغت قلوبكما أي مالت إلى تحريم مارية أي سركما ذلك. وجواب الشرط تقديره تقبل توبتكما. وقوله تعالى: ﴿وإن تَظاهَرا عَلَيْهِ﴾ أي تتعاونا عليه ﷺ فيما يكرهه، فإن تعاونكما يا حفصة وعائشة رضي الله عنكما لن يضره شيئاً فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين أبوبكر وعمر، والملائكة بعد ذلك ظهير له أي ظهراء وأعوان له عن كل من يؤذيه أو يريده بسوء. وقوله تعالى ﴿عَسىٰ رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزْواجاً خَيْراً مِّنكُنَّ﴾، وفي هذا تخويف شديد لأمهات المؤمنين وتأديب رباني كبير لهن إذ وعد رسوله أنه لو طلقهن لأبدله خيراً منهن ﴿مُسْلِماتٍ مُّؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ﴾ أي صائمات أو مهاجرات، ﴿ثَيِّباتٍ وأَبْكاراً﴾ أي بعضهن ثيبات وبعضهن أبكاراً إلا أن الرسول ﷺ لم يطلقهن والله تعالى لم يبدله فهن زوجاته في الدنيا زوجاته في الآخرة هذا وأنبه إلى أن خلافاً كبيراً بين أهل التفسير في الذي حرمه رسول الله ﷺ على نفسه وعاتبه ربه عليه. وأحله الله له هل هو شراب كان يحبه، أو هو جاريته مارية ومن الجائز أن يكون غير ما ذكر، لأن الله تعالى لم يذكر نوع ما حرم رسوله على نفسه، وإنما قال لم تحرم ما أحل الله لك. والجمهور على أن المحرم مارية، وفي البخاري أنه العسل والله أعلم فلذا أستغفر الله تعالى أن أكون قد قلت عليه أو على رسوله ما لا يرضيهما أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله إن ربي غفور رحيم. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- تقرير نبوته ﷺ وبشريته الكاملة. ٢- أخذ الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى من هذه الآية أن من قال لزوجته أنت حرام أو حرمتك وهو لم ينو طلاقها أن عليه كفارة يمين لا غير، وذكر القرطبي في هذه المسألة ثمانية عشر قولاً للفقهاء أشدها البتة وأرفقها أن فيها كفارة يمين كما هو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى. ٣- كرامة الرسول ﷺ على ربه. ٤- فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب