الباحث القرآني

شرح الكلمات: اتل: اقرأ. من إملاق: من فقر. الفواحش: جمع فاحشة كل ما قبح واشتد قبحه كالزنى والبخل. حرم الله: أي حرم قتلها وهي كل نفس إلا نفس الكافر المحارب. إلا بالحق: وهو النفس بالنفس وزنى المحصن، والردة. بالتي هي أحسن: أي بالخصلة التي هي أحسن. أشده: الإحتلام مع سلامة العقل. بالقسط: أي بالعدل. إلا وسعها: طاقتها وما تتسع له. تذكرون: تذكرون فتتعظون. السبل: جمع سبيل وهي الطريق. معنى الآيات: ما زال السياق في إبطال باطل العادلين بربهم المتخذين له شركاء الذين يحرمون بأهوائهم ما لم يحرمه الله تعالى عليهم فقد أمر تعالى رسوله في هذه الآيات الثلاث أن يقول لهم: ﴿تَعالَوْاْ أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ لا ما حرمتموه أنتم بأهوائكم وزينه لكم شركاؤكم. ففي الآية الأولى جاء تحريم خمسة أمور وهي: الشرك، وعقوق الوالدين، وقتل الأولاد، وارتكاب الفواحش، وقتل النفس فقال تعالى: ﴿قُلْ تَعالَوْاْ أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ألاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً﴾ فأن تفسيرية، ولا ناهية وهذا أول محرم وهو الشرك بالله تعالى، ﴿وبِٱلْوالِدَيْنِ إحْساناً﴾، وهذا أمر إذ التقدير وأحسنوا بالوالدين إحساناً، والأمر بالشيء نهي عن ضده فالأمر بالإحسان يقتضي تحريم الإساءة والإساءة إلى الوالدين هي عقوقهما، فكان عقوق الوالدين محرماً داخلاً ضمن المحرمات المذكورة في هذه الآيات الثلاث. ﴿ولا تَقْتُلُوۤاْ أوْلادَكُمْ مِّنْ إمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإيّاهُمْ﴾ فهذا المحرم الثالث وهو قتل الأولاد من الإملاق الذي هو الفقر وهذا السبب غير معتبر إذ لا يجوز قتل الأولاد بحال من الأحوال وإنما ذكر لأن المشركين كانوا يقتلون أطفالهم لأجله وقوله تعالى ﴿نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإيّاهُمْ﴾ تعليل للنهي عن قتل الأولاد من الفقر إذ ما دام الله تعالى يرزقكم أنتم أيها الآباء ويرزق أبناءكم فلم تقتلونهم؟ وفي الجملة بشارة للأب الفقير بأن الله تعالى سيرزقه هو وأطفاله فليصبر وليرج، ولا يقتل أطفاله. وقوله تعالى ﴿ولا تَقْرَبُواْ ٱلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ﴾. هذا الأمر الرابع مما حرم الله تعالى، وهو فعل الفاحشة التي هي الزنى وسواء ما كان منه ظاهراً أو باطناً والتحريم شامل لكل خصلة قبيحة قد اشتد قبحها وفحش فأصبح فاحشة قولاً كانت أو فعلاً أو اعتقاداً، وقوله: ﴿ولا تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إلاَّ بِٱلْحَقِّ﴾ هذا هو المحرم الخامس وهو قتل النفس التي حرم الله قتلها وهي كل نفس ما عدا نفس المحارب فإنها مباحة للقتل، الحق الذي تقتل به النفس المحرمة واحد من ثلاثة وهي القود والقصاص فمن قتل نفساً متعمداً جاز قتله بها قصاصاً. والزنى بعد الإحصان فمن زنى وهو محصن وجب قتله رجماً بالحجارة كفارة له، والردة عن الإسلام، وقد بينت هذه الحقوق السنة فقد قال ﷺ في الصحيح: «لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة» وقوله تعالى في ختام الآية ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أي ليعدكم بترك هذه المحرمات الخمس لأن تكونوا في عداد العقلاء، لأن من يشرك بربه صنماً أو يسيء إلى أبويه أو يقتل أولاده أو يفجر بنساء الناس أو يقتلهم، لا يعتبر عاقلاً أبداً إذ لو كان له عقل ما أقدم على هذه العظائم من الذنوب والآثام. وفي الآية الثانية وهي قوله تعالى ﴿ولا تَقْرَبُواْ مالَ ٱلْيَتِيمِ إلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أحْسَنُ حَتّىٰ يَبْلُغَ أشُدَّهُ وأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وٱلْمِيزانَ بِٱلْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسْعَها وإذا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ ولَوْ كانَ ذا قُرْبىٰ وبِعَهْدِ ٱللَّهِ أوْفُواْ ذٰلِكُمْ وصَّٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ ففي هذه الآية جاء تحريم أربعة أمور هي: أكل مال اليتيم، والتطفيف في الوزن، والجور في الأقوال والأحكام، ونكث العهد. فقوله تعالى: ﴿ولا تَقْرَبُواْ مالَ ٱلْيَتِيمِ﴾ أي بما ينقصه أو يفسده إلا بالحالة التي هي أحسن له نماءً وحفظاً وقوله ﴿حَتّىٰ يَبْلُغَ أشُدَّهُ﴾ بيان لزمن اليتم وهو من ولادته وموت والده إلى أن يبلغ زمن الأشد وهو البلوغ، والبلوغ يعرف بالاحتلام أو نبات شعر العانة، وفي الجارية بالحيض أو الحمل، وببلوغ الثامنة عشرة من العمر وعلى شرط أن يبلغ اليتيم عاقلاً فإن كان غير عاقل يبقى في كفالة كافله، وقوله تعالى: ﴿وأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وٱلْمِيزانَ بِٱلْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسْعَها﴾ أمر بتوفية الكيل والوزن، والأمر بالشيء نهي عن ضده، وبذا حرم بخس الكيل والوزن والتطفيف فيهما وقوله ﴿بِٱلْقِسْطِ﴾ أي بالعدل بحيث لا يزيد ولا ينقص، وقوله ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسْعَها﴾ أي طاقتها رفعاً للحرج عن المسلم في الكيل والوزن إذا هو نقص أو زاد بغير عمد ولا تساهل. وقوله تعالى ﴿وإذا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ ولَوْ كانَ ذا قُرْبىٰ﴾ هذا المحرم الثالث وهو قول الزور وشهادة الزور، إذ الأمر بالعدل في القول ولو كان المقول له أو فيه قريباً نهى عن ضده وهو الجور في القول. وقوله تعالى ﴿وبِعَهْدِ ٱللَّهِ أوْفُواْ﴾ متضمن للمحرم الرابع وهو نكث العهد وخلف الوعد، إذ الأمر بالوفاء بالعهود نْهيٌ عن نكثها وعدم الوفاء بها، وقوله تعالى ﴿ذٰلِكُمْ وصَّٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ إشارة إلى ما تضمنته هذه الآية الثانية مما حرم تعالى على عباده، وقوله ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أي ليعدكم بذلك لأن تذكروا فتتعظوا فتجتنبوا ما حرم عليكم. وقوله تعالى: ﴿وأَنَّ هَٰذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ هذه هي الآية الثالثة من آيات الوصايا العشر وقد تضمنت. الأمر بالتزام الإسلام عقائداً وعبادات وأحكاماً وأخلاقاً وآداباً، كما تضمنت النهي عن اتباع غيره من سائر الملل والنحل المعبر عنها بالسبل، وما دام الأمر بالتزام الإسلام يتضمن النهي عن ترك الإسلام فقد تضمنت الآية تحريماً ألا وهو ترك الإسلام واتباع غيره هذا الذي حرم الله تعالى على عباده لا ما حرمه المشركون بأهوائهم وتزيين شركائهم قوله تعالى: ﴿ذٰلِكُمْ وصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ إشارة إلى التزام الإسلام وترك ما عداه ليعدكم بذلك للتقوى وهي إتقاء غضب الرب تعالى وعذابه. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- هذه الوصايا العشر عليها مدار الإسلام وسعادة الإنسان في الدارين كان عبد الله بن مسعود يقول فيها " من سره أن ينظر إلى وصية رسول الله التي عليها خاتمه فليقرأ الآيات الثلاث من آخر سورة الأنعام: ﴿قُلْ تَعالَوْاْ.... تَتَّقُونَ﴾. ٢- حرمة الشرك وحقوق الوالدين وقتل الأولاد والزنى واللواط وكل قبيح من قول أو عمل أو اعتقاد وقتل النفس إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وبخس الكيل والوزن، وقول الزور وشهادة الزور، ونكث العهد وخلف الوعد. والردة عن الإسلام، واتباع المذاهب الباطلة والطرق الضالة. ٣- كمال العقل باجتناب المحرمات الخمس الأولى. ٤- الحصول على ملكة المراقبة باجتناب المحرمات الأربع الثانية. ٥- النجاة من النار والخزي والعار في الدارين بالتزام الإسلام حتى الموت والبراءة من غيره من سائر المذاهب والملل والطَرق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب