الباحث القرآني

شرح الكلمات: مما ذرأ: مما خلَقَ. من الحرث والأنعام: الحرث كل ما يحرث له الأرض من الزروع، والأنعام: الإبل والبقر والغنم. نصيباً: حظاً وقدراً معيناً. لشركائنا: شركاؤهم أوثانهم التي أشركوها في عبادة الخالق عز وجل. ساء ما يحكمون: قبح حكمهم في ذلك إذ آثروا أوثانهم على الله. ليردوهم: اللام لام العاقبة ومعنى يردوهم: يهلكوهم. وليلبسوا: ليخلطوا عليهم دينهم. حجر: أي ممنوعة على غير من لم يأذنوا له في أكلها. حرمت ظهورها: أي لا يركبونها ولا يحملون عليها. افتراء على الله: أي كذباً على الله عز وجل. على أزواجنا: أي إناثنا. وإن يكن ميتة: أي إن ولد ما في بطن الحيوان ميتاً فهم شركاء الذكور والإناث سواء. سفهاً بغير بعلم: حمقاً وطيشاً وعدم رشد وذلك لجهلهم. معنى الآيات: ما زال السياق في التنديد بأفعال العادلين بربهم أصنامهم وأوثانهم فأخبر تعالى عما كانوا يبتدعونه من البدع ويشرعون من الشرائع بدون علم ولا هدى ولا ولا كتاب مبين فقال تعالى عنهم ﴿وجَعَلُواْ للَّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً﴾ أي جعل أولئك العادلون بربهم لله تعالى مما خلق من الزرع والأنعام نصيباً أي قسماً كما جعلوا للآلهة التي يؤلهونها مع الله سبحانه وتعالى نصيباً، ﴿فَقالُواْ هَٰذا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهَٰذا لِشُرَكَآئِنا﴾. وقوله تعالى: ﴿بِزَعْمِهِمْ﴾ لأنه سبحانه وتعالى ما طلب منهم ذلك ولا شرعه لهم وإنما هم يكذبون على الله تعالى ثم إذا أنبت أو أنتج ما جعلوه لله، ولم ينبت أو ينتج ما جعلوه للشركاء حولوه إلى الشركاء بدعوى أنها فقيرة وأن الله غني، وإذا حصل العكس لم يحولوا ما جعلوه للآلهة لله بنفس الحجة وهي أن الشركاء فقراء، والله غني. هذا معنى قوله تعالى: ﴿فَما كانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلا يَصِلُ إلىٰ ٱللَّهِ وما كانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إلىٰ شُرَكَآئِهِمْ﴾ وهو تحيز ممقوت وتحكم فاسد فلذا قبح تعالى ذلك عليهم فقال ﴿سَآءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ أي بئس الحكم حكمهم هذا وقبح صنيعاً، صنيعهم هذا، وما جعلوه لله ينفقون على الضيفان والفقراء، وما جعلوه للشركاء ينفقونه على السدنة والمقيمين على الأصنام والأوثان. هذا ما دلت عليه الآية الأولى أما الثانية [١٣٧] وهي قوله تعالى ﴿وكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ﴾ يريد وكذلك التحكم الباطل والإدعاء الكاذب في جعل لله شيئاً مما ذرأ من الحرث والأنعام، ثم عدم العدل بين الله تعالى وبين شركائهم زين لكثير من المشركين شركاؤهم وهم شياطينهم من الجن والإنس قتل أولادهم كالمؤودة من البنات خوف العار، وكقتل الأولاد الصغار خوف الفقر، أو لنذرها للآلهة، وفعل الشياطين ذلك من أجل أن يردوهم أي يهلكوهم، ويلبسوا عليهم دينهم الحق أن يخلطوه لهم بالشرك، وهو معنى قوله تعالى ﴿لِيُرْدُوهُمْ ولِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿ولَوْ شَآءَ ٱللَّهُ ما فَعَلُوهُ﴾ هو كما قال إذ لو أراد تعالى منعهم من ذلك لمنعهم وهو على كل شيء قدير، إذاً فذرهم أيها الرسول وما يفترون من الكذب في هذا التشريع الجاهلي الباطل القبيح. هذا ما دلت عيه الآية الثانية أما الثالثة [١٣٨] وهي قوله تعالى: ﴿وقالُواْ هَٰذِهِ أنْعَٰمٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْها ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ﴾. فقد تضمنت هذه الآية ثلاثة ضروب من تشريع الجاهلية وأباطيلهم. الأول: تحريمهم بعض الأنعام والحرث وجعلها لله وللآلهة التي يعبدونها مع الله. الثاني: أنعام أي إبل حرموا ركوبها كالسائبة والحام. الثالثة: إبلٌ لا يذكرون اسم الله عليها فلا يحجون عليها ولا يذكرون اسم الله عليها إن ركبوها بحال ولا إن حملوا عليها. وقوله تعالى في ختام الآية ﴿ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ﴾ أي كذباً على الله تعالى لأنه تعالى ما حرم ذلك عليهم وإنما حرموه هم بأنفسهم وقالوا حرمه الله علينا، ولذا توعدهم الله تعالى على كذبهم هذا بقوله: ﴿سَيَجْزِيهِم بِما كانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ أي سيثيبهم الثواب الملائم لكذبهم وهو العذاب الأخروي. هذا ما دلت عليه الآية الثالثة أما الآية الرابعة [١٣٩] ﴿وقالُواْ ما فِي بُطُونِ هَٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خالِصَةٌ لِّذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ عَلىٰ أزْوَٰجِنا وإن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ﴾ فقد تضمنت تشريعاً آخر باطلاً اختلقوه بأنفسهم وزعموا أن الله شرعه لهم وهو أنهم حرموا ما في بطون بعض الأنعام على الإناث، وجعلوها حلالاً للذكور خالصة لهم دون النساء فلا يشرب النساء من ألبانها ولا يأكلن لحوم أجنتها إن ذبحوها ولا ينتفعن بها بحال، اللهم إلا أن ولد الجنين ميتاً فإنهم لا يحرمونه على النساء ولا يخصون به الذكور فيحل أكله للنساء والرجال معاً، ولذا توعدهم تعالى بقوله ﴿سَيَجْزِيهِمْ وصْفَهُمْ إنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ أي سيثيبهم على هذا الكذب بما يستحقون من العذاب إنه حكيم في قضائه عليم بعباده. هذا ما دلت عليه الآية الرابعة أما الخامسة [١٤٠] فقد أخبر تعالى بخسران أولئك المشرعين وضلالهم وعدم هدايتهم بقوله ﴿قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً﴾ أي جهلاً ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ وحَرَّمُواْ ما رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ﴾ مما سبق ذكره ﴿ٱفْتِرَآءً عَلى ٱللَّهِ﴾ كذباً ﴿قَدْ ضَلُّواْ وما كانُواْ مُهْتَدِينَ﴾. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- حرمة الابتداع في الدين والتشريع المنافي لشرع الله تعالى وإن لم ينسب إلى الله تعالى. ٢- ما ينذره الجهال اليوم من نذور للأولياء وإعطائهم شيئاً من الأنعام والحرث والشجر هو من عمل المشركين زينه الشيطان لجهال المسلمين. ٣- حرمة قتل النفس لأي سبب كان وتحديد النسل اليوم وإلزام الأمة به من بعض الحكام من عمل أهل الجاهلية الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم كقتل البنات خشية العار والأولاد خشية الفقر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب