الباحث القرآني

شرح الكلمات: آمنوا بالله ورسوله: أي صدقوا بالله ورسوله يا من لم تؤمنوا بعد واثبتوا على إيمانكم يا من آمنتم قبل. وأنفقوا: أي وتصدقوا في سبيل الله. مما جعلكم مستخلفين فيه: أي من المال الذي استخلفكم الله فيه إذ هو مال من قبلكم وسيكون لمن بعدكم. فالذين آمنوا منكم وأنفقوا: أى صدقوا بالله ورسوله وتصدقوا بأموالهم المستخلفين فيها. لهم أجر كبير: أي ثواب عظيم عند الله وهو الجنة. وما لكم لا تؤمنون بالله؟: أي أي شيء يمنعكم من الإيمان. والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم: أي والحال أن الرسول بنفسِه يدعوكم لتؤمنوا بربكم. وقد أخذ ميثاقكم: أي على الإيمان به وأنتم في عالم الذر حيث أشهدكم فشهدتم. إن كنتم مؤمنين: أي مريدين الإيمان فلا تترددوا وآمنوا وأسلموا تنجوا وتسعدوا. هو الذي ينزل على عبده: أي هو الله ربكم الذي يدعوكم رسوله لتؤمنوا به ينزل على عبده محمد ﷺ. آيات بينات: هي آيات القرآن الكريم الواضحات المعاني البينات الدلالة. ليخرجكم من الظلمات إلى النور: أي ليخرجكم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم. وإن الله بكم لرءوف رحيم: ويدلكم على ذلك إرسال رسوله إليكم وإنزال كتابه ليخرجكم من الظلمات إلى النور. وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله: أي أي شيء لكم في عدم الإنفاق في سبيل الله. ولله ميراث السماوات والأرض: أي ومن ذلك المال الذي بين أيديكم فهو عائد إلى الله فأنفقوه في سبيله يؤجركم عليه. وإلا فسيعود إليه بدون أجر لكم. من قبل الفتح وقاتل: أي لا يستوي مع من أنفق وقاتل بعد صلح الحديبية حيث عز الإسلام وكثر مال المسلمين. وكلاً وعد الله الحسنى: أي الجنة، والجنة درجات. من ذا الذي يقرض الله: أي بإنفاقه ماله في سبيل الله الذي هو الجهاد. قرضا حسنا: أي قرضا لا يريد به غير وجه الله تعالى. فيضاعفه له: أي الدرهم بسبعمائه درهم. وله أجر كريم: أي يوم القيامة وهو الجنة دار النعيم المقيم. معنى الآيات: بعد ذكر الأدلة والبراهين على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ووجوب عبادته وتوحيده فيها وتقرير البعث والجزاء يوم لقائه رحمة منه ورأفة بعباده أمرهم جميعا مؤمنيهم وكافريهم بالإيمان به وبرسوله محمد ﷺ فالمؤمنون مأمورون بزيادة الإيمان والثبات عليه والكافرون مأمورون بالإيمان والمبادرة إليه. وبما أن الآية نزلت بالمدينة بعد الهجرة وبعد صلح الحديبية فإن هذه الأوامر والتوجيهات الإلهية تشمل المؤمنين الصادقين والمنافقين الكاذبين في إيمانهم تشمل الراغبين في الإيمان في مكة وغيرها وهم يترددون في ذلك فوجه الخطاب إلى الجميع لهدايتهم ودخولهم في رحمة الله الإسلام بسرعة ودون تباطىء فقال تعالى ﴿آمِنُواْ بِٱللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ أي صدقوا بوحدانية الله ورسالة رسول الله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه من الأموال، ووجه الاستخلاف أن العبد يرث المال عمن سبقه ويموت ويتركه لمن بعده فلا يدفن معه في قبره. وقوله تعالى ﴿فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وأَنفَقُواْ لَهُمْ أجْرٌ كَبِيرٌ﴾ أي ثواب عظيم عند الله وهو الجنة والرضوان فيها. وهذا الإخبار يفيد تنشيط الهمم الفاترة والعزائم المترددة. وقوله: ﴿وما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وقَدْ أخَذَ مِيثاقَكُمْ إن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ أي أي شيء يجعلكم لا تؤمنون وفرص الإيمان كلها متاحة لكم فإيمانكم الفطري صارخ في نفوسكم إذ كل من سألكم: من خلقكم؟ من خلق العالم حولكم؟ سماء وأرضا تقولون الله. وأنتم في حَرَمِهِ وحِمى بيته والرسول الكريم بين أيديكم يدعوكم صباح مساء إلى الإيمان بربكم وقد أخذ الله ميثاقكم عليكم بأن تؤمنوا به وذلك يوم أخرجكم في صورة الذر من صلب آدم أبيكم وأشهدكم على أنفسكم فشهدتم. إذاً ما هذا التردد إن كنتم تريدون الإيمان فآمنوا قبل فوات الأوان. وقوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلىٰ عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾ أي إنكم تدعون إلى الإيمان بالله الذي ينزل على عبده ورسوله محمد ﷺ آيات واضحات المعاني بينات الدلائل كل ذلك ليخرجكم من الظلمات إلى النور من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم، فما لكم لا تؤمنون إذاً ما هذا التردد والتلكؤ يا عباد الله في الإيمان بالله وبرسول الله، وإن الله بكم لرءوف رحيم فاعرفوا هذا وآمنوا به ويدلكم على ذلك إنزاله الكتاب وإرساله الرسول وتوضيح الأدلة وإقامة الحجج والبراهين. وقوله: ﴿وما لَكُمْ ألاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ التي هي سبيل إسعادكم وإكمالكم بعد نجاتكم من العذاب في الحياتين مع العلم أن لله ميراث السماوات والأرض إذ ما بأيديكم هو لله هو واهبه لكم ومسترده منكم فلم لا تنفقون منه. وقوله تعالى ﴿لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وقاتَلَ﴾ أي صلح الحديبية لقول الله تعالى ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً﴾ [الفتح: ١] والمراد به صلح الحديبية. أي لا يستوون في الأجر والمثوبة مع من قاتل وأنفق بعد الفتح. قال تعالى ﴿أُوْلَٰئِكَ أعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أنفَقُواْ مِن بَعْدُ وقاتَلُواْ وكُلاًّ﴾ من الفريقين ﴿وعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنىٰ﴾ أي الجنة ﴿وٱللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ لا يخفى عليه إنفاقكم وقتالكم وعدمهما كما لا يخفى عليه نياتكم وما تخفون في نفوسكم فاحذروه وراقبوه خيراً لكم. وقوله تعالى ﴿مَّن ذا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ أي مخلصا فيه لله طيبة به نفسه ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ ربه في الدرهم سبعمائة درهم، ﴿ولَهُ أجْرٌ كَرِيمٌ﴾ ألا وهو الجنة دار السلام. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- وجوب الإيمان بالله ورسوله وتقويته. ٢- وجوب الإنفاق في سبيل الله من زكاة ونفقة جهاد وصدقة على الفقراء والمساكين. ٣- بيان لطف الله ورأفته ورحمته بعباده مما يستلزم محبته وطاعته وشكره. ٤- الإنفاق في المجاعات والشدائد والحرب أفضل منه في اليسر والعافية. ٥- الترغيب في الإنفاق في سبيل الله بمضاعفة الأجر حتى يكون الدينار بألف دينار عند الله تعالى وما عند الله خير وأبقى، وللآخرة خير من الأولى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب