الباحث القرآني

شرح الكلمات: لا تغلوا في دينكم: الغلو: الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد فيه فمثلاً أمرنا بغسل اليدين في الوضوء إلى المرفقين فغسلهما إلى الكتفين غلو أمرنا بتعظيم الرسول ﷺ فدعاؤه غلو في الدين. أهواء قوم قد ضلوا: جمع هوى، وصاحب الهوى هو الذي يعتقد ويقول ويعمل بما يهواه لا بما قامت به الحجة وأقره الدليل من دين الله تعالى. وأضلوا كثيراً: أي أضلوا عدداً كثيراً من الناس بأهوائهم وأباطيلهم. عن سواء السبيل: سواء السبيل: وسط الطريق العدل لا ميل فيه إلى اليمين ولا إلى اليسار. لعن: دعى عليهم باللعنة التي هي الإبعاد من الخير والرحمة وموجباتها. بما عصوا وكانوا يعتدون: أي بسبب عصيانهم لرسلهم، واعتدائهم في دينهم. لا يتناهون: أي لا ينهي بعضهم بعضاً عن ترك المنكر. لبئس ما كانوا يعملون: قبح عملهم من عمل وهو تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يتولون الذين كفروا: يوادونهم ويتعاونون معهم دون المؤمنين. ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي: أي لو كانوا صادقين في إيمانهم بالله والنبي محمد ﷺ ما اتخذوا المشركين في مكة والمدينة من المنافقين أولياء. معنى الآيات: ما زال السياق في الحديث عن أهل الكتاب يهوداً ونصارى فقال تعالى لنبيه محمد ﷺ ﴿قُلْ﴾ يا رسولنا: ﴿يَٰأهْلَ ٱلْكِتابِ﴾ والمراد بهم هنا النصارى ﴿لا تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ﴾، أي لا تتشددوا في غير ما هو حق شرعه الله تعالى لكم، فتبتدعون البدع وتتغالوا في التمسك بها والدفاع عنها، التشدد محمود في الحق الذي أمر الله به اعتقاداً وقولاً وعملاً لا في المحدثات الباطلة، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وهم اليهود إذ قالوا في عيسى وأمه بأهوائهم فقالوا في عيسى ساحر، وقالوا في أمه بغي وأضلوا كثيراً من الناس بأهوائهم المتولدة عن شهواتهم، وضلوا أي وهم اليوم ضالون بعيدون عن جادة الحق والعدل في عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم. هذا ما تضمنته الآية الأولى [٧٧] أما الآيات بعد فقد أخبر تعالى في الآية الثانية أن بني إسرائيل لعن منهم الذين كفروا على لسان كل من داود في الزبور، وعلى لسان عيسى بن مريم في الإنجيل وعلى لسان محمد ﷺ في القرآن فقال تعالى: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إسْرائِيلَ عَلىٰ لِسانِ داوُودَ﴾. فقد مسخ منهم طائفة قردة، ﴿وعِيسى ٱبْنِ مَرْيَمَ﴾ حيث مسخ منهم نفر خنازير كما لعنوا على لسان محمد ﷺ في غير آية من القرآن الكريم، وهذا اللعن الذي هو إبعاد من كل خير ورحمة ومن موجبات ذلك في الدنيا والآخرة سببه ما ذكر تعالى بقوله: ﴿ذٰلِكَ بِما عَصَوْا وَّكانُواْ يَعْتَدُونَ﴾. أي بسبب عصيانهم لله تعالى ورسله بترك الواجبات وفعل المحرمات، واعتدائهم في الدين بالغلو والابتداع، وبقتل الأنبياء والصالحين منهم: وأخبر تعالى في الآية الثالثة بذكر نوع عصيانهم واعتدائهم الذي لعنوا بسببه فقال: ﴿كانُواْ لا يَتَناهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ﴾ أي كانوا عندما استوجبوا اللعن يفعلون المنكر العظيم ولا ينهى بعضهم بعضاً كما أخبر النبي ﷺ في قوله: «» إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده «فلما فعلوا ذلك ضرب الله على قلوب بعضهم ببعض ثم قال ﷺ: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ - إلى قوله ﴿فاسِقُونَ﴾ ثم قال» كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ثم لتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه (تعطفنه) على الحق أطراً ولتقسرنه على الحق قسراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض بعضكم ثم يلعنكم كما لعنهم «» وفي آخر الآية قبح الله تعالى عملهم فقال: ﴿لَبِئْسَ ما كانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ ثم قال لرسوله ﷺ ﴿تَرىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ﴾ أي من اليهود في المدينة يتولون الذين كفروا يعني من المشركين والمنافقين في مكة والمدينة يصاحبونهم ويوادونهم وينصرونهم وهم يعلمون أنهم كفار تحرم موالاتهم في دينهم وكتابهم، ثم قبح تعالى عملهم فقال: ﴿لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أنفُسُهُمْ﴾ نتيجة ما حملتهم عليه من الشر والكفر والفساد، وهو سخط الله تعالى عليهم وخلودهم في العذاب من موتهم إلى مالا نهاية له فقال تعالى: ﴿لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أنفُسُهُمْ أن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وفِي ٱلْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ﴾ لا يخرجون منه أبداً. ثم زاد تعالى تقرير كفرهم وباطلهم وشرهم وفسادهم فقال: ﴿ولَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله﴾ كما يجب الإيمان به وبالنبي محمد وبما جاء به من الهدى ودين الحق وما أنزل إليه من القرآن والآيات البينات ما اتخذوا الكفار المشركين والمنافقين أولياء، ولكن علة ذلك أنهم فاسقون إلا قليلاً منهم، والفاسق عن أمر الله الخارج عن طاعته لا يقف في الفساد عند حد أبداً، هذا معنى قوله تعالى: ﴿ولَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وما أُنْزِلَ إلَيْهِ ما اتَّخَذُوهُمْ أوْلِيَآءَ ولَٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فاسِقُونَ﴾. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- حرمة الغلو والابتداع في الدين، واتباع أهل الأهواء. ٢- العصيان والاعتداء ينتجان لصاحبهما الحرمان والخسران. ٣- حرمة السكوت عن المنكر ووخامة عاقبته على المجتمع. ٤- حرمة موالاة أهل الكفر والشر والفساد. ٥- موالاة أهل الكفر بالمودة والنصرة دون المؤمنين آية الكفر وعلامته في صاحبه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب