الباحث القرآني

شرح الكلمات: لا يحزنك: الحزن ألم نفس يسببه خوف فوات محبوب. يسارعون في الكفر: بمعنى يسرعون فيه إذ ما خرجوا منه كلما سنحت فرصة للكفر أظهروه. قالوا آمنا بأفواههم: هؤلاء هم المنافقون. ومن الذين هادوا: أي اليهود. سماعون للكذب: أي كثيروا الاستماع للكذب. يحرفون الكلم: يبدلون الكلام ويغيرونه ليوافق أهواءهم. إذا أوتيتم هذا: أي أعطيتم. فتنته: أي ضلاله لما سبق له من موجبات الضلال. أن يطهر قلوبهم: من الكفر والنفاق. خزي: ذل. أكالون للسحت: كثيروا الأكل للحرام كالرشوة والربا. أو أعرض عنهم: أي لا تحكم بينهم. بالقسط: أي بالعدل. وما أولئك بالمؤمنين: أي صدقاً وحقاً وإن ادعوه نطقاً. معنى الآيات: قوله تعالى ﴿يٰأيُّها ٱلرَّسُولُ لا يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ..﴾ إلى قوله ﴿.. عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ في نهاية الآية نزل تسلية لرسول الله ﷺ وتخفيفاً مما كان يجده ﷺ من ألم نفسي من جراء ما يسمع ويرى من المنافقين واليهود فناداه ربه تعالى بعنوان الرسالة التي كذب بها المنافقون واليهود معاً: ﴿يٰأيُّها ٱلرَّسُولُ﴾ الحق، لينهاه عن الحزن الذي يضاعف ألمه: ﴿لا يَحْزُنكَ﴾ حال الذين ﴿يُسارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ﴾ بتكذيبك فإنه ما خرجوا من الكفر بل هم فيه منغمسون فإذا سمعت منهم قول الكفر لا تحفل به حتى لا يسبب لك حزناً في نفسك. ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ قالُوۤاْ آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ومِنَ ٱلَّذِينَ هادُواْ﴾ أي لا يحزنك كذلك حال اليهود الذين يكذبون بنبؤتك ويجحدون رسالتك، ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ سماعون ليهود آخرين لم يأتوك كيهود خيبر وفدك أي كثيروا السمع للكذب الذي يقوله أحبارهم لما فيه من الإساءة إليك سماعون لأهل قوم آخرين ينقلوبن إليهم أخبارك كوسائط وهم لم يأتوك وهم يهود خيبر إذ أوعزوا إليهم أن يسألوا لهم النبي ﷺ عن حد الزنى ﴿يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾، أي يغيرون حكم الله الذي تضمنه الكلام، يقولون لهم إن أفتاكم في الزانين المحصنين بالجلد والتحميم بالفحم فاقبلوا ذلك وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا قبول ذلك. هذا معنى قوله تعالى في هذه الآية ﴿يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَٰذا فَخُذُوهُ وإن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ﴾ وقال تعالى لرسوله، ﴿ومَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ﴾ إي إضلاله عن الحق لما اقترف من عظائم الذنوب وكبائر الآثام ﴿فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً﴾ إذا أراد الله إضلاله إذاً فلا يحزنك مسارعتهم في الكفر، ﴿أُوْلَٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ من الحسد والشرك والنفاق لسوابق الشر التي كانت لهم فحالت دون قبول الإيمان والحق، ﴿لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيا خِزْيٌ﴾ أي ذل وعار، ﴿ولَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ جزاء كفرهم وبغيهم. هذا ما دلت عليه الآية [٤١] أما الآية الثانية [٤٢] فقد تضمنت وصف أولئك اليهود بصفة كثرة استماع الكذب مضافاً إليه كثرة أكلهم للسحت وهو المال الحرام أشد حرمة كالرشوة والربا، فقال تعالى عنهم ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإن جَآءُوكَ..﴾ أي للتحاكم عندك فأنت مخير بين أن تحكم بينهم بحكم الله. أو تعرض عنهم وتتركهم لأحبارهم يحكمون بينهم كما شاءوا وإن تعرض عنهم فلم تحكم بينهم لن يضروك شيئاً أي من الضرر ولو قل، لأن الله تعالى وليك وناصرك، وإن حكمت بينهم فاحكم بينهم بالقسط أي بالعدل، لأن الله تبارك وتعالى يحب ذلك فافعله لأجله إنه يحب القسط والمقسطين، وقوله تعالى في الآية الثالثة [٤٣] ﴿وكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْراةُ فِيها حُكْمُ ٱللَّهِ﴾. أي إنه مما يتعجب منه أن يحكموك فتحكم بينهم برجم الزناة. وعندهم التوراة فيها نفس الحكم فرفضوه معرضين عنه اتّباعاً لأهوائهم، ﴿ومَآ أُوْلَٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ لا بك ولا بحكمك ولا بحكم التوراة. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- استحباب ترك الحزن باجتناب أسبابه ومثيراته. ٢- حرمة سماع الكذب لغير حاجة تدعو إلى ذلك. ٣- حرمة تحريف الكلام وتشويهه للإفساد. ٤- الحاكم المسلم مخير في الحكم بين أهل الكتاب إن شاء حكم بينهم وإن شاء أحالهم على علمائهم. ٥- وجوب العدل في الحكم ولو كان المحكوم عليه غير مسلم. ٦- تقرير كفر اليهود وعدم إيمانهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب