الباحث القرآني

شرح الكلمات: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا: أي لا تتقدّموا بقول ولا فعل إذ هو من قدم بمعنى تقدم. بين يدي الله ورسوله: كمن ذبح يوم العيد قبل أن يذبح رسول الله ﷺ، وكإرادة أحد الشيخين تأمير رجل على قوم قبل استشارة الرسول ﷺ. واتقوا الله إن الله سميع عليم: أي خافوا الله إنه سميع لأقوالكم عليم بأعمالكم. لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي: أي إذا نطقتم فوق صوت النبيّ إذا نطق. ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض: أي إذا ناجيتموه فلا تجهروا في محادثتكم معه كما تجهرون فيما بينكم إجلالا له ﷺ وتوقيراً وتقديراً. أن تحبط أعمالكم: أي كراهة أن تبطل أعمالكم فلا تُثابون عليها. وأنتم لا تشعرون: بحبوطها وبطلانها. إذ قد يصحب ذلك استخفاف بالنبيّ ﷺ لا سيما إذا صاحب ذلك إهانة وعدم مبالاة فهو الكفر والعياذ بالله. يغضون أصواتهم عند رسول الله: أي يخفضونها حتى لكأنهم يسارونه ومنهم أبو بكر رضي الله عنه. امتحن الله قلوبهم للتقوى: أي شرحها ووسعها لتتحمل تقوى الله. مأخوذ من محن الأديم إذا وسعه. لهم مغفرة وأجر عظيم: أي مغفرة لذنوبهم وأجر عظيم وهو الجنة. معنى الآيات: قوله تعالى ﴿يٰأيُّها ٱلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ لو بحثنا عن المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها لتجلت لنا واضحة إذا رجعنا بالذاكرة إلى موقف عمر رضي الله عنه وهو يريد أن لا يتم صلح بين المؤمنين والمشركين، وإلى موقف الصحابة كافة من عدم التحلل من إحرامهم ونحر هداياهم والرسول يأمر وهُم لا يستجيبون حتى تقدمهم ﷺ فنحر هديه ثم نحروا بعده وتحللوا، إذ تلك المواقف التي أشرنا إليها فيها معنى تقديم الرأي بين يدي الله ورسوله وفي ذلك مضرة لا يعلم مداها إلاّ الله، ولما انتهت تلك الحال وذلك الظرف الصعب أنزل الله تعالى قوله ﴿يٰأيُّها ٱلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي بالله رباً وإلهاً وبالإسلام شرعة ودينا وبمحمد نبيّا ورسولا ناداهم بعنوان الإيمان ليقول لهم ناهيا ﴿لا تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ أي قولا ولا عملا ولا رأيا ولا فكرا أي لا تقولوا ولا تعملوا إلا تبعا لما قال الله ورسوله، وشرع الله ورسوله ﴿وٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ في ذلك فإن التقدم بالشيء قبل أن يشرع الله ورسوله فيه معنى أنكم أعلم وأحكم من الله ورسوله وهذه زلّة كبرى وعاقبتها سوأى. ولذا قال ﴿وٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ﴾ أي لأقوالكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بأعمالكم وأحوالكم. ومن هنا فواجب المسلم أن لا يقول ولا يعمل ولا يقضي ولا يُفتَي برأيه إلا إذا علم قول الله ورسوله وحكمهما وبعد أن يكون قد علم أكثر أقوال الله والرسول وأحكامهما، فإذا لم يجد من ذلك شيئا اجتهد فقال أو عمل بما يراه أقرب إلى رضا الله تعالى فإذا لاح له بعد ذلك نص من كتاب أو سنة عدل عن رأيه وقال بالكتاب والسنة. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [١] أما الآية الثانية [٢] وهي قوله تعالى ﴿يٰأيُّها ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لا تَرْفَعُوۤاْ أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ ولا تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أن تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ وأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ فإنها تطالب المسلم بالتأدب مع رسول الله ﷺ فأولا نهاهم رضي الله عنهم عن رفع أصواتهم فوق صوت رسول الله ﷺ إذا هم تحدثوا معه وأوجب عليهم إجلال النبي وتعظيمه وتوقيره بحيث يكون صوت أحدهم إذا تكلم مع رسول الله أخفض من صوت الرسول ﷺ ولقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا كلّم رسول الله يساره الكلام مسارة وثانيا نهاهم إذا هم ناجوا رسول الله ﷺ أن لا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض بل يجب عليهم توقيره وتعظيمه. وأعلمهم أنه يخشى عليهم إذا هم لم يوقروا رسول الله ولم يجلوه أن تحبط أعمالهم كما تحبط بالشرك والكفر وهم لا يشعرون. إذْ رَفْعُ الصوت للرسول ونداؤه بأعلى الصوت يا محمد أو يا نبيّ الله ويا رسول الله وبأعلى الأصوات إذا صاحبه استخفاف أو إهانة وعدم مبالاة صار كفراً محبطاً للعمل قطعا. وفي الآية الثالثة [٣] يثني الله تعالى على أقوام يغضون أصواتهم أي يخفضونها عند رسول الله أي في حضرته وبين يديه كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما هؤلاء يخبر تعالى أنه امتحن قلوبهم للتقوى أي وسعها وشرحها لتحمل تقوى الله والرسول ﷺ يقول التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاثا، ويذكر لهم بشرى نعم البشرى وهي أن لهم منه تعالى مغفرة لذنوبهم، وأجراً عظيما يوم يلقونه وهو الجنة دار المتقين جعلنا الله منهم بفضله ورحمته. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- لا يجوز للمسلم أن يقدم رأيه أو اجتهاده على الكتاب والسنة فلا رأي ولا اجتهاداً إلاّ عند عدم وجود نص من كتاب أو سنة وعليه إذا اجتهد أن يكون ما اجتهد فيه أقرب إلى مراد الله ورسوله، أي الصق بالشرع، وإن ظهر له بعد الاجتهاد نص من كتاب أو سنة عاد إلى الكتاب والسنة وترك رأيه أو اجتهاده فوراً وبلا تردد. ٢- بما أن الله تعالى قد قبض إليه نبيّه ولم يبق بيننا رسول الله نتكلم معه أو نناجيه فنخفض أصواتنا عند ذلك فإن علينا إذا ذكر رسول الله بيننا أو ذكر حديثه أن نتأدب عند ذلك فلا نضحك ولا نرفع الصوت، ولا نظهر أي استخفاف أو عدم مبالاة وإلا يخشى علينا أن تحبط أعمالنا ونحن لا نشعر. ٣- على الذين يغشون مسجد رسول الله ﷺ أن لا يرفعوا أصواتهم فيه إلا لضرورة درس أو خطبة أو أذان أو إقامة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب