الباحث القرآني

شرح الكلمات: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام: أي بالله ورسوله ومنعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام. والهدي معكوفا أن يبلغ محله: أي ومنعوا الهدي محبوسا حال بُلوغ محله من الحرم. ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات: أي موجودون في مكة. لم تعلموهم: أي لم تعرفوهم مؤمنين ومؤمنات. أن تطأوهم: أي قتلا لهم عند قتالكم المشركين بمكة. فتصيبكم منهم معرة بغير علم: أي إثم وديات قتل الخطأ وعتق أو صيام لأَذِن لكم الله تعالى في دخول مكة. ليدخل الله في رحمته من يشاء: أي لم يؤذن لكم في دخول مكة فاتحين ليدخل الله في الإسلام من يشاء. لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما: أي لو تميزوا فكان المؤمنون على حدة والكافرون على حدة لأذنا لكم في الفتح وعذبنا الذين كفروا بأيديكم عذابا أليما وذلك بضربهم وقتلهم. إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية: أي لعذبناهم إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية وهي الأنفة المانعة من قبول الحق ولذا منعوا الرسول وأصحابه من دخول مكة وقالوا كيف يقتلون أبناءنا ويدخلون بلادنا واللات والعزى ما دخلوها. فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين: أي فهمَّ الصحابة أن يخالفوا أمر رسول الله بالصلح فأنزل الله سكينته عليهم فرضوا ووافقوا فتم الصلح. وألزمهم كلمة التقوى: أي ألزمهم كلمة لا إله إلا الله إذ هي الواقية من الشرك. وكانوا أحق بها وأهلها: أي أجدر بكلمة التوحيد وأهلا للتقوى. وكان الله بكل شيء عليما: أي من أمور عباده وغيرها ومن ذلك علمه بأهلية المؤمنين وأحقيتهم بكلمة التقوى «لا إله إلا الله». معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في الحديث عن صلح الحديبية فقال تعالى في المشركين ذاماً لهم عائبا عليهم صنيعهم ﴿هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي بالله ورسوله وصدوكم عن المسجد الحرام أن تدخلوه وأنتم محرمون والهدى معكوفاً أي وصدوا الهدى والحال أنه محبوس يُنْتَظَرُ به دخول مكة لينحر وقوله تعالى ﴿ولَوْلا رِجالٌ مُّؤْمِنُونَ ونِسَآءٌ مُّؤْمِناتٌ﴾ بمكة لم تعلموهم لأنهم كانوا يخفون إسلامهم غالباً، كراهة أن تطأوهم أثناء قتالكم المشركين فتصيبكم منهم معرّة بغير علم منكم بهم والمعرة العيب والمراد به هنا التبعة وما يلزم من قتل المسلم خطأ من الكفارة والدية لولا هذا لأذن لكم في دخول مكة غازين فاتحين لها وقوله تعالى ﴿لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ﴾ أي لم يأذن لكم في القتال ورضي لكم بالصلح ليدخل في رحمته من يشاء فالمؤمنون نالتهم رحمة الله إذ لم يؤذوا بدخلولكم مكة فاتحين والمشركون قد يكون تأخر الفتح سببا في إسلام من شاء الله تعالى له الإسلام لا سيما عندما رأوا رحمة الإسلام تتجلى في تلك القتال رحمة بالمؤمنين والمؤمنات حتى لا يتعرضوا للأذى فدين يراعي هذه الأخوة دين لا يحرم منه عاقل. وقوله تعالى ﴿لَوْ تَزَيَّلُواْ﴾ أي لو تميّز المؤمنون والمؤمنات عن المشركين بوجودهم في مكان خاص بهم لأذناً لكم في دخول مكة وقتال المشركين وعذَّبناهم بأيديكم عذاباً أليما وقوله ﴿إذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجاهِلِيَّةِ﴾ هذا تعليل للإذن بقتال المشركين في مكة وتعذيبهم العذاب الأليم لولا وجود مؤمنين ومؤمنات بها يؤذيهم ذلك والمراد من الحمية الأنفة والتعاظم وما يمنع من قبول الحق والتسليم به وهذه من صفات أهل الجاهلية فقد قالوا، كيف نسمح لهم بدخول بلادنا وقد قتلوا أبناءنا واللات والعزى ما دخلوا علينا أبداً، وقوله تعالى ﴿فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وعَلى ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ وذلك لما همَّ المؤمنون بعدم قبول الصلح لما فيه من التنازل الكبير للمشركين وهم على الباطل والمؤمنون على الحق فلما حصل هذا في نفوس المؤمنين أنزل الله سكينته عليهم وهي الطمأنينة والوقار والحلم فرضوا بالمصالحة وتمت وكان فيها خير كثير حتى قيل فيها إنها فتح أوَّلي أو فاتحة فتوحات لا حدَّ لها. وقوله تعالى ﴿وأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوىٰ وكانُوۤاْ أحَقَّ بِها وأَهْلَها﴾ أي وشرف الله وأكرم المؤمنين بإلزامهم التشريعي بكلمة لا إله إلاذ الله. إذ هي كلمة التقوى أي الواقية من الشرك والعذاب في الدارين وجعلهم أحق بها وأهلها. أي أجدر من غيرهم بكلمة التوحيد وأكثر أهلية للتقوى وكان الله بكل شيء عليما ومن ذلك علمه بأهلية أصحاب رسول الله بما جعلهم أهلا له من الإيمان والتقوى. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- بيان حكم المحصر وهو من منع دخول المسجد الحرام وهو محرم بحج أو بعمرة فإنه يتحلل بذبح هدي ويعود إلى بلاده، ويذبح الهدي حيث أُحصِر، وليس واجبا إدخاله إلى الحرم. ٢- الأخذ بالحيطة في معاملة المسلمين حتى لا يؤذى مؤمن أو مؤمنةً بغير علم. ٣- بيان أن كلمة التقوى هي لا إله إلاّ الله. ٤- الإشارة إلى ما أصاب المسلمين من ألم نفسي من جراء الشروط القاسية التي اشترطها ممثل قريش ووثيقة الصلح. وهذا نص الوثيقة وما تحمله من شروط لم يقدر عليها إلاّ رسول الله بما آتاه الله من العلم والحكمة والحلم والصبر والوقار، ولمّا أنزل الله ذلك على المؤمنين من السكينة فحملوها وارتاحت نفوسهم لها نص الوثيقة: " ورد أن قريشا لما نزل النبي ﷺ الحديبية بعثت إليه ثلاثة رجال هم سهيل بن عمرو القرشي، وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص على أن يعرضوا على النبي ﷺ أن يرجع من عامه ذلك على أن يخلي له قريش مكة من العام المقبل ثلاث أيام فقبل ذلك وكتبوا بينهم كتاباً فقال النبي ﷺ لعلي بن أبي طالب اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقالوا: ما نعرف هذا اكتب باسمك اللهم، فكتب ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ﷺ أهل مكة فقالوا لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة فقال النبي ﷺ اكتب ما يريدون فهمَّ المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقّروا وحلموا وتم الصلح على ثلاث أشياء هي: ١- أنّ من أتاهم من المشركين مسلماً ردوه إليهم. ٢- أنّ من أتاهم من المسلمين لم يردوه إليهم. ٣- أنْ يدخل الرسول والمؤمنون مكة من عام قابل ويقيمون بها ثلاثة أيام لا غير ولا يدخلها بسلاح. فلما فرع من الكتاب قال ﷺ قوموا فانحروا ثم احلقوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب