الباحث القرآني

شرح الكلمات: ووصينا الإنسان بوالديه: أي أمرناه أمراً مؤكداً بالإيصاء. إحسانا: أي أن يُحسن بهما إحسانا وهو المعاملة بالحسنى. حملته أُمه كُرها ووضعته كرها: أي حملته أثناء حمله في بطنها على مشقة وولدته كذلك على مشقة. وحمله وفصاله ثلاثون شهرا: أي مدة حمله في بطنها وفطامه من الرضاع ثلاثون شهرا. حتى إذا بلغ أشده: أي اكتمال قوته البدنّية العقلية وهي من الثلاث والثلاثين فما فوق. رب أوزعني أن أشكر نعمتك: أي ألهمني ووفقني أن أشكر نعمتك بصرفها فيما تحب. وأن أعمل صالحا ترضاه: أي وبأن أعمل صالحا ترضاه مني أي تتقبله عني. ونتجاوز عن سيئاتهم: أي فلا نؤاخذهم بها بل نغفرها. في أصحاب الجنة: أي في جملة أصحاب الجنة وعدادهم. وعد الصدق الذي كانوا يوعدون: أي في مثل قوله تعالى وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار الآية. معنى الآيات: إن الفرد كالجماعة فقد أوصى تعالى الإنسان بالإحسان بوالديه وببرهما في جميع كتبه وعلى ألسنة كافة رسله، والإنسان بعد ذلك قد يحسن ويبرُّ وقد يسيء ويعُقُّ، فكذلك الجماعة والأمة من الناس يرسل إليهم الرسول فمنهم من يؤمن ومنهم من يكذب، ومنهم من يتابع ومنهم من يخالف فلما ذكر تعالى اختلاف قوم النبي ﷺ في الإيمان بما جاء به، والكفر به ذكر أن هذه حال الإنسان فقال تعالى ﴿ووَصَّيْنا ٱلإنسانَ﴾ أي جنس الإنسان أي أمرناه بما هو آكد من الأمر وهو الوصيّة بوالديه أي أمه وأبيه إحسانا بهما وذلك بكف الأذى عنهما وإيصال الخير بهما وطاعتهما في المعروف وببرهما أيضا بعد موتهما. فمن الناس من ينفذ هذه الوصية ومنهم من يهملها ولا ينفذها وقوله، حملته أمه كرها ووضعته كرها بيان لوجوب الإحسان بهما وبرهما إذ معاناة الأُم وتحملها مشقة الحمل تسعة أشهر ومشقة الوضع وهي مشقة لا يعرفها إلا من قاسى آلامها كالأمهات. وقوله ﴿وحَمْلُهُ وفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً﴾ بيان لمدة تحمل المشقة إنها ثلاثون شهرا بعضها للحمل وبعضها للإرضاع والتربية وقوله تعالى حتى إذا بلغ أي عاش حتى إذا بلغ أشده أي اكتمال قواه البدنية والعقلية وذلك من ثلاث وثلاثين سنة إلى الأربعين وبلغ أربعين سنة قال أي الإنسان البار بوالديه المنفذ للوصية الإلهية كأبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ بلغ الأربعين من عمره بعد البعثة المحمدية بسنتين. ﴿قالَ رَبِّ أوْزِعْنِيۤ أنْ أشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ وهي نعمة الإيمان والتوحيد والإسلام عليّ وعلى والديَّ إذ آمن وآمن أبواه أبو قحافة عثمان بن عامر التيمي وآمنت أمه أم الخير سلمى، وأولاده عامة من بنين وبنات ولم يحصل لأحد من الصحابه أن سأل ربه أن يدفعه دفعا إلهاميا وتوفيقا ربانيا لأن يشكر نعمة الله عليه وعلى والديه بالإسلام، وأن يدفعه كذلك إلى العمل الصالح الذي يرضاه الله ويتقبله عن صاحبه، وقد استجاب له ربه فأعتق تسعة أعبد مؤمنين من استرقاق الكافرين لهم منهم بلال رضي الله عنه، وقوله ﴿وأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ﴾ أي اجعل الصلاح ساريا في ذريتي حتى يشملهم جميعا وقد استجاب الله تعالى له فآمن أولاده أجمعون ذكورا وإناثا، وقوله ﴿إنِّي تُبْتُ إلَيْكَ وإنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ﴾ هذا توسل منه رضي الله عنه لقبول دعائه فقد توسل إلى ربّه بالتوبة من الشرك والكفر إلى الإيمان والتوحيد، وبالإسلام إلى الله وهو الخضوع لله والانقياد لأمره ونهيه. وقوله تعالى ﴿أُوْلَٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أحْسَنَ ما عَمِلُواْ ونَتَجاوَزُ عَن سَيِّئاتِهِمْ﴾ فلا يؤاخذهم بها بعد توبتهم منها في جملة أصحاب الجنة إذ لا يدخل الجنة أحد إلا بعد مغفرة ذنبه، وقوله ﴿وعْدَ ٱلصِّدْقِ﴾ أي أنجز لهم هذا لأنه وعد صدق وعدهم فأنجزه لهم، وقوله ﴿ٱلَّذِي كانُواْ يُوعَدُونَ﴾ أي في الكتاب مثل قوله تعالى ﴿وعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وٱلْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها ٱلأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها﴾ [التوبة: ٧٢] الآية. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- وجوب البر بالوالدين بطاعتهما في المعروف والإحسان بهما بعد كف الأذى عنهما. ٢- الإشارة إلى أن مدة الحمل قد تكون ستة أشهر فأكثر، وأن الرضاع قد يكون حولين فأقل. ٣- جواز التوسل بالتوبة إلى الله والانقياد له بالطاعة. ٤- فضيلة آل أبي بكر الصديق على غيرهم من سائر الصحابة ما عدا آل بيت رسول الله ﷺ. ٥- بشارة الصديق وأسرته بالجنة، إذ آمنوا كلهم وأسلموا أجمعين وماتوا على ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب