شرح الكلمات:
الله الذي سخر لكم البحر: أي الله المعبود بحق لا الآلهة الباطلة سخر لكم أي لأجلكم البحر بأن جعله أملس تطفو فوقه الأخشاب ونحوها.
لتجري الفلك فيه بأمره: أي جعله كذلك لتجري السفن فيه بإذن الله تعالى.
ولتبتغوا من فضله: أي لتسافروا إلى طلب الرزق من إقليم إلى إقليم.
ولعلكم تشكرون: أي رجاء أن تشكرو نعم الله عليكم.
وسخر لكم ما في السماوات: أي من شمس وقمر ونجوم ورياح وماء أمطار.
وما في الأرض جميعا: أي وما في الأرض من جبال وأنهار وأشجار ومعادن منه تعالى.
إن في ذلك لآيات: أي علامات ودلائل وحجج على وجود الله وألوهيته.
لقوم يتفكرون: أي لقوم يستخدمون عقولهم فيتفكرون في وجود هذه المخلوقات ومن أوجدها ولماذا أوجدها فتتجلى لهم حقائق وجود الله وعلمه وقدرته ورحمته فيؤمنوا ويوحدوا.
قل للذين آمنوا يغفروا: أي قل يا رسولنا للمؤمنين من عبادنا يغفروا أي يتجاوزوا ولا يؤاخذوا.
الذين لا يرجون أيام الله: أي لا يتوقعون أيام الله أي بالإدالة منهم للمؤمنين فيذلهم الله وينصر المؤمنين عليهم وهم الرسول وأصحابه وهذا قبل الأمر بجهادهم.
ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون: أي ليجزي تعالى يوم القيامة قوماً منهم وهم الذين علم تعالى أنهم لا يؤمنون بما كسبوه من أذى الرسول والمؤمنين.
من عمل صالحاً فلنفسه: أي فهو الذي يرحم ويسعد به.
ومن أساء فعليها: أي ومن عمل سوءاً فالعقوبة تحل به لا بغيره.
ثم إلى ربكم ترجعون: أي بعد الموت ويحكم بينكم فيما كان بينكم من خلاف وأذى.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في هداية قوم النبي ﷺ فقوله تعالى: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ﴾ تذكير لأولئك المعرضين بالحجج والآيات الدالة على وجوب الإيمان بالله وتوحيده وطاعته فهو تعالى يعرفهم أن ما بهم من نعم هي من الله لا من غيره من تلك الآلهة الباطلة الله لا غيره هو الذي سخر لكم أي ذلل ويسر وسهل ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم وسحب وأمطار ورياح لمنافعكم، وسخر لكم ما في الأرض من جبال وأشجار وأنهار وبحار ومعادن وحيوانات على اختلافها كل ذلك منه وهو وهبه لكم، إن في ذلك المذكور من إنعام الله عليكم بكل ما سخر لكم لأيات لقوم يتفكرون فيهديهم تفكيرهم إلى وجوب حمد الله تعالى وشكره بعد أن آمنوا به ووحدوه في ربوبيته وألوهيته، وقوله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُواْ يَكْسِبُونَ﴾. يأمر تعالى رسوله أن يقول لصحابته أيام الخوف في مكة قبل الهجرة إصفحوا وتجاوزوا عمن يؤذيكم من كفار قريش، ولا تردوا الأذى بأذى مثله بل اغفروا لهم ذلك وتجاوزوا عنه، وقد نسخ هذا بالأمر بالجهاد.
وقوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ تعليل للأمر بالصفح والتجاوز أي ليؤخر لهم ذلك إلى يوم القيامة ويجزيهم به أسوأ الجزاء لأنه كسب من شر المكاسب إنه أذية النبي والمؤمنين أولياء الله، وفي تنكير قوما يدل على أن بعضهم سيؤمن ولا يعذب يوم القيامة فلا يعذب إلا من مات على الكفر والشرك منهم.
وقوله تعالى: ﴿مَن عَمِلَ صَٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ﴾ أي من عمل صالحاً في هذه الحياة الدنيا من إيمان وطاعة لله ورسوله في أوامرهما ونواهيهما فزكت بذلك نفسه وتأهل لدخول الجنة فإن الله يدخله الجنة ويكون عمله الصالح قد عاد عليه ولم يعد على غيره إن الله غني عن عمل عباده، وغير العامل لا تطهر نفسه ولا تزكو بعمل لم يباشره بنفسه، وقوله ومن أساء أي في حياته فلم يؤمن ولم يعمل صالحاً يزكي به نفسه، فجزاء كسبه السيء من الشرك والمعاصي عائد على نفسه عذاباً في النار وخلوداً فيها.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ إلىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ أي إنكم أيها الناس بعد هذه الحياة وما عملتم فيها من صالح وسيء ترجعون إلى الله يوم القيامة ويجزيكم كلاً بحسب عمله الخير بالخير والشر بمثله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير التوحيد والبعث والجزاء والنبوة.
٢- بيان علة الإنعام الإلهي على العبد وهي أن يشكر الله تعالى بحمده والثناء عليه وصرف تلك النعم في مرضاته تعالى لا في معاصيه الموجبة لسخطه.
٣- مشروعية التسامح مع الكفار والتجاوز عن أذاهم في حال ضعف المسلمين.
٤- تقرير قاعدة أن المرء لا يؤخذ بجريرة غيره.
٥- تقرير أن الكسب يؤثر في النفس ويكون صفة لها وبه يتم الجزاء في الدار الآخرة من خير وغيره قال تعالى سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم (الأنعام).
{"ayahs_start":12,"ayahs":["۞ ٱللَّهُ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ فِیهِ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ","وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ","قُل لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یَغۡفِرُوا۟ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللَّهِ لِیَجۡزِیَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَاۤءَ فَعَلَیۡهَاۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ"],"ayah":"قُل لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یَغۡفِرُوا۟ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللَّهِ لِیَجۡزِیَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ"}