الباحث القرآني

شرح الكلمات: وقيضنا لهم قرناء: أي وبعثنا لكفار مكة المعرضين قرناء من الشياطين. فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم: أي حسنوا لهم الكفر والشرك، وإنكار البعث والجزاء. وحق عليهم القول في أمم قد خلت: أي وجب لهم العذاب في أمم مضت قبلهم من الجن والإنس. والغوا فيه لعلكم تغلبون: أي الغطوا فيه بالباطل إذا سمعتم من يقرأه. ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون: أي بأقبح جزاء أعمالهم التي كانوا يعملون. أعداء الله: أي من كفروا به ولم يتقوه. أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس: أي إبليس من الجن، وقابيل بن آدم. نجعلهما تحت أقدامنا: أي في أسفل النار ليكونا من الأسفلين. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في دعوة المعرضين من كفار قريش، فقال تعالى: ﴿وقَيَّضْنا لَهُمْ﴾ أي بعثنا لهم قرناء من الشياطين، وذلك بعد أن أصروا على الباطل والشر فخبثوا خبثا سَهَّلَ لأخباث الجن الاقتران بهم فزينوا لهم الكفر والمعاصي القبيحة في الدنيا فها هم منغمسون فيها، كما زينوا لهم الكفر بالبعث والجزاء وإنكار الجنة والنار حتى لا يقصروا في الشر ولا يفعلوا الخير أبداً، وهو معنى قوله تعالى: ﴿فَزَيَّنُواْ لَهُم مّا بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ﴾. وقوله تعالى: ﴿وحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ﴾ أي بالعذاب ﴿فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وٱلإنْسِ إنَّهُمْ كانُواْ خاسِرِينَ﴾ في حكم الله وقضائه بمقتضى سنة الله في الخسران. هذا ما دلت عليه الأولى [٢٥] وهي قوله تعالى: ﴿وقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مّا بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ وحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وٱلإنْسِ إنَّهُمْ كانُواْ خاسِرِينَ﴾. وقوله تعالى في الاية الثانية [٢٦] ﴿وقالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لا تَسْمَعُواْ لِهَٰذا ٱلْقُرْآنِ وٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ يخبر تعالى عن أولئك المعرضين عن كفار قريش وأنهم قالوا لبعضهم بعضا لا تسمعوا لهذا القرآن الذي يقرأه محمد ﷺ حتى لا تتأثروا به، والغوا فيه أي الغطوا وصيحوا بكلام لهو وصفقوا وصفروا حتى لا يتأثر به من يسمعه من الناس لعلكم تغلبون أي رجاء أن تغلبوا محمداً على دينه فتبطلوه ويبقى دينكم. وهذا منتهى الكيد والمكر من أولئك المعرضين عن دعوة الإسلام. وكان رد الله تعالى على هذا المكر في الآية التالية [٢٧] ﴿فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذاباً شَدِيداً﴾ يخبر تعالى مؤكداً الخبر بأنه سيذيق الذين كفروا عذاباً شديداً وذلك يوم القيامة وليجزينَّهم أسوأ أي أقبح الذي كانوا يعملون أي يجزيهم بحسب أقبح سيئاتهم التي كانوا يعملون. ثم قال تعالى: ذلك الجزاء المتوعَّد به الذين كفروا هو جزاء أعداء الله الذين حاربوا رسوله ودعوته وحتى كتابه أيضاً. وذلك الجزاء هو النار لهم فيها دار الخلد أي الإقامة الدائمة جزاء بما كانوا بأياتنا يجحدون فلم يؤمنوا بها ولم يعملوا بما فيها وقوله تعالى في الآية [٢٩] ﴿وقال الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ الآية يخبر تعالى عن الكافرين وهم في النار إذ يقولون ربَّنا أي يا ربنا أرنا اللَّذين أضلانا من الجن والإنس أي اللذين كانا سببا في إضلالنا بتزيينهم لنا الباطل وتقبيحهم لنا الحق أرناهم نجعلهما تحت أقدامنا في النار ليكونا من الأسفلين أي في الدرك الأسفل من النار إذا النار دركات واحدة تحت الأخرى. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- بيان سنة الله تعالى في العبد إذا أعرض عن الحق الذي هو الإسلام فخبث من جراء كسبه. الشر والباطل وتوغله في الظلم والفساد يبعث الله تعالى عليه شيطاناً يكون قريناً له فزين له كل قبيح، ويقبح له كل حسن. ٢- بيان ما كان المشركون يكيدون به الإسلام ويحاربونه به حتى باللغو عند قراءة القرآن حتى لا يسمع ولا يهتدي به. ٣- تقرير البعث والجزاء. ٤- بيان نقمة أهل النار على من كان سببا في إضلالهم وإغوائهم، ومن سن لهم سنة شر يعملون بها كإبليس، وقابيل بن آدم عليه السلام. إذ الأول سن كل شر والثاني سن سنة القتل ظلما وعدوانا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب