الباحث القرآني

شرح الكلمات: حفيظا: تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها. طاعة: أي أمرنا طاعة لك. برزوا: خرجوا. أفلا يتدبرون: تدبر القرآن قراءة الآية أو الآيات وإعادتها المرة بعد المرة ليفقه مراد الله تعالى منها. أذاعوا به: أفشوه معلنينه للناس. يستنبطونه: يستخرجون معناه الصحيح. معنى الآيات: في قوله تعالى: ﴿مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ﴾ إنذار إلى الناس كافة في أن من لم يطع الرسول محمداً ﷺ ما أطاع الله تعالى، إن أمر الرسول من أمر الله ونهيه من نهي الله تعالى فلا عذر لأحد في عدم طاعة الرسول ﷺ، وقوله تعالى: ﴿ومَن تَوَلّىٰ﴾ أي عن طاعتك فيما تأمر به وتنهى عنه فدعه ولا تلتفت إليه إذ لم ترسلك لتحصي عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتجزيهم بها إن عليك إلا البلاغ وقد بلغت فأعذرت. وقوله تعالى ﴿ويَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ أي ويقول أولئك المنافقون المتطيرون بك السَّيئُو الفهم لما تقول: طاعة أي أمرنا طاعة لك أي ليس لنا ما نقول إذا قلت ولا ما نأمر به إذا أمرت فنحن مطيعون لك ﴿فَإذا بَرَزُواْ﴾ أي خرجوا من مجلسك بدل طائفة منهم غير الذي تقول واعتزموه دون الذي وافقوا عليه أمامك وفي مجلسك والله تعالى يكتب بواسطة ملائكته الكرام الكاتبين ما يبيتونه من الشر والباطل وعليه ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وتَوَكَّلْ عَلى ٱللَّهِ﴾ ولا تبال بهم ﴿وكَفىٰ بِٱللَّهِ وكِيلاً﴾ فهو حسبك وكافيك ما يبيتونه من الشر لك. وقوله تعالى في الآية الثالثة [٨٢] ﴿أفَلا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ﴾ يؤنبهم بإعراضهم وجهلهم وسوء فهمهم إذ لو تدبروا القرآن وهو يُتلى عليهم وسمعوه صباح مساء لعرفوا أن الرسول حق وأن ما جاء به حق فآمنوا وأسلموا وحسن إسلامهم، وانتهى نفاقهم الذي أفسد قلوبهم وعفن آراءهم، إن تدبر القرآن بالتأمل فيه وتكرار آياته مرة بعد أخرى يهدي إلى معرفة الحق من الباطل وأقرب ما يفهمونه لو تدبروا أن القرآن كلام الله تعالى وليس كلام بشر، إذ لو كان كلام بشر لوجد فيه التناقض والإختلاف والتضاد، ولكنه كلام خالق البشر، فلذا هو متسق الكلم متآلِف الألفاظ والمعاني محكم الآي هادٍ إلى الإسعاد والكمال، فهو بذلك كلام الله حقاً ومن شرف بإنزاله عليه رسول حق ولا معنى أبداً للكفر بعد هذا والإصرار عليه، ومنافقة المسلمين فيه. هذا معنى قوله تعالى: ﴿ولَوْ كانَ مِن عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلافاً كَثِيراً﴾. وقوله: ﴿وإذا جَآءَهُمْ أمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أوِ ٱلْخَوْفِ أذاعُواْ بِهِ﴾ وهي الآية الرابعة [٨٣] فإن الله تعالى يخبر عن أولئك المرضى بمرض النفاق ناعياً عليهم ارجافهم وهزائمهم المعنوية فيقول ﴿وإذا جَآءَهُمْ أمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أوِ ٱلْخَوْفِ﴾ أي إذا وصل من سرايا الجهاد خبر بنصر أو هزيمة سارعوا فإفشائه وإذاعته، وذلك عائد إلى مرض قلوبهم لأن الخبر وأطلق عليه لفظ الأمر لأن حالة الحرب غير حالة السلم إذا كان بالنصر المعبر عنه بالأمن فهم يعلنونه حسداً أو طمعاً، وإذا كان بالهزيمة المعبر عنها بالخوف يعلنونه فزعاً وخوفا لأنهم جبناء كما تقدم وصفهم، قال تعالى في تعليمهم وتعليم غيرهم ما ينبغي أن يكون عليه المجاهدون في حال الحرب، ﴿ولَوْ رَدُّوهُ إلى ٱلرَّسُولِ﴾ القائد الأعلى، ﴿وإلىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنهُمْ﴾ وهم أمراء السرايا المجاهدة ﴿لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنهُمْ﴾ أي لاستخرجوا سر الخْبَرِ وعرفوا ما يترتب عليه فإن كان نافعاً أذاعوه، وإن كان ضارا أخوفه. ثم قال تعالى: ﴿ولَوْلا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ﴾ أيها المؤمنون ﴿لاتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطانَ﴾ في قبول تلك الإشاعات المغرضة والإذاعات المثبطة ﴿إلاَّ قَلِيلاً﴾ منكم من ذوي الآراء الصائبة والحصافة العقلية إذ مثلهم لا تثيرهم الدعاوي، ولا تغيرهم الأراجيف، ككبار الصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- وجوب طاعة الرسول ﷺ فإنه لا يطاع لذاته وإنما يطاع لذات الله عز وجل. ٢- وجوب تدبر القرآن لتقوية الإيمان. ٣- آية أن القرآن وحي الله وكلامه سلامته من التناقض والتضاد في الألفاظ والمعاني. ٤- تقرير مبدأ أن أخبار الحرب لا تذاع إلا من قبل القيادة العليا حتى لا يقع الاضطراب في صفوف المجاهدين والأمة كذلك. ٥- أكثر الناس يتأثرون بما يسمعون إلا القليل من ذوي الحصافة العقلية والوعي الساسي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب