الباحث القرآني

شرح الكلمات: كفوا أيديكم: أي عن القتال وذلك قبل أن يفرض. كتب عليهم القتال: فرض عليهم. يخشون: يخافون لولا أخرتنا: هلاَّ أخرتنا. فتيلا: الفتيل خيط يكون في وسط النواة. بروج مشيدة: حصون مشيدة بالشيد وهو الجص. من حسنة: الحسنة ما سرّ، والسيئة ما ضرّ. معنى الآيات: روي أن بعضا من أصحاب الرسول ﷺ طالبوا بالإذن لهم بالقتال ولم يؤذن لهم لعدم توفر أسباب القتال فكانوا يؤمرون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ريثما يأذن الله تعالى لرسوله بقتال المشركين ولما شرع القتال جبن فريق منهم عن القتال وقالوا ﴿لَوْلاۤ أخَّرْتَنا إلىٰ أجَلٍ قَرِيبٍ﴾ متعللين بعلل واهية فأنزل الله تعالى فيهم هاتين الآيتين [٧٧] و [٧٨] ﴿ألَمْ تَرَ إلى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أيْدِيَكُمْ﴾ أي عن القتال ﴿وأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ﴾ ريثما يأذن الله بالقتال عندما تتوفر إمكانياته، فلما فرض القتال ونزل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ﴾ [الحج: ٣٩] جبنوا ولم يخرجوا للقتال، وقالوا ﴿لَوْلاۤ أخَّرْتَنا إلىٰ أجَلٍ قَرِيبٍ﴾ يريدون أن يدافعوا الأيام حتى يموتوا ولم يلقوا عدواً خوراً وجبناً فأمر تعالى الرسول أن يقول لهم: ﴿مَتاعُ ٱلدُّنْيا قَلِيلٌ وٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقىٰ﴾ فعيشكم في الدنيا مهما طابت لكم الحياة هو قليل ﴿وٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقىٰ﴾ الله بفعل أمره وترك نهيه بعد الإيمان به وبرسوله، وسوف تحاسبون على أعمالكم وتجزون بها ﴿ولا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ لا بنقص حسنة ولا بزيادة سيئة هذا ما تضمنته الآية الأولى. أما الثانية فقد قال تعالى لهم ولغيرهم مما يخشون القتال ويجبنون عن الخروج للجهاد: ﴿أيْنَما تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ﴾ إذ الموت طالبكم ولا بد أن يدرككم كما قال تعالى لأمثالهم ﴿قُلْ إنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإنَّهُ مُلاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨]، ولو دخلتم حصونا ما فيها كوة ولا نافذة فإن الموت يدخلها عليكم ويقبض أرواحكم ولما ذكر تعالى جبنهم وخوفهم ذكر تعالى سوء فهمهم وفساد ذوقهم فقال: ﴿وإن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَٰذِهِ مِن عِندِ ٱللَّهِ وإن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَٰذِهِ مِن عِندِكَ﴾ يعني أنه إذا أصابهم خير من غنيمة أو خصب ورخاء قالوا ﴿هَٰذِهِ مِن عِندِ ٱللَّهِ﴾ لا شكراً لله وإنما لا يريدون أن ينسبوا إلى رسول الله شيئا من خير كان ببركته وحسن قيادته، وإن تصبهم سيئة فقر أو مرض أو هزيمة يقولون هذه من عندك أي أنت السبب فيها. قال تعالى لرسوله قل لهم ﴿كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ﴾ الحسنة والسيئة هو الخالق والواضع السنن لوجودها وحصولها. ثم عابهم في نفسياتهم الهابطة فقال: ﴿فَمالِ هَٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ هذا ما دلت عليه الآية الثانية. أما الثالثة والأخيرة في هذا السياق وهي قوله تعالى: ﴿مَّآ أصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ومَآ أصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ الآية فإن الله تعالى يخاطب رسوله ﷺ فيخبره بأن الحسنة من الله تعالى إذ هو الآمر بقولها أو فعلها وموجد أسبابها والموفق للحصول عليها، أما السيئة فمن النفس إذ هي التي تأمر بها، وتباشرها مخالفة فيها أمر الله أو نهيه، فلذا لا يصح نسبتها إلى الله تعالى. وقوله تعالى: ﴿وأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً وكَفىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً﴾ يُسلى به رسوله عما يلاقيه من أذى الناس وما يصادفه من سوء أخلاق بعضهم كالذين ينسبون إليه السيئة تطيراً به فيخبره بأن مهمته أداء الرسالة وقد أداها والله شاهد على ذلك ويجزيك عليه بما أنت أهله وسيجزي من رد رسالتك وخرج عن طاعتك وكفى بالله شهيدا. ﴿هداية الآية﴾: من هداية الآيات: ١- قبح الاستعجال والجبن وسوء عاقبتهما. ٢- الآخرة خير لمن اتقى من الدنيا. ٣- لا مفر من الموت ولا مهرب منه بحال من الأحوال. ٤- الخير والشر كلاهما بتقدير الله تعالى. ٥- الحسنة من الله والسيئة من النفس إذ الحسنة أمر الله بأسبابها بعد أن أوجدها وأعان عليها، وأبعد الموانع عنها والسيئة من النفس لأن الله نهى عنها وتوعد على فعلها، ولم يوفق إليها ولم يعن عليها فهي من النفس لا من الله تعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب