شرح الكلمات:
ولا تتمنوا: التمني: التشهي والرغبة في حصول الشيء، وأداته، ليت، ولو، فإن كان مع زوال المرغوب فيه عن شخص ليحصل للمتمني فهو الحسد.
ما فضل الله بعضكم: أي ما فضل الله به أحداً منكم فأعطاه علماً أو مالاً أو جاهاً أو سلطاناً.
نصيب مما اكتسبوا: أي حصة وحظ من الثواب والعقاب بحسب الطاعة والمعصية.
موالي: الموالي من يلون التركة ويرثون الميت من أقارب.
عقدت إيمانكم: أي حالفتموهم وتآخيتم معهم مؤكدين ذلك بالمصافحة واليمين.
فآتوهم نصيبهم: من الرفادة والوصيّة والنصرة لأنهم ليسوا ورثة.
معنى الآيتين:
صح أو لم يصح أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ليتنا كنا رجالاً فجاهدنا وكان لنا مثل أجر الرجال فإن الله سميع عليم، والذين يتمنون حسداً وغير حسد ما أكثرهم ومن هنا نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة [٣٢] عباده المؤمنين عن تمني ما فضل الله تعالى به بعضهم على بعض فأعطى هذا وحرم ذاك لحكم اقتضت ذلك، ومن أظهرها الابتلاء بالشُّكرِ والصبر، فقال تعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْاْ ما فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ﴾ - من علم أو مال. أو صحة أو جاه أو سلطان - ﴿بَعْضَكُمْ عَلىٰ بَعْضٍ﴾ وأخبر تعالى أن سنته في الثواب والعقاب الكسب والعمل فليعمل من أراد الأجر والمثوبة بموجبات ذلك من الإيمان والعمل الصالح، ولا يتمنى ذلك تمنياً، وليكف عن الشرك والمعاصي من خاف العذاب والحرمان ولا يتمنى النجاة تمنياً كما على من أراد المال والجاه فليعمل له بسننه المنوطة به ولا يتمنى فقط فإن التمني كما قيل بضائع النوكى أي الحمقى، فلذا قال تعالى ﴿لِّلرِّجالِ نَصِيبٌ مِّمّا ٱكْتَسَبُواْ ولِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمّا ٱكْتَسَبْنَ﴾، فرد القضية إلى سنته فيها وهي كسب الإنسان. كقوله تعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧-٨] ثم بين تعالى سنة أخرى في الحصول على المرغوب وهي دعاء الله تعالى فقال ﴿وٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إنَّ ٱللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ فمن سأل ربّه وألح عليه موقناً بالإجابة أعطاه فيوفقه للإتيان بالأسباب، ويصرف عنه الموانع، ويعطيه بغير سبب إن شاء، وهو على كل شيء قدير، بل ومن الأسباب المشروعة الدعاء والإخلاص فيه.
هذا ما تضمنته الآية الأولى أما الآية الثانية [٣٣] فإن الله تعالى يخبر مقرراً حكماً شرعياً قد تقدم في السياق وهو أن لكل من الرجال والنساء ورثة يرثونه إذا مات فقال ﴿ولِكُلٍّ جَعَلْنا مَوَٰلِيَ﴾ أي أقارب يرثونه إذا مات، وذلك من النساء والرجال أما الذين هم موالي بالحلف أو الإخاء فقط أي ليسوا من أولي الأرحام فالواجب إعطاؤهم نصيبهم من النصرة والرفادة.
والوصية لهم بشيء إذ لا حظ لهم في الإرث لقوله تعالى: ﴿وأْوْلُواْ ٱلأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلىٰ بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥]، ولما كان توزيع المال وقسمته تتشوق له النفوس وقد يقع فيه حيف أو ظلم أخبر تعالى أن على كل شيء شهيد فلا يخفى عليه من أمر الناس شيء فليتق ولا يُعص.
فقال: ﴿إنَّ ٱللَّهَ كانَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ لا يخفى عليه من أمركم شيء فاتقوه وأطيعوه ولا تعصوه.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- قبح التمني وترك العمل.
٢- حرمة الحسد.
٣- فضل الدعاء وأنه من الأسباب التي يحصل بها المراد.
٤- تقرير مبدأ التوارث في الإسلام.
٥- من عاقد أحداً على حلف أو آخى أحداً وجب عليه أن يعطيه حق النصرة والمساعدة وله أن يوصي له بما دون الثلث، أما الإرث فلا حق له لنسخ ذلك.
٦- وجوب مراقبة الله تعالى، لأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء شهيد.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["وَلَا تَتَمَنَّوۡا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ لِّلرِّجَالِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُوا۟ۖ وَلِلنِّسَاۤءِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُوا۟ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا","وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَ ٰلِیَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَ ٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِیبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"],"ayah":"وَلَا تَتَمَنَّوۡا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ لِّلرِّجَالِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُوا۟ۖ وَلِلنِّسَاۤءِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُوا۟ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا"}