الباحث القرآني

شرح الكلمات: فبما نقضهم: الباء سببية أي فبسبب نقضهم ميثاقهم، والنقض: الحل بعد الإبرام بغير حق: أي بدون موجب لقتلهم، ولا موجب لقتل الأنبياء قط. غلف: جمع اغلف وهو ما عليه غلاف يمنعه من وصول المعرفة والعلم إليه. بهتاناً عظيما: البهتان الكذب الذي يحير من قيل فيه والمراد هنا رميهم لها بالزنى. وما صلبوه: أي لم يصلبوه، والصلب شدة على خشبة وقتله عليها. وإن من أهل الكتاب: أي وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن عند حضور الموت أن عيسى عبد الله ورسوله فما هو ابن زنى ولا ساحر كما يقول اليهود، ولا هو الله ولا ابن الله كما يقول النصارى. معنى الآيات: ما زال السياق في الحديث عن اليهود وبيان الجرائم التي كانت سبباً في لعنهم وذلهم، وغضب الله تعالى عليهم، وهذا تعداد تلك الجرائم الواردة في الآيات الثلاث الأولى في هذا السياق وهي [١٥٥- ١٥٦- ١٥٧]. ١- نقضهم العهود والمواثيق وخاصة عهدهم بالعمل بما في التوراة. ٢- كفرهم بآيات الله والمنزلة على عبد الله عيسى ورسوله والمنزلة على محمد ﷺ. ٣- قتلهم الأنبياء كزكريا ويحيى وغيرهم وهو كثير في عهود متباينة. ٤- قولهم قلوبنا غلف حتى لا يقبلوا دعوة الإسلام، وما أراد الرسول إعلامهم به وكذبهم الله تعالى في هذه الدعوى، وأخبر أن لا أغطية على قلوبهم، ولكن طبع الله تعالى عليها بسبب ذنوبهم فران عليها الران فمنعها من قبول الحق اعتقاداً وقولا وعملا هذا ما تضمنته الآية الأولى وهي قوله تعالى: ﴿فَبِما نَقْضِهِم مِّيثاقَهُمْ..﴾ (والباء سببية والميم صلة والأصل فبنقضهم أي بسبب نقضهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم، ﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إلاَّ قَلِيلاً﴾ أي إيماناً قليلا كإيمانهم بموسى وهارون والتوراة والزبور مثلا. ٥- كفرهم أي بعيسى ومحمد ﷺ أيضا. ٦- قولهم على مريم بهتاناً عظيماً حيث رموها بالفاحشة وقالوا عيسى ابن زنى لعنهم الله. ٧- قولهم متبجحين متفاخرين أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وهو رسول الله، وأكذبهم الله تعالى في ذلك بقوله ﴿.. وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ..﴾ أي برجل آخر ظنوه أنه هو فصلبوه وقتلوه، وأما المسيح فقد رفعه الله تعالى إليه وهو عنده في السماء كما قال تعالى في الآية [١٥٨] ﴿بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إلَيْهِ وكانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ أي غالباً على أمره حكيما في فعله وتدبيره. وأما قوله تعالى: ﴿وإنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِن عِلْمٍ إلاَّ ٱتِّباعَ ٱلظَّنِّ وما قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾، هذا إخبار من الله تعالى بحقيقة أخرى وهي أن الذين طوقوا منزل المسيح وهجموا عليه ليلقوا عليه القبض من أجل أن يقتلوه هؤلاء اختلفوا في هل الرجل الذي ألقي عليه شبه عيسى هو عيسى أو غيره إنهم لم يجزموا أبداً بأن من ألقوا عليه القبض وأخرجوه فصلبوه وقتلوه هو المسيح عليه السلام، ولذا قال تعالى { وما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إلَيْهِ وكانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. . }. أما الآية الأخيرة في هذا السياق [١٥٩] فإن الله تعالى أخبر أنه مامن يهودي ولا نصراني يحضره الموت ويكون في انقطاع عن الدنيا إلا آمن بأن عيسى عبد الله ورسوله، وليس هو ابن زنى ولا ساحر كما يعتقد اليهود، ولا هو الله ولا ابن الله كما يعتقد النصارى، ولكن هذا الإيمان لا ينفع صاحبه لأنه حصل عند معاينة الموت قال تعالى ﴿.. ولَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئاتِ حَتّىٰ إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قالَ إنِّي تُبْتُ ٱلآنَ..﴾ [النساء: ١٨] هذا ما دلت عليه الآية الكريمة: ﴿وإن مِّنْ أهْلِ ٱلْكِتابِ إلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ويَوْمَ ٱلْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾ أي يشهد على كفرهم به وبما جاءهم به، ووصاهم عليه من الإيمان بمحمد ﷺ ودين الحق الذي جاء به. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- بيان جرائم اليهود. ٢- بطلان اعتقاد النصارى في أن عيسى صلب وقتل، أما اليهود فإنهم وإن لم يقتلوا عيسى فهم مؤاخذون على قصدهم حيث صلبوا وقتلوا من ظنوه أنه عيسى عليه السلام. ٣- تقرير رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ونزوله في آخر أيام الدنيا. ٤- الإيمان كالتوبة عند معاينة ملك الموت لا تنفع ولا تقبل وجودها كعدمها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب