الباحث القرآني

شرح الكلمات: بشر المنافقين: البشارة: الخبر الذي تتأثر به بشرة من يلقى عليه خيراً كان أو شراً. والمنافق: من يبطن الكفر ويظهر الإيمان تقيّة ليحفظ دمه وماله. أولياء: يوالونهم محبة ونصرة لهم على المؤمنين. العزة: الغلبة والمنعة. يستهزأ بها: يذكونها استخفافاً بها وإنكاراً وجحوداً لها. يخوضوا: يتكلموا في موضوع آخر من موضوعات الكلام. مثلهم: أي في الكفر والإثم. يتربصون بكم: ينتظرون متى يحصل لكم إنهزام أو إنكسار: فيعلنون عن كفرهم. نصيب: أي من النصر وعبر عنه بالنصيب القليل لأن انتصارهم على المؤمنين نادر. نستحوذ عليكم: أي نستول عليكم ونمنعكم من المؤمنين إن قاتلوكم. سبيلا: أي طريقاً إلى إذلالهم واستعبادهم والتسلط عليهم. معنى الآيات: قوله تعالى: ﴿بَشِّرِ ٱلْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً ألِيماً﴾ يأمر الله تعالى رسوله ﷺ أن يخبر المنافقين بلفظ البشارة لأن المخبر به يسوء وجوههم وهو العذاب الأليم وقد يكون في الدنيا بالذل والمهانة والقتل، وأما في الآخرة فهو أسوأ العذاب وأشده وهو لازم لهم لخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم، ثم وصفهم تعالى بأخس صفاتهم وشرها فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكافِرِينَ أوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ فيعطون محبتهم ونصرتهم وولاءهم للكافرين، ويمنعون ذلك المؤمنين وذلك لأن قلوبهم كافرة آثمة لم يدخلها إيمان ولم يُنرها عمل الإسلام، ثم وبخهم تعالى ناعيا عليهم جهلهم فقال: ﴿أيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ﴾ أي يطلبون العزة أي المنعة والغلبة من الكافرين أجهلوا أم عموا فلم يعرفوا ﴿فَإنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً﴾ فمن أعزه الله عز ومن أذله ذل والعزة تُطلب بالإيمان وصالح الأعمال لا بالكفر والشر والفساد. هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى [١٣٨] والثانية [١٣٩]. أما الآية الرابعه [١٤٠] فإن الله تعالى يؤدب المؤمنين فيذكرهم بما أنزل عليهم في سورة الأنعام حيث نهاهم عن مجالسة أهل الباطل إذا خاضوا في الطعن في آيات الله ودينه فقال تعالى: ﴿وإذا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءاياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنعام: ٦٨] هذا الأدب أخذ الله تعالى به رسوله والمؤمنين، وهم في مكة قبل الهجرة، لأن سورة الأنعام مكية ولما هاجروا إلى المدينة، وبدأ النفاق وأصبح للمنافقين مجالس خاصة ينتقدون فيها المؤمنين ويخوضون فيها في آيات الله تعالى استهزاء وسخرية ذكر الله تعالى المؤمنين بما أنزل عليهم في مكة فقال: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذاً﴾ أي إذا رضيتم بالجلوس معهم وهم يخوضون في آيات الله ﴿مِّثْلُهُمْ﴾ في الإثم والجريمة والجزاء أيضاً، ﴿إنَّ ٱللَّهَ جامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً﴾ فهل ترضون أن تكونوا معهم في جهنم، وإن قلتم لا إذا فلا تجالسوهم. ثم ذكر تعالى وصفا آخر للمنافقين يحمل التنفير منهم والكراهية والبغض لهم فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ﴾ أي ينتظرون بكم الدوائر ويتحينون الفرص ﴿فَإن كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ﴾ أي نصر وغنيمة قالو: ﴿ألَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ﴾ فأشركونا في الغنيمة، ﴿وإن كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ﴾ في النصر قالوا لهم ﴿ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ﴾ أي نستول عليكم ﴿ونَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ أن يقاتلوكم، فأعطونا مما غنمتم، وهكذا المنافقون يمسكون العصا من الوسط فأي جانب غلب كانوا معه. ألا لعنة الله على المنافقين وما على المؤمنين إلا الصبر لأن مشكلة المنافقين عويصة الحل فالله يحكم بينهم يوم القيامة. أما الكافرون الظاهرون فلن يجعل الله تعالى لهم على المؤمنين سبيلا لا لاستئصالهم وإبادتهم، ولا لإذلالهم والتسلط عليهم ماداموا مؤمنين صادقين في إيمانهم وهذا ما ختم الله تعالى به الآية الكريمة إذ قال: ﴿ولَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- حرمة اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين. ٢- الباعث للناس على اتخاذ الكافرين أولياء هو الرغبة في العزة ورفع المذلة وهذا باطل فالعزة لله ولا تطلب إلا منه تعالى بالإيمان واتباع منهجه. ٣- حرمة مجالسة أهل الباطل إذا كانوا يخوضون في آيات الله نقداً واستهزاء وسخرية. ٤- الرضا بالكفر كفر، والرضا بالإثم إثم. ٥- تكفل الله تعالى بعزة المؤمنين الصادقين ومنعتهم فلا يسلط عليهم أعداءه فيستأصلونهم، أو يذلونهم ويتحكمون فيهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب