الباحث القرآني

شرح الكلمات: فسلكه ينابيع في الأرض: أي أدخله في الأرض فصار جاريا تحتها ينبع منها فكان بذلك ينابيع. مختلفا ألوانه: أي ما بين أخضر وأبيض وأحمر وأصفر وأنواعه من بر وشعير وذرة. ثم يهيج فتراه مصفرا: أي ييبس فتراه أيها الرائي بعد الخضرة مصفرا. ثم يجعله حطاما: أي فتاتا متكسرا. إن في ذلك لذكرى: أي إن في ذلك المذكور من إنزال الماء إلى أن يكون حطاما تذكيرا. أفمن شرح الله صدره للإسلام: أي فاهتدى به كمن لم يشرح الله صدره فلم يهتد؟. فهو على نور من ربّه: أي فهو يعيش في حياته على نور من ربّه وهو معرفة الله وشرائعه. فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله: ويل كلمة عذاب للقاسية قلوبهم عن قبول القرآن فلم تؤمن به ولم تعمل بما فيه. أحسن الحديث كتاباً: هو القرآن الكريم. متشابهاً: أي يشبه بعضه بعضا في النظم والحسن وصحة المعاني. مثاني: أي ثنّى فيه الوعد والوعيد كالقصص والأحكام. تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم: أي ترتعد منه جلود الذين يخشون ربهم وذلك عند ذكر وعيده. ثم تلين جلودهم وقلوبهم: أي تطمئن وتلين. إلى ذكر الله: أي عند ذكر وعده لأهل الإيمان والتقوى بالجنة وما فيها من نعيم مقيم. معنى الآيات: قوله تعالى ﴿ألَمْ تَرَ﴾ هذه الآية الكريمة تقرر التوحيد والبعث والجزاء بذكر مظاهر القدرة والعلم الإلهيين، وهما مقتضيان لوجود الله أولاً ثم وجوب الإيمان به وبلقائه فقال تعالى مخاطبا رسوله ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً﴾ وهو المطر ﴿فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ﴾ أي أدخله فيها وأخرجه منها ينابيع بواسطة حفر وبدونه، ثم يخرج به زرعاً من قمح وشعير وذرة وغيرها مختلفا ألوانه من أحمر وأبيض وأصفر ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ حسب سنة الله تعالى في ذلك فيجف ﴿فَتَراهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً﴾ أي فتاتا متكسراً كالتبن كل هذا يتم بقدرة الله وعلمه وتدبيره ففيه موعظة وذكرى لأولي القلوب الحيّة تهديهم إلى الإيمان بالله وبآياته ولقائه، وما يستتبع ذلك من الطاعة والتوحيد وقوله تعالى ﴿أفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾ أي وسع صدره وفسحه فقبل الإسلام دينا فاعتقد عقائده وعمل بشرائعه فامتثل أوامره واجتنب نواهيه فهو يعيش على نور من ربه ومقابل هذا محذوف اكتفى بالأول عنه وتقديره كمن طبع الله على قلبه وجعل صدره حرجا ضيقا فلم يقبل الإسلام ولم يدخل فيه، وعاش على الكفر والشرك والمعاصي فهو يعيش على ظلمة الكفر ودخن الذنوب وعفن الفساد والشر. وقوله تعالى ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ﴾ يتوعد الله تعالى بالعذاب أصحاب القلوب القاسية من سماع القرآن وهذه أسوأ حال العبد إذا كان يهلك بالدواء ويضل بالهدى فسماع القرآن الأصل فيه أن يلين القلوب الصالحة للحياة فإذا كانت القلوب ميتة غير قابلة للحياة سماع القرآن زادها موتاً وقسوة، ويدل على هذا قوله ﴿أُوْلَٰئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ فهدايتهم متعذرة إذا كان الدواء يزيد في علتهم وآيات الهداية تزيد في ضلالتهم. وقوله تعالى ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ﴾ هذه الآية نزلت لما قال أصحاب الرسول يوماً لرسول الله ﷺ حدثنا يا رسول الله فأنزل الله تعالى قوله ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ﴾ وهو القرآن ﴿كِتاباً مُّتَشابِهاً﴾ أي يشبه بعضه بعضاً في حسن اللفظ وصحة المعاني ﴿مَّثانِيَ﴾ أي يثني فيه الوعد والوعيد والأمر والنهي والقصص، ﴿تَقْشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ أي عند سماع آيات الوعيد فيه ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ﴾ إذا سمعوا آيات الوعد ﴿وقُلُوبُهُمْ﴾ إذا سمعوا حججه وأدلته وقوله ﴿إلىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ﴾ أي القرآن وذكر الله بوعده ووعيده وأسمائه وصفاته ويشهد له قوله تعالى من سورة الرعد ﴿ألا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ﴾ [الآية: ٢٨] وقوله تعالى ﴿ذَلِكَ هُدى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ﴾ أي ذلك المذكور وهو القرآن الكريم هدى الله إذ هو الذي أنزله وجعله هادياً يهدي به من يشاء هدايته بمعنى يوفقه للإيمان والعمل به وترك الشرك والمعاصي. وقوله ﴿ومَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ لما سبق في علم الله ولوجود مانع منع من هدايته كالإصرار والعناد والتقليد. فهذا ليس له من هاد يهديه بعد الله أبداً. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- مظاهر العلم والقدرة الإلهية الموجبة للإيمان به وبرسوله ولقائه. ٢- بيان أن القلوب قلبان قلب قابل للهداية وآخر غير قابل لها. ٣- بيان أن القرآن أحسن ما يحدث به المؤمن إذ أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل. ٤- فضيلة أهل الخشية من الله إذ هم الذين ينفعلون لسماع القرآن فترتعد فرائصهم عند سماع وعيده، وتلين قلوبهم وجلودهم عند سماع وعده.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب