الباحث القرآني

شرح الكلمات: لما خلقت بيديّ: أي للذي خلقته بيديَّ وهو آدم فدل ذلك على شرفه. استكبرت أم كنت من العالين: استكبرت الآن أم كنت من قبل من العالين المتكبرين والاستفهام للتوبيخ. والتقريع لإبليس. فاخرج منها: أي من الجنة. فإنك رجيم: أي مرجوم مطرود. وأن عليك لعنتي إلى يوم الدين: أي طرده من الجنة وألحقه لعنة وهي الطرد من الرحمة إلى يوم الدين أي الجزاء وهو يوم القيامة. قال رب فانظرني: أي أخر موتي وأبق عليَّ حيّا إلى يوم يبعثون أي الناس. إلى يوم الوقت المعلوم: أي إلى النفخة الأولى وهي نفخة الموت والفناء. إلا عبادك منهم المخلصين: أي الذين استخلصتهم للإيمان بك وعبادتك ومجاورتك في الجنة. قل ما أسألكم عليه من أجر: لا أسألكم على البلاغ أجراً تعطونه لي. وما أنا من المتكلفين: أي المتقولين القرآن ومات أنذركم به من تلقاء نفسي. إن هو إلا ذكر للعالمين: أي ما أتلوه من القرآن وما أقوله من الهدى إلا ذكر للعالمين. ولتعلمن نبأه بعد حين: أي ولتعلمن أيها المكذبون نبأ القرآن الذي أنبأ به من الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين بعد حين. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في ذكر ما دار بين الربّ تعالى وعدوه إبليس من حديث في الملأ الأعلى إذ قال تعالى بعد أن امتنع إبليس من السجود لآدم ﴿يٰإبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أن تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ أي أيُّ شيء جعلك تمتنع من السجود لآدم وقد أمرتك بذلك ﴿أسْتَكْبَرْتَ﴾ أي الآن ﴿أمْ كُنتَ﴾ من قبل ﴿مِنَ ٱلْعالِينَ﴾ أي المستكبرين، وهذا الاستفهام من الله تعالى توبيخ لإبليس وتقريع له. وأجابه إبليس بما أخبر تعالى به عنه في قوله ﴿قالَ أناْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نّارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ فاستعمل اللعين القياس الفاسد المردود عند أرباب العقول، إذ النار لم تكن أبداً خيرا من الطين، النار تحرق ونهايتها رماد، والطين لا يحرق ومنه سائر أنواع المغذيات التي بها الحياة الحبوب والثمار والفواكه والخضر واللحوم وحسبه أنه أصل الإنسان ومادة خلقته. فأيُّ شرف للنّار أعظم لو كان اللعين يعقل. وهنا قال تعالى له ﴿فَٱخْرُجْ مِنها﴾ أي من الجنة ﴿فَإنَّكَ رَجِيمٌ﴾ أي مطرود مبعد لا ينبغي أن تبقى في رحمة الله، ﴿وإنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ﴾ لا تفارقك على مدى الحياة وهي بُعد من رحمتي طوال الحياة. وهنا قال اللعين لما آيس من الرحمة ﴿رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ﴾ أي ابق عليَّ حياً لا تمتني ﴿إلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ حتى يتمكن من إغواء بني آدم، ولا يموت إذا ماتوا في النفخة الأولى فلا يذوق هو الموت وعلم الله ما أضمره في نفسه فرد عليه بقوله ﴿فَإنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ﴾ أي الممهلين المبقى على حياتهم ﴿إلىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ﴾ وهو النفخة الأولى حتى يموت مع سائر الخلائق ولما علم اللعين أنه أنظر قال في صفاقة وجه ووقاحة قول مقسماً بعزة الله ﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أجْمَعِينَ إلاَّ عِبادَكَ مِنهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ﴾ فاستثنى اللعين عباد الله المؤمنين المتبقين الذين استخلصهم الله لطاعته وجواره في دار كرامته. وهنا قال تعالى ردا على اللعين ﴿قالَ فَٱلْحَقُّ﴾ أي أنا الحق ﴿وٱلْحَقَّ أقُولُ﴾ ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ ومِمَّن تَبِعَكَ مِنهُمْ﴾ أي من الإنس والجن أجمعين. وإلى هنا انتهى ما دار من خصومة في الملأ الأعلى، وكيف عرف محمد ﷺ هذا وأخبر به لولا أنه وحيّ يوحى إليه. وهنا قال تعالى لرسوله قل لقومك المكذبين برسالتك ﴿مَآ أسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي على البلاغ ﴿مِن أجْرٍ ومَآ أنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ﴾ الذين يتقولون على الله ويقولون ما لم يقل ﴿إنْ هُوَ﴾ أي القرآن ﴿إلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعالَمِينَ﴾ من الإنس والجن يذكرون به فيؤمنون ويهتدون ﴿ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ﴾ أي ولتعرفن صدق ما أخبر به من وعد ووعيد وصلاحية ما تضمنه من تشريع بعد حين، وقد عرف بعضهم ذلك يوم بدر، ويوم الفتح، ويوم موته. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- ذم الكبر والحسد وحرمتهما وبيان جزائهما. ٢- مشروعية القياس إن كان قياس صحيحا، وبيان أخطار القياس الفاسد. ٣- مشروعية القسم بالله وبصفاته وأسمائه. ٤- بيان أن من كتب الله سعادتهم لا يقوى الشيطان على إغوائهم وإضلالهم. ٥- لا يجوز أخذ الأجرة على بيان الحق والدين. ٦- ذم التكلُّف المفضي إلى الكذب والتقول على الله وعلى الرسول والمؤمنين. ٧- ظهر مصداق ما أخبر به القرآن بعد حين قصير وطويل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب