الباحث القرآني

شرح الكلمات: إنا جعلناك خليفة: أي خلفت من سبقك تدبر أمر الناس بإذننا. ولا تتبع الهوى: أي هوى النفس وهو ما تميل إليه مما تشتهيه. فيضلك عن سبيل الله: أي عن الطريق الموصل إلى رضوانه. إن الذين يضلون عن سبيل الله: أي يخطئون الطريق الموصل إلى رضوانه وهو الإيمان والتقوى. بما نسوا يوم الحساب: أي بنسيانهم يوم القيامة فلم يتقوا الله تعالى. باطلا: أي عبثا لغير حكمة مقصودة من ذلك الخلق. ذلك ظن الذين كفروا: أي ظنُّ أن السماوات والأرض وما بينهما خلقت عبثا لا لحكمة مقصودة منها ظن الذين كفروا. فويل للذين كفروا من النار: أي من واد في النار بعيد غوره كريه ريحه لا يطاق. مبارك: أي لا تفارقه البركة يجدها قارئه والعامل به والحاكم بما فيه. وليتذكر أولوا الألباب: أي ليتعظ به أصحاب العقول الراجحة. معنى الآيات: ما زال السياق في ذكر قصة داود للعظة والاعتبار وتثبيت فؤاد النبي ﷺ فقال تعالى ﴿يٰداوُودُ﴾ أي وقلنا له أي بعد توبته وقبولها يا داود ﴿إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ﴾ خلفت من قبلك من الأنبياء تدبر أمر الناس ﴿فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنّاسِ بِٱلْحَقِّ﴾ أي بالعدل الموافق لشرع الله ورضاه، ﴿ولا تَتَّبِعِ ٱلْهَوىٰ﴾ وهو ما تهواه نفسك دون ما هو شرع الله، ﴿فَيُضِلَّكَ﴾ أي اتباع الهوى يضلك عن سبيل الله المفضي بالعباد إلى الإسعاد والكمال وذلك أنّ الأحكام إذا كانت مطابقة للشريعة الإلهية انتظمت بها مصالح العباد ونفعت العامة والخاصة أما إذا كانت على وفق الهوى وتحصيل مقاصد النفس للحاكم لا غير أفضت إلى تخريب العالم بوقوع الهرج والمرج بين الناس وفي ذلك هلاك الحاكم والمحكومين، وقوله تعالى ﴿إنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ﴾ القائم على الإيمان والتقوى وإقامة الشرع والعدل هؤلاء ﴿لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدُ بِما نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسابِ﴾ أي بسبب نسيانهم ليوم القيامة فتركوا العمل له وهو الإيمان والتقوى التقوى التي هي فعل الأوامر الإلهية واجتناب النواهي في العقيدة والقول والعمل، وقوله تعالى في الآية [٢٧] ﴿وما خَلَقْنا ٱلسَّمَآءَ وٱلأَرْضَ وما بَيْنَهُما باطِلاً﴾ ينفي تعالى ما يظنه المشركون وهو أن خلق الكون لم يكن لحكمة اقتضت خلقه وإيجاده وهي أن يعبد الله تعالى بذكره وشكره المتمثل في الإيمان والتقوى. وقوله ﴿ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي ظن أن الله خلق السماء والأرض وما بينهما لا لحكمة مقصودة وهي عبادة الله تعالى بما يشرع لعباده من العبادات القلبية والقولية والفعلية ظن الذين كفروا من كفار مكة وغيرهم. ثم توعدهم تعالى على كفرهم وظنهم الخاطئ الذي نتج عنه كفرهم وعصيانهم فقال ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنّارِ﴾ أي ويل للذين كفروا من واد في جهنم بعيد الغور كريه الريح. وقوله تعالى في الآية [٢٨] ﴿أمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ ٱلصّالِحاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجّارِ﴾ هذا أولاً ردٌّ لما زعمه المشركون من أنهم يعطون في الآخرة من النعيم مثل ما يعطى المؤمنون، وثانيا ينفي تعالى أن يسوى بين من آمن به واتبع هداه فأطاعه في الأمر والنهي، وبين من أفسد في الأرض بالشرك والمعاصي كما نفى أن يجعل المتقين الذين آمنوا واتقوا فتركوا الشرك والمعاصي كالفجار الذين فجروا أي خرجوا عن طاعة الله ورسوله فلم يؤمنوا ولم يوحدوا فعاشوا كفاراً فجاراً وماتوا على ذلك. أي فحاشا لله ربّ العالمين وأعدل العادلين وأحكم الحاكمين أن يسوي بين أهل الإيمان والتقوى وبين أهل الشرك والمعاصي بل ينعم الأولين في دار النعيم، ويعذب الآخرين في سواء الجحيم وقوله تعالى في الآية [٢٩] ﴿كِتابٌ أنزَلْناهُ﴾ أي هذا كتاب مبارك أنزلناه على رسولنا ليدبروا آياته بمعنى يتأملوها ويترووها بعقولهم فيحصلوا على هداية القلوب والعقول فيؤمنوا بالله ويعملوا بطاعته فينجوا ويسعدوا. وليذكّر أولوا الألباب أي وليتعظ بمواعظه وينزجر بزواجره أولو الألباب اي العقول السليمة ووصف الكتاب وهو القرآن بالبركة هو كما أخبر الله لا تفارق القرآن البركة وهي الخير الدائم فكل من قرأه متدبراً عرف الهدى ومن قرأه تقرباً حصل على القرب وفاز به ومن قرأه حاكماً عدل في حكمه. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- وجوب الحكم بالعدل على كل من حكم ولا عدل في غير الشرع الإلهي. ٢- حرمة اتباع الهوى لما يفضي بالعبد إلى الهلاك والخسار. ٣- تقرير البعث والجزاء. ٤- إبطال ظن من يظن أن الحياة الدنيا خلقت عبثا وباطلا. ٥- تنزيه الربّ تعالى عن العبث والظلم. ٦- فضيلة العقول لمن استعملها في التدبر والتذكر. ٧- بركة القرآن لا تفارقه أبداً وما طلبها أحد إلا وجدها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب