الباحث القرآني

شرح الكلمات: وإن يونس لمن المرسلين: أي وإن يونس بن متى الملقب بذي النون لمن جُملة المرسلين. إذ أبق إلى الفلك المشحون: أي إذ هرب إلى السفينة المملوءة بالركاب. فساهم فكان من المدحضين: أي اقترع مع ركاب السفينة فكان من المغلوبين. فالتقمه الحوت وهو مليم: أي ابتلعه الحوت وهو آتٍ بما يلام عليه. للبث في بطنه إلى يوم يبعثون: أي لكان بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة. فنبذناه بالعراء: أي فألقيناه في بطن الحوت بالعراء أي بوجه الأرض بالساحل. وهو سقيم: أي عليل كالفرخ المنتوف الريش. شجرة من يقطين: أي الدباء: القرع. إلى مائة ألف أو يزيدون: أي أرسلناه إلى مائة ألف نسمة بل يزيدون بكذا الف. فآمنوا فمتعناهم إلى حين: أي فآمن قومه عند معاينة أمارات العذاب فأبقاهم الله إلى آجالهم. معنى الآيات: ما زال السياق في ذكر من أنعم الله تعالى عليهم بما شاء من وجوه الإنعام. فقال عز وجل عطفا عما سبق ﴿وإنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ﴾ أي وإن عبدنا يونس بن متى ذا النون لمن جُملة من مننّا عليهم بالنبوّة والرسالة. ﴿إذْ أبَقَ﴾ أي في الوقت الذي هرب من قومه لما لم يؤمنوا به وواعدهم العذاب وتأخر عنهم فاستعجل فهرب من المدينة وهي نينوي من أرض الموصل بالعراق، فوصل الميناء فوجد سفينة مبحرة فركب وكانت حمولتها أكبر من طاقتها فوقفت في عرض البحر لا تتقدم ولا تتأخر فرأى رُبّان السفينة أنه لا بد من تقليل الشحنة وإلاّ غرق الجميع، وشح كل راكب بنفسه فاقترعوا فكان يونس من المدحضين أي المغلوبين في القرعة فرموه في البحر فالتقمه حوته، وهو مليم أي فاعل ما يلام عليه من فراره من دعوة قومه إلى الله لما ضاق صدره ولم يطق البقاء معهم. وهذا معنى قوله تعالى ﴿إذْ أبَقَ إلى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ﴾. وقوله تعالى ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ﴾ أي بطن الحوت ﴿إلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ أي يوم القيامة بأن يصير بطن الحوت قبراً له أي فلولا أن يونس كان من المسبحين أي المكثرين من الصلاة والذكر والدعاء والتسبيح قبل البلاء لما كان يُلهم قوله لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ولما كان يستجاب له ولذا قال رسول الله ﷺ «تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة» فإن صوت يونس سمع تحت العرش فعرفه بعض الملائكة فذكروا ذلك لربهم تعالى فأخبرهم أنه عبده يونس، وأنه كان من المكثرين الصلاة والذكر والدعاء قبل البلاء فلذا استجاب الله تعالى ونجاه من الغم، وهو معنى قوله تعالى ﴿فَنَبَذْناهُ بِٱلْعَرَآءِ﴾ أي بوجه الأرض العارية من الشجر وكل ظل وهو كالفرخ المنتوف الريش نضج لحمه من حرارة جوف الحوت وأنبت تعالى عليه شجرة من يقطين أي فرع تظلله بأوراقها الحريرية الناعمة والتي لا ينزل بساحتها الذباب، وسخر له أُروية «غزالة» فكانت تأتيه صباح مساء فتفشح عليه أي تفتح رجليها وتدني ضرعها منه فيرضع حتى يشبع إلى أن تماثل للشفاء وعاد إلى قومه فوجدهم مؤمنين لتوبة أحدثوها عند ظهور امارات العذاب فتاب الله عليهم. وقوله تعالى ﴿وأَرْسَلْناهُ إلىٰ مِئَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ﴾ أي أرسلناه إلى قومه وهم أهل نينوي وكان تعدادهم مائة ألف وزيادة كذا ألفا فآمنوا أي بالله ربّا وبالإسلام دينا وبيونس نبيا ورسولا وتابوا بترك الشرك والكفر فجزيناهم على إيمانهم وتوبتهم بأن كشفنا عنهم العذاب الذي أظلهم، ومتعناهم أي أبقينا عليهم يتمتعون بالحياة إلى نهاية آجالهم المحدودة لهم في كتاب المقادير. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- تقرير نبوة يونس ورسالته وضمن ذلك تقرير رسالة محمد ﷺ. ٢- مشروعية الركوب في السفن البحرية. ٣- مشروعية الاقتراع لفض النزاع في قسمة الأشياء ونحوها. ٤- فضل الصلاة والذكر والدعاء والتسبيح وعظيم نفعها عند الوقوع في البلاء. ٥- تقرير مبدأ «تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة». ٦- بركة أكل اليقطين أي الدباء القرع إذ كان النبي ﷺ يأكلها ويلتقطها من حافة القصعة. ٧- فضل قوم يونس إذ آمنوا كلهم ولم تؤمن أمة بكاملها إلاّ هم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب