الباحث القرآني

شرح الكلمات: ولا بالذي بين يديه: أي من الكتب السابقة وهي التوراة والإنجيل. يرجع بعضهم إلى بعض القول: أي يقول الاتباع كذا ويرد عليهم المتبوعون بكذا وهو المبيّن في الآيات. أنحن صددناكم عن الهدى: أي ينكر المستكبرون وهم المتبوعون أن يكونوا صدوا التابعين لهم عن الهدى بعد إذْ جاءهم بواسطة رسوله. بل كنتم مجرمين: أي ظلمة فاسدين مفسدين. بل مكر الليل والنهار: أي ليس الأمر كما ادعيتم بل مكركم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر بالله. ونجعل له أنداداً: أي شركاء نعبدهم معه فننادُّه بهم. وأسروا الندامة: أي أخفوها إذ لا فائدة منها أو أظهروها أي أظهروا الندم إذ أسر الندامة له معنيان أخفى وأظهر. وجعلنا الأغلال في أعناق: أي وجعلنا الأغلال جمع غل حديدة تجعل في عنق المجرم. هل يجزون إلا ما كانوا يعملون: أي ما يجزون إلا ما كانوا يعملون. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء فيخبر تعالى فيقول: ﴿وقالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي من مشركي مكة قالوا للرسول والمؤمنين لن نؤمن بهذا القرآن الذي أنزل على محمد، ولا بالذي أنزل على من تقدمه من الأنبياء كالتوراة والإنجيل، وذلك لما احتُجَّ عليهم بتقرير التوراة والإنجيل للتوحيد والنُّبوات والبعث والجزاء قالوا لن نُؤمن بالجميع عناداً ومكابرة. وجحوداً وظلما. ولازم هذا أنهم ظلمة معاندون ومن باب دعوتهم إلى الهدى ستعرض الآيات لهم حالهم يوم القيامة فيقول تعالى لرسوله وهم يسمعون ﴿ولَوْ تَرىٰ﴾ يا رسولنا ﴿إذِ ٱلظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ﴾ أي يتحاورون متلاومين. يقول الذين استُضعفوا وهم الفقراء المرءوسون الذين كانوا أتباعاً لكبرائهم وأغنيائهم، يقولون للذين استكبروا عليهم في الدنيا: لولا أنتم أي صرفتمونا عن الإيمان واتباع الرسول لكنا مؤمنين فيرد عليهم الكبراء بما أخبر تعالى عنهم في قوله: ﴿قالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أنَحْنُ صَدَدناكُمْ عَنِ ٱلْهُدىٰ بَعْدَ إذْ جَآءَكُمْ﴾ أي ما صددناكم أبداً بل كنتم مجرمين أي أصحاب إجرام وفساد ويرد عليهم المستضعفون قائلين بما أخبر تعالى به عنهم ﴿وقالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وٱلنَّهارِ﴾ أي بل مكركم بنا في الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً. قال تعالى ﴿وأَسَرُّواْ ٱلنَّدامَةَ﴾ أي أخفوها لما رأوا العذاب. قال تعالى: ﴿وجَعَلْنا ٱلأَغْلالَ فِيۤ أعْناقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي شدت أيديهم إلى أعناقهم بالأغلال وهي جمع غل حديدة يشد بها المجرم، ثم أدخلوا الجحيم إذ كانوا في موقف خارج منهم، وقوله تعالى: ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ ما كانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي ما يُجْزَونَ إلا ما كانوا يعملون فالجزاء بحسب العمل إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر، وكانت أعمالهم كلها شرّاً وظلماً وباطلاً. هذا وجواب لولا في أول السياق محذوف يُقدر بمثل: لرأيت أمراً فظيعاً واكتُفي بالعرض لموقفهم عن ذكره فإنه أتم وأشمل. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- تشابه حال الظلمة والمجرمين فالعرب المشركون كانوا يركنون إلى أهل الكتاب يحتجون بما عندهم على الرسول والمؤمنين. ولما وجدوا التوراة والإنجيل يقرران عقيدة البعث والجزاء والنبوة تبرأوا منهما وقالوا لن نؤمن بالقرآن ولا بالتوراة والإنجيل. واليهود كانوا يحتجون بالتوراة على المسلمين ولما وجدوا التوراة تقرر ما يقرره القرآن تركوا الاحتجاج بالتوراة وأخذوا يحتجون بالسحر كما تقدم في البقرة في قول الله تعالى ﴿ولَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ ورَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ وٱتَّبَعُواْ ما تَتْلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلىٰ مُلْكِ سُلَيْمَٰنَ﴾ [البقرة: ١٠١-١٠٢]. ٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض كامل لموقف من مواقف يوم القيامة، ومشهد من مشاهده. ٣- بطلان احتجاج الناس بعمل العلماء أو الحكماء وأشراف الناس إذا كان غير موافق لشرع الله تعالى وما جاء به رسله من الحق والدين الصحيح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب