الباحث القرآني

شرح الكلمات: الطعام: اسم لكل ما يطعم من أنواع المأكولات. حِلٌّ: الحِل: الحلال، وسمي حلالاً لانحلال عقدة الحظر عنه. بني إسرائيل: أولاد يعقوب الملقب بإسرائيل المنحدرون من أبنائه الأثني عشر إلى يومنا هذا. حرّم: حظر ومنع. التوراة: كتاب أنزل على موسى عليه السلام وهو من ذريّة إسرائيل. فاتلوها: اقرأوها على رؤوس الملأ لنتبين صحة دعواكم من بطلانها. افترى الكذب: اختلقه وزوره وقاله. ملة إبراهيم: دينه وهي عبادة الله تعالى بما شرع، ونبذ الشرك والبدع. حنيفاً: مائلا عن الشرك إلى التوحيد. ببكة: مكة. للعالمين: للناس أجمعين. مقام إبراهيم: آية من الآيات وهو الحجر الذي قام عليه أثناء بناء البيت فارتسمت قدماه وهو صخر فكان هذا آية. من دخله: الحرم الذي حول البيت بحدوده المعروفة. آمناً: لا يخاف على نفس ولا مال ولا عرض. الحج: قصد البيت للطواف به وأداء بقية المناسك. سبيلاً: طريقاً والمراد القدرة على السير إلى البيت والقيام بالمناسك. معنى الآيات: ما زال السياق في الحجاج مع أهل الكتاب فقد قال يهود للنبي ﷺ كيف تدعي أنك على دين إبراهيم، وتأكل ما هو محرم في دينه من لحوم الإبل وألبانها فرد الله تعالى على هذا الزعم الكاذب بقوله: كل الطعام كان حلاً أي حلالاً لبني إسرائيل وهم ذرية يعقوب الملقب بإسرائيل، ولم يكن هناك شيء محرم عليهم في دين إبراهيم اللهم إلا ما حرم إسرائيل «يعقوب» على نفسه خاصة وهو لحوم الإبل وألبانها لنذر نذره وهو أنه مرض مرضاً آلمه فنذر لله تعالى إن شفاه تَرَكَ أحب الطعام والشراب إليه، وكانت لحوم الإبل وألبانها من أحب الأطعمة والأشربة إليه فتركها لله تعالى، هذا معنى قوله تعالى: ﴿كُلُّ ٱلطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِّبَنِيۤ إسْرائِيلَ إلاَّ ما حَرَّمَ إسْرائِيلُ عَلىٰ نَفْسِهِ﴾ من قبل أن تنزل التوراة، إذ التوراة نزلت على موسى بعد إبراهيم ويعقوب بقرون عدة، فكيف تدعون أن إبراهيم كان لا يأكل لحوم الإبل ولا يشرب ألبانها فأتوا بالتوراة فاقرؤوها فسوف تجدون أن ما حرم الله تعالى على اليهود إنما كان لظلمهم واعتدائهم فحرم عليهم أنواعاً من الأطعمة، وذلك بعد إبراهيم ويعقوب بقرون طويلة. قال تعالى في سورة النساء: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هادُواْ﴾ [الآية: ١٦٠] (اليهود) ﴿حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [الآية: ١٦٠] وقال في سورة الأنعام: ﴿وعَلى ٱلَّذِينَ هادُواْ حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ومِنَ ٱلْبَقَرِ وٱلْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ﴾ [الآية: ١٤٦]. ولما طُولبوا بالإتيان بالتوراة وقراءتها بهتوا ولم يفعلوا فقامت الحجة لرسول الله ﷺ عليهم. وقوله تعالى: فمن افترى على الله الكذب بعد قيام الحجة بأن الله تعالى لم يحرم على إبراهيم ولا على بني إسرائيل شيئاً من الطعام والشراب إلا بعد نزول التوراة باستثناء ما حرم إسرائيل على نفسه من لحمان الإبل وألبانها، فأولئك هم الظالمون بكذبهم على الله تعالى وعلى الناس. ومن هنا أمر الله تعالى رسوله أن يقول: صدق الله فيما أخبر به رسوله ويخبره به وهو الحق من الله، إذا فاتبعوا يا معشر اليهود ملة إبراهيم الحنيف الذي لم يكن أبداً من المشركين. هذ ما تضمنته الآيات الثلاث: ٩٣- ٩٤- ٩٥ وأما قوله تعالى: ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وهُدًى لِّلْعالَمِينَ﴾ فإنه متضمن الرّد على اليهود الذين قالوا إن بيت المقدس هي أول قبلة شرع للناس استقبالها فَلِمَ يعدل محمد وأصحابه عنها إلى استقبال الكعبة؟ وهي متأخرة الوجود فأخبر تعالى أن أول بيت وضع للناس هو الكعبة لا بيت المقدس وأنه جعله مباركاً يدوم بدوام الدنيا والبركة لا تفارقه فكل من يلتمسها بزيارته وحجه والطواف به يجدها ويحظى بها، كما جعله هدى للعالمين فالمؤمنون يأتون حجاجاً وعماراً فتحصل لهم بذلك أنواع من الهداية، والمصلون في مشارق الأرض ومغاربها يستقبلونه في صلاتهم، وفي ذلك من الهداية للحصول على الثواب وذكر الله والتقرب إليه أكبر هداية وقوله تعالى فيه آيات بينات يريد: في المسجد الحرام دلائل واضحات منها مقام إبراهيم وهو الحجر الذي كان يقوم عليه أثناء بناء البيت حيث بقي أثر قدميه عليه مع أنه صخرة من الصخور ومنها زمزم والحِجْر والصفا والمروة وسائر المشاعر كلها آيات ومنها الأمن التام لمن دخله فلا يخاف غير الله تعالى. قال تعالى: ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾ ثم هذا الأمن له والعرب يعيشون في جاهلية جهلاء وفوضى لا حد لها، ولكن الله جعل في قلوبهم حرمة الحرم وقدسيته ووجوب أمن كل من يدخله ليحجه أو يعتمره، وقوله تعالى ﴿وللَّهِ عَلى ٱلنّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً﴾، لمّا ذكر تعالى البيت الحرام وما فيه من بركات وهدايات وآيات ألزم عباده المؤمنين به وبرسوله بحجه ليحصل لهم الخير والبركة والهداية، ففرضه بصيغة ولله على الناس وهي أبلغ صيغ الإيجاب، واستثنى العاجزين عن حجه واعتماره بسبب مرض أو خوف أو قلة نفقة للركوب والإنفاق على النفس والأهل أيام السفر. وقوله تعالى في آخر الآية: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ﴾ فإنه خبر منه تعالى بأن من كفر بالله ورسوله وحج بيته بعد ما ذكر من الآيات والدلائل الواضحات فإنه لا يضر إلا نفسه أما الله تعالى فلا يضره شيء وكيف وهو القاهر فوق عباده والغني عنهم أجمعين. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- ثبوت النسخ في الشرائع الإلهية، إذ حرم الله تعالى على اليهود بعض ما كان حِلاً لهم. ٢- إبطال دعوى اليهود أن إبراهيم كان محرماً عليه لحوم الإبل وألبانها. ٣- تقرير النبوة المحمدية بتحدي اليهود وعجزهم عن دفع الحق الذي جاء به محمد ﷺ. ٤- البيت الحرام كان قبل بيت المقدس وأن البيت الحرام أول بيت وضع للتعبد بالطواف به. ٥- مشروعية طلب البركة بزيارة البيت وحجه والطواف به والتعبد حوله. ٦- وجوب الحج على الفور لمن لم يكن له مانع يمنعه من ذلك. ٧- الإشارة إلى كفر من يترك الحج وهو قادر عليه، ولا مانع يمنعه منه غير عدم المبالاة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب