الباحث القرآني

شرح الكلمات: أولم يروا: أي ينظروا بأبصارهم فيعلموا بقلوبهم. يبدئ الله الخلق: أي كيف يخلق المخلوق ابتداء. ثم يعيده: أي ثم هو تعالى يعيده بعد بدئه وإفنائه يعيده لأن الإعادة أهون من البدء وقد بدأ وأفنى فهو بالضرورة قادر على الإعادة. إن ذلك: أي أن الخلق الأول والثاني هو الإعادة. على الله يسير: أي سهل لا صعوبة فيه، فكيف إذاً ينكر المشركون البعث. قل سيروا في الأرض: أي قل يا رسولنا لقومك المكذبين بالبعث سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق وأنشأه، تستدلون بذلك على قدرته على البعث الآخر. ثم الله ينشئ النشأة الآخرة: أي يحيي الناس بعد موتهم وهو البعث الآخر الذي أنكره الجاهلون. وإليه تقلبون: أي ترجعون إليه لا إلى غيره أحياء كما كنتم فيحاسبكم ويجزيكم بأعمالكم، الحسنة بخير منها والسيئة بمثلها جزاء عادلاً. وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء: أي بغالبين ولا فائتين بالهروب فإن الله غالبكم. وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير: ليس لكم من ولي يتولاكم ولا نصير ينصركم من الله تعالى. يئسوا من رحمتي: أي من دخول الجنة لأنهم كافرون أعظم كفر وهو التكذيب بالقرآن والبعث الآخر. معنى الآيات: ما زال السياق في تقرير أصول الدين التوحيد والنبوة والبعث وقد قررت الآيات السابقة أصلي التوحيد والنبوة المحمدية وفي هذه الآيات تقرير الأصل الثالث وهو البعث والجزاء في الدار الآخرة. قال: ﴿أوَلَمْ يَرَوْاْ﴾ أي أولئك المنكرون للبعث، أيكذبون؟، ولم ينظروا كيف يبدئ الله الخلق أي خلق الإنسان، فإن ذلك دال على إعادته متى أراد الله الخالق ذلك، ثم هو تعالى يعيده متى شاء، ﴿إنَّ ذٰلِكَ﴾ أي الخلق والإعادة بعد الفناء والبلى ﴿عَلى ٱللَّهِ يَسِيرٌ﴾ سهل لا يتعذر عليه أبداً. وقوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ﴾ أي قل يا رسولنا للمكذبين بالبعث الآخر ﴿سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ﴾ شرقاً وغرباً ﴿فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ﴾ تعالى خلق تلك المخلوقات التي تشاهدونها من أرض، وسماء، وأنهار، وأشجار، وحيوان، وإنسان، إنها كلها كانت عدماً فأنشأها الله تعالى ثم هو سيفنيها ﴿ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ﴾ وذلك بأن يعيد حياة الإنسان ليحاسبه على كسبه في الدنيا ويجزيه به خيراً أو شراً، ﴿إنَّ ٱللَّهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ إذاً فلا يستنكر عليه إعادة الناس أحياء بعد نهاية هذه الحياة الدنيا ليحاسبهم ويجزيهم بما كانوا يعملون. وقوله تعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ويَرْحَمُ مَن يَشَآءُ﴾ هذه فائدة وحكمة البعث الآخرة وهي المجازاة على العمل في هذه الحياة فيعذب أهل الكفر به وبرسوله والذين لم يزكوا أنفسهم بالإيمان وصالح الأعمال فيدخلهم جهنم دار الشقاء والعذاب ويرحم أهل الإيمان والتقوى الذين زكوا أنفسهم بالإيمان والصالحات. وقوله: ﴿وإلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ أي إلى الله ربكم ترجعون بعد الموت والفناء وإنشاء النشأة الآخرة وقوله ﴿ومَآ أنتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي الله تعالى ﴿فِي ٱلأَرْضِ ولا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ بل أنتم مقهورون له خاضعون لسلطانه لا يمكنكم الهرب منه ولا الخلاص بحال من الأحوال. وليس لكم من دونه تعالى ولي يتولاكم فيدفع عنكم العذاب ولا نصير ينصركم فلا تُغلَبون ولا تُعذبون وقوله تعالى: ﴿وٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآياتِ ٱللَّهِ﴾ التي جاءت بها رسله ﴿ولِقَآئِهِ﴾ وهو البعث الآخر الموجب للوقوف بين يدي الله للسؤال والحساب والجزاء هذا إن كان للعبد ما يحاسب عليه من الخير، أما إن لم يكن له حسنات فإنه يُلقى في جهنم بلا حساب ولا وزن إذ ليس له من الصالحات ما يوزن له ويحاسب به، ولذا قال تعالى: ﴿أُوْلَٰئِكَ﴾ أي المكذبون بآيات الله ولقائه ﴿يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي﴾ إذ تكذيبهم بالقرآن مانع من الإيمان والعمل الصالح وتكذيبهم بيوم القيامة مانع لهم أن يتخلوا عن الشرك والمعاصي، أو يعملوا صالحاً من الصالحات لتكذيبهم بالجزاء، فهم يائسون من الجنة. ﴿وأُوْلَٰئِكَ لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ﴾ أي موجع وهو عذاب النار في جهنم والعياذ بالله تعالى. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- وجوب استعمال العقل للاستدلال على الغائب بالحاضر وعلى المعدوم بالموجود. ٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء وذكر أدلتها التفصيلية. ٣- تقرير عجز الإنسان التام وأنه لا مهرب له من الله تعالى ربه ومالكه وهي حال تستدعي الفرار إلى الله اليوم بالإيمان والتقوى. ٤- إنذار المكذبين بأنهم إن ماتوا على التكذيب بالبعث لا يدخلون الجنة بحال، وسيعذبون في نار جهنم أشد العذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب