الباحث القرآني

شرح الكلمات: ووصينا الإنسان: أي عهدنا إليه بطريق الوحي المنزل على رسولنا. بوالديه حسناً: أي أيصاءً ذا حسن، وذلك ببرهما وعدم عقوقهما. وإن جاهداك: أي بذلا الجهد في حملك على أن تشرك. لندخلنهم في الصالحين: أي لندخلنهم مدخلهم في الجنة. فتنة الناس: أي أذاهم له. كعذاب الله: أي في الخوف منه فيطيعهم فينافق. إنا كنا معكم: أي في الإيمان وإنما أكرهنا على ما قلنا بألسنتنا. إتبعوا سبيلنا: أي ديننا وما نحن عليه. ولنحمل خطاياكم: أي ليكن منكم اتباع لسبيلنا وليكن منا حمل لخطاياكم، فالكلام خبر وليس إنشاء. وليحملن أثقالهم: أي أوزارهم، والأوزار الذنوب. وأثقالاً مع أثقالهم: أي من أجل قولهم للمؤمنين اتبعوا سبيلنا. عما كانوا يفترون: أي يكذبون. معنى الآيات: هذه الآيات نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص لما أسلم قالت له أمه حمنة بنت أبي سفيان ما هذا الدين الذي أحدثت والله لا آكل ولا اشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت فتُعَيَّر بذلك أبد الدهر يقال يا قاتل أمه، ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ثم مكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب فجاء سعد إليها وقال: يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني فكلي إن شئت وإن شئت فلا تأكلى، فلما أيست منه أسلمت وأكلت وشربت فأنزل الله هذه الآية ﴿ووَصَّيْنا ٱلإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً﴾ أي عهدنا إليه بواسطة الرسل إيصاءً ذا حسن وهو برهما بطاعتهما في المعروف وترك أذاهما ولو قل، وإيصال الخير بهما من كل ما هو خير قولاً كان أو فعلاً. وقوله تعالى: ﴿وإن جاهَداكَ﴾ أي بذلا جهدهما في حملك على أن تشرك بي شيئا من الشرك أو الشركاء فلا تطعهما كما فعل سعد بن أبي وقاص مع والدته في عدم إطاعتها. وقوله ﴿إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ أولاداً ووالدين ﴿فَأُنَبِّئُكُم بِما كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وأجزيكم به فلذا قدموا طاعتي على طاعة الوالدين، فإني أنا الذي أحاسبكم وأجزيكم بعملكم أنتم وإياهم على حد سواء. وقوله تعالى: ﴿وٱلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي بالله ورسوله ﴿وعَمِلُواْ ٱلصّالِحاتِ﴾ التي هي العبادات التي تَعَبَّد الله تعالى بها عباده المؤمنين، فشرعها لهم وبينها رسوله ﷺ كالذكر وقراءة القرآن والصلاة والصيام والصدقات والجهاد والحج وما إلى ذلك. هؤلاء الذين جمعوا بين الإيمان الحق والعمل الصالح الخالي من الشرك والرياء. يقسم الله تعالى أنه يدخلهم في مدخل الصالحين وهم الأنبياء والأولياء في الجنة دار السلام. وقوله تعالى: ﴿ومِنَ ٱلنّاسِ مَن يِقُولُ ءامَنّا بِٱللَّهِ﴾ الآية هذه نزلت في أناس كانوا بمكة وآمنوا وأعلنوا عن إيمانهم فاضطهدهم المشركون فكانوا ينافقون فأخبر تعالى عنهم بقوله: ﴿ومِنَ ٱلنّاسِ مَن يِقُولُ ءامَنّا بِٱللَّهِ فَإذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ﴾ أي آذاه المشركون نافق وارتد ﴿جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنّاسِ﴾ أي أذاهم له وتعذيبهم إياه ﴿كَعَذابِ ٱللَّهِ﴾ يوم القيامة فوافق المشركين على الكفر. وقوله تعالى: ﴿ولَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنّا كُنّا مَعَكُمْ﴾ أي على الإيمان وإنما كنا مكرهين وهذه نزلت فيمن خرجوا من مكة غلى بدر مع المشركين لما انهزم المشركون وانتصر المسلمون وأسروا قالوا ﴿إنّا كُنّا مَعَكُمْ﴾ أي على الإيمان فرد تعالى دعاهم بقوله ﴿أوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ ٱلْعالَمِينَ﴾ أي الناس. وقوله تعالى: ﴿ولَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ولَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنافِقِينَ﴾ تقرير لما سبق في الآية قبل وليترتب عليه الجزاء على الإيمان وعلى النفاق. فعلمه تعالى يستلزم الجزاء العادل فأهل الإيمان يجزيهم بالنعيم المقيم وأهل النفاق بالعذاب المهين. أولئك في دار السلام وهؤلاء في دار البوار. وقوله تعالى: ﴿وقالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنا﴾ أي ديننا وما نحن عليه ﴿ولْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ﴾ أي قال رؤساء قريش لبعض المؤمنين اتركوا سبيل محمد ودينه واتبعوا سبيلنا وديننا، وإن كان هناك بعث وجزاء كما يقول محمد ﷺ - نحن مستعدون أن نتحمل خطاياكم ونجازى بها دونكم فأكذبهم الله تعالى بقوله: ﴿وما هُمْ بِحامِلِينَ مِن خَطاياهُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ و ﴿إنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ في قولهم ولنحمل خطاياكم. وقال تعالى مقسماً بعزته وجلاله: ﴿ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهُمْ﴾ أي أوزارهم ﴿وأَثْقالاً مَّعَ أثْقالِهِمْ﴾ أي وأوزاراً أي ذنوباً مع أوزارهم التي هي ذنوبهم وذلك من أجل ما قالوا لهم. ﴿ولَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ عَمّا كانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ أي يكذبون من أنهم يحملون خطايا المؤمنين يوم القيامة. هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- وجوب بر الوالدين في المعروف وعدم طاعتهما فيما هو منكر كالشرك والمعاصي. ٢- بشرى المؤمنين العاملين للصالحات بإدخالهم الجنة مع النبيين والصديقين. ٣- ذم النفاق وكفر المنافقين وإن ادعوا الإيمان فما هم بمؤمنين. ٤- بيان ما كان عليه غلاة الكفر في مكة من العتو والطغيان. ٥- تقرير مبدإ من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها كما في الحديث الصحيح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب