شرح الكلمات:
تبارك: أي تقدس وكثر خيره وعمت بركته.
خيراً من ذلك: أي الذي اقترحه المشركون عليك.
ويجعل لك قصوراً: أي كثيرة لا قصراً واحداً كما قال المشركون.
بل كذبوا بالساعة: أي لم يكن المانع لهم من الإيمان كونك تأكل الطعام وتمشي في الأسواق بل تكذيبهم بالبعث والجزاء هو السبب في ذلك.
تغيظاً وزفيراً: أي صوتاً مزعجاً من تغيظها على أصحابها المشركين بالله الكافرين به.
مقرنين: أي مقرونة أيديهم مع أعناقهم في الأصفاد.
دعوا هنالك ثبوراً: أي نادوا يا ثبورنا أي يا هلاكنا إذ الثبور الهلاك.
كانت لهم جزاءً ومصيراً: أي ثواباً على إيمانهم وتقواهم، ومصيراً صاروا إليها لا يفارقونها.
وعداً مسؤلا: أي مطالباً به إذ المؤمنون يطالبون به قائلين ربنا وآتنا ما وعدتنا والملائكة تقول ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الرد على مقترحات المشركين على رسول الله ﷺ، إذ قالوا لولا أنزل إليه ملك، أو يلقى إليه كنزٌ وتكون له جنة يأكل منها فقال تعالى: لرسوله ﷺ: ﴿تَبارَكَ ٱلَّذِيۤ إن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ﴾ أي الذي اقترحوه وقالوا خذ لنفسك من ربك بعد أن رفضت طلبهم بترك دعوتك والتخلي عن رسالتك ﴿جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها ٱلأَنْهارُ﴾ أي من خلال أشجارها وقصورها، ﴿ويَجْعَل لَّكَ قُصُوراً﴾ لا قصراً واحداً كما قالوا، ولكنه لم يشأ ذلك لك من هذه الدار لأنها دار عمل ليست دار جزاء وراحة ونعيم فربك قادر على أن يجعل لك ذلك ولكنه لم يشأه والخير فيما يشاءه فاصبر فإن المشركين لم يكن المانع لهم من الإيمان هو كونك بشراً تأكل الطعام وتمشي في الأسواق، أو أن الله تعالى لم ينزل إليك ملكاً بل المانع هو تكذيبهم بالساعة فعلة كفرهم وعنادهم هي عدم إيمانهم بالبعث والجزاء فلو آمنوا بالحياة الثانية لطلبوا كل سبب ينجي من عذابها ويحصل نعيمها ﴿بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسّاعَةِ وأَعْتَدْنا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسّاعَةِ﴾ أي القيامة ﴿سَعِيراً﴾ أي ناراً مستعرة أو هي دركة من دركات النار تسمى سعيراً.
وقوله تعالى: ﴿إذا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَها تَغَيُّظاً وزَفِيراً﴾ هذا وصف للسعير وهو أنها إذا رأت أهلها من ذوي الشرك والظلم والفساد من مكان بعيد تغيظت عليهم تغيظاً وزفرت زفيراً مزعجاً فيسمعونه فترتعد له فرائصهم، ﴿وإَذَآ أُلْقُواْ مِنها مَكاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ﴾ مشدودة أيديهم إلى أعناقهم بالأصفاد ﴿دَعَوْاْ هُنالِكَ﴾ أي نادوا بأعلى أصواتهم يا ثبوراه أي يا هلاكاه أحضر فهذا وقت حضورك: فيقال لهم: خزياً وتبكيتا وتحسيراً: ﴿لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً﴾، فهذا أوآن هلاككم وخزيكم وعذابكم وهنا يقول تعالى لرسوله محمد ﷺ ﴿قُلْ﴾ لأولئك المشركين المكذبين بالبعث والجزاء: ﴿أذٰلِكَ﴾ أي المذكور من السعير والإلقاء فيها مقرونة الأيدي بالأعناق وهم يصرخون يدعون بالهلاك ﴿خَيْرٌ أمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ﴾ أي التي وعد الله تعالى بها عباده الذين اتقوا عذابه بالإيمان به وبرسوله وبطاعة الله ورسوله قطعاً جنة الخلد خير ولا مناسبة بينها وبين السعير، وإنما هو التذكير لا غير وقوله: ﴿كانَتْ لَهُمْ﴾ أي جنة الخلد كانت لأهل الإيمان والتقوى ﴿جَزَآءً﴾ أي ثواباً، ﴿ومَصِيراً﴾ يصيرون إليه لا يفارقونه وقوله تعالى: ﴿لَّهُمْ فِيها ما يَشَآءُونَ﴾ أي فيها من أنواع المطاعم والمشارب والملابس والمساكن وقوله: ﴿خالِدِينَ﴾ أي فيها لا يموتون ولا يخرجون، وقوله: ﴿كانَ عَلىٰ رَبِّكَ وعْداً مَّسْئُولاً﴾ أي تفضل ربك أيها الرسول بها فوعد بها عباده المتقين وعداً يسألونه إياه فينجزه لهم فهم يقولون: ﴿رَبَّنا وآتِنا ما وعَدتَّنا عَلىٰ رُسُلِكَ﴾ [آل عمران: ١٩٤]، والملائكة تقول ﴿رَبَّنا وأَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وعَدْتَّهُمْ ومَن صَلَحَ مِن آبَآئِهِمْ وأَزْواجِهِمْ وذُرِّيّاتِهِمْ إنَّكَ أنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ﴾ [غافر: ٨].
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان أن مرد كفر الكافرين وظلم الظالمين وفساد المفسدين إلى تكذيبهم بالبعث والجزاء في الدار الآخرة فإن من آمن بالبعث الآخر سارع إلى الطاعة والاستقامة.
٢- تقرير عقيدة البعث الآخر بوصف بعض ما يتم فيه من الجزاء بالنار والجنة.
٣- فضل التقوى وأنها ملاك الأمر فمن آمن واتقى فقد استوجب الدرجات العلى جعلنا الله تعالى من أهل التقوى والدرجات العلى.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["تَبَارَكَ ٱلَّذِیۤ إِن شَاۤءَ جَعَلَ لَكَ خَیۡرࣰا مِّن ذَ ٰلِكَ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ وَیَجۡعَل لَّكَ قُصُورَۢا","بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِیرًا","إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ سَمِعُوا۟ لَهَا تَغَیُّظࣰا وَزَفِیرࣰا","وَإِذَاۤ أُلۡقُوا۟ مِنۡهَا مَكَانࣰا ضَیِّقࣰا مُّقَرَّنِینَ دَعَوۡا۟ هُنَالِكَ ثُبُورࣰا","لَّا تَدۡعُوا۟ ٱلۡیَوۡمَ ثُبُورࣰا وَ ٰحِدࣰا وَٱدۡعُوا۟ ثُبُورࣰا كَثِیرࣰا","قُلۡ أَذَ ٰلِكَ خَیۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِی وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَاۤءࣰ وَمَصِیرࣰا","لَّهُمۡ فِیهَا مَا یَشَاۤءُونَ خَـٰلِدِینَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدࣰا مَّسۡـُٔولࣰا"],"ayah":"لَّهُمۡ فِیهَا مَا یَشَاۤءُونَ خَـٰلِدِینَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدࣰا مَّسۡـُٔولࣰا"}