الباحث القرآني

شرح الكلمات: ذلك عيسى ابن مريم: أي هذا الذي بينت لكم صفته وأخبرتكم خبره هو عيسى بن مريم. قول الحق: أي وهو قول الحق الذي أخبر تعالى به. يمترون: يشكون. ما كان لله أن يتخذ من ولد: أي ليس من شأن الله أن يتخذ ولداً وهو الذي يقول للشيء كن فيكون. سبحانه: أي تنزيهاً له عن الولد والشريك والشبيه والنظير. صراط مستقيم: أي طريق مستقيم لا يضل سالكه. فاختلف الأحزاب: أي في شأن عيسى فقال اليهود هو ساحر وابن زنا، وقالت النصارى هو الله وابن الله تعالى عما يصفون. من مشهد يوم عظيم: هو يوم القيامة. أسمع بهم وأبصر: أي ما أسمعهم وما أبصرهم يوم القيامة عند معاينة العذاب. وأنذرهم يوم الحسرة: أي خوفهم بما يقع في يوم القيامة من الحسرة والندامة وذلك عندما يشاهدون أهل الجنة قد ورثوا منازلهم فيها وهم ورثوا منازل أهل الجنة في النار فتعظم الحسرة ويشتد الندم. معنى الآيات: بعد أن قص الله تعالى قصة مريم من ساعة أن اتخذت من دون أهلها حجاباً معتزلة أهلها منقطعة إلى ربها إلى أن أشارت إلى عيسى وهو في مهده فتكلم فقال: إني عبد الله، فبين تعالى أن جبريل بشرها، وأنه نفخ في كم درعها فحملت بعيسى وأنه ولد في ساعة من حمله وأنها وضعته تحت جذع النخلة وأنه ناداها من تحتها: أن لا تحزني، وأرشدها إلى القول الذي تفول لقومها إذا سألوها عن ولادتها المولود بدون أب، وهو أن تشير إليه تطلب منهم أن يسألوه وسألوه فعلاً فأجاب بأنه عبد الله وأنه آتاه الكتاب وجعله نبياً ومباركاً وأوصاه بالصلاة والزكاة ما دام حياً وأنه بر بوالدته، ولم يكن جباراً شقياً فأشار تعالى إلى هذا بقوله في هذه الآية [٣٤] ﴿ذٰلِكَ﴾ أي هذا الذي بينت لكم صفته وأخبرتكم خبره هو ﴿عِيسى ٱبْنُ مَرْيَمَ﴾، وما أخبرتكم به هو ﴿قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ﴾ أي يشكون إذ قال اليهود في عيسى أنه ابن زنا وانه ساحر وقال النصارى هو الله وابن الله وثالث ثلاثة حسب فرقهم وطوائهم المتعددة وقوله تعالى: ﴿ما كانَ للَّهِ أن يَتَّخِذَ مِن ولَدٍ سُبْحانَهُ﴾ ينفي تعالى عنه اتخاذ الولد وكيف يصح ذلك له أو ينبغي وهو الغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه، وأنه يقول للشيء كن فيكون فعيسى عليه السلام كان بكلمة الله تعالى له كن فكان وهو معنى قوله تعالى ﴿إذا قَضىٰ أمْراً فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾. وقد نزه تعالى نفسه عن الولد والشريك والشبيه والنظير، والافتقار والحاجة إلى مخلوقاته بقوله: سبحانه أي تنزيها له عن صفات المحدثين وقوله تعالى: ﴿وإنَّ ٱللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَٰذا صِراطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾. هذا من قول عيسى عليه السلام لبني إسرائيل أخبرهم أنه عبد الله وليس بابن لله ولا بإله مع الله وأخبرهم أن الله تعالى هو ربه وربهم فليعبدوه جميعاً بما شرع لهم ولا يعبدون معه غيره إذ لا إله لهم إلا هو سبحانه وتعالى، وأعلمهم أن هذا الاعتقاد الحق والعبادة بما شرع الله هو الطريق المفضي بسالكه إلى السعادة ومن تنكب عنه وسلك طريق الشرك والضلال أفضى به إلى الخسران وقوله تعالى في الآية [٣٧] ﴿فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزابُ مِن بَيْنِهِمْ﴾ أي في شأن عيسى فمن قائل هو الله، ومن قائل هو ابن الله ومن قائل هو وامه الهين من دون الله والقائلون بهذه المقالات كفروا بها فتوعدهم الله تعالى بالعذاب الأليم فقال ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ بنسبَتِهم الولد والشريك لله، والويل واد في جهنم فهم إذا داخلوها لا محالة، وقوله ﴿مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يعني به يوم القيامة وهو يوم ذو أهوال وشدائد لا يقادر قدرها. وقوله تعالى في الآية [٣٨] ﴿أسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا﴾ يخبر تعالى أن هؤلاء المتعامين اليوم عن الحق لا يريدون أن يبصروا آثاره الدالة عليه فيؤمنوا ويوحدوا ويعبدوا، والمتصاممين عن سماع الحجج والبراهين وتوحيد الله وتنزيهه عن الشريك والولد هؤلاء يوم يقدمون عليه تعالى في عرصات القيامة يصبحون أقوى ما يكون أبصاراً وسمعاً، ولكن حين لا ينفعهم سمع ولا بصر، وقوله تعالى: ﴿لَٰكِنِ ٱلظّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ يخبر تعالى أن أهل الشرك والكفر وهم الظالمون في ضلال مبين أي عن طريق الهدى وهو سبب عدم إبصارهم للحق وسماعهم لحججه التي جاءت بها رسل الله ونزلت بها كتبه. وقوله تعالى في آية [٣٩] ﴿وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وهُمْ فِي غَفْلَةٍ وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ يأمر تعالى رسوله محمداً ﷺ بأن ينذر الكفار والمشركين أي يخوفهم عاقبة شركهم وكفرهم وضلالهم يوم القيامة حيث تشتد فيه الحسرة وتعظم الندامة وذلك عندما يتوارث الموحدون مع المشركين فالموحدون يرثون منازل المشركين في الجنة، والمشركون يرثون منازل الموحدين في النار، وعندما يؤتى بالموت في صورة كبش فيذبح بين الجنة والنار، وينادي منادٍ يا أهل الجنة خلود فلا موت؟ ويا أهل النار خلود فلا موت عندها تشتد الحسرة ويعظم الندم هذا معنى قوله تعالى ﴿وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وهُمْ فِي غَفْلَةٍ﴾ عما حكم عليهم به من الخلود في نار جهنم ﴿وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ بالبعث ولا بما يتم فيه من نعيم مقيم وعذاب أليم. وقوله تعالى: ﴿إنّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ ومَن عَلَيْها وإلَيْنا يُرْجَعُونَ﴾ يخبر تعالى عن نفسه بأنه الوارث للأرض ومن عليها ومعنى هذا أنه حكم بفناء، هذه المخلوقات وأن يوماً سيأتي يفنى فيه كل من عليها، والجميع سيرجعون إليه ويقفون بين يديه ويحاسبهم بما كتبت أيديهم ويجزيهم به، ولذا فلا تحزن أيها الرسول وامض في دعوتك تبلغ عن ربك ولا يضرك تكذيب المكذبين ولا شرك المشركين. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- تقرير أن عيسى عبد الله ورسوله، وليس كما قال اليهود، ولا كما قالت النصارى. ٢- استحالة اتخاذ الله الولد الذي يقول للشيء كن فيكون. ٣- تقرير التوحيد على لسان عيسى عليه السلام. ٤- الإخبار بما عليه النصارى من خلاف في شأن عيسى عليه السلام. ٥- بيان سبب الحسرة يوم القيامة وهو الكفر بالله والشرك به. ٦- تقرير فناء الدنيا، ورجوع الناس إلى ربهم بعد بعثهم وهو تقرير لعقيدة البعث والجزاء التي تعالجها السور المكية في القرآن الكريم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب