الباحث القرآني

شرح الكلمات: واتل ما أوحي إليك من الكتاب: أي اقرأ القرآن تعبداً ودعوة وتعليماً. لا مبدل لكلماته: أي لا مغير لكلمات الله في ألفاظها ولا معانيها وأحكامها. ملتحداً: أي ملجأ تميل إليه إحتماءاً به. واصبر نفسك: أي إحبسها. يريدون وجهه: أي طاعته ورضاه، لا عرضاً من عرض الدنيا. ولا تعد عيناك عنهم: أي لا تتجاوزهم بنظرك إلى غيرهم من أبناء الدنيا. تريد زينة الحياة الدنيا: أي بمجالستك الأغنياء تريد الشرف والفخر. من أغفلنا قلبه: أي جعلناه غافلاً عما يجب عليه من ذكرنا وعبادتنا. وكان أمره فرطاً: أي ضياعاً وهلاكاً. أحاط بهم سرادقها: حائط من نار أحيط بهؤلاء المعذبين في النار. بماء كالمهل: أي كعكر الزيت أي الدردي وهو ما يبقى في أسفل الإناء ثخناً رديئاً. من سندس واستبرق: أي مارَقَّ من الديباج، والاستبرق ما غلظ منه أي من الديباج. معنى الآيات: بعد نهاية الحديث عن أصحاب الكهف أمر تعالى رسوله بتلاوة كتابه فقال: ﴿وٱتْلُ﴾ أي وقرأ ﴿مَآ أُوْحِيَ إلَيْكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ﴾ تعبداً ودعوة للناس إلى ربهم به وتعليماً للمؤمنين بما جاء فيه من الهدى. وقوله: ﴿لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ﴾ أي لا تتركن تلاوته والعمل به والدعوة إليه فتكون من الهالكين فإن ما وعد ربك به المعرضين عنه المكذبين به كائن حقاً وواقع صدقاً فإن ربك ﴿لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ﴾ المشتملة على وعده لأوليائه ووعيده لأعدائه ممن كفروا به وكذبوا بكتابه فلم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه. وقوله تعالى: ﴿ولَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً﴾ أي إنك إن لم تتل كتابه الذي أوحاه إليك وتعمل بما فيه فَنالَكَ ما أوعد به الكافرين المعرضين عن ذكره. ﴿ولَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً﴾ أي موئلاً تميل إليه وملجأ تحتمي به وإذا كان مثل هذا الوعيد الشديد يوجه إلى رسول الله ﷺ وهو المعصوم فغيره ممن تركوا تلاوة القرآن والعمل به فلا أقاموا حدوده ولا أحلوا حلاله ولا حرموا حرامه أولى بهذا الوعيد وهو حائق بهم لا محالة إن لم يتوبوا قبل موتهم وقوله تعالى: ﴿وٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَداةِ وٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾ نزل هذا التوجيه للرسول ﷺ عندما عرض عليه المشركون إبعاد أصحابه الفقراء كبلال وصهيب وغيرهما ليجلسوا إليه ويسمعوا منه فنهاه ربه عن ذلك وأمره أن يحبس نفسه مع أولئك الفقراء المؤمنين ﴿ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ ربهم في صلاتهم في الصباح والمساء لا يريدون بصلاتهم وتسبيحهم ودعائهم عرضاً من أعراض الدنيا وإنما يريدون رضا الله ومحبته بطاعته في ليلهم ونهارهم. وقوله تعالى: ﴿ولا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ﴾ أي لا تتجاوز ببصرك هؤلاء المؤمنين الفقراء إلى أولئك الأغنياء تريد مجالستهم للشرف والفخر وقوله ﴿ولا تُطِعْ مَن أغْفَلْنا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا﴾ فجعلناه غافلاً عن ذكرنا وذكر وعدنا ووعيدنا ليكون من الهالكين لعناده وكبريائه وظلمه. ﴿وكانَ أمْرُهُ فُرُطاً﴾ أي ضياعاً وهلاكاً، وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق ﴿وقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ أي هذا الذي جئت به وأدعوا إليه من الايمان والتوحيد والطاعة لله بالعمل الصالح هو ﴿ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ﴾ أيها الناس. ﴿فَمَن شَآءَ﴾ الله هدايته فآمن وعمل صالحاً فقد نجاه ومن لم يشأ الله هدايته فَبَقِي على كفره فلم يؤمن فقد خاب وخسر. وقوله: ﴿إنّا أعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها﴾ أي جدرانها النارية، ﴿وإن يَسْتَغِيثُواْ﴾ من شدة العطش ﴿يُغاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ﴾ رديئاً ثخِناً ﴿يَشْوِي ٱلْوجُوهَ﴾ إذا أدناه الشارب من وجهه ليشرب شوى جلده ووجهه ولذا قيل فيه ذم له. ﴿بِئْسَ ٱلشَّرابُ وسَآءَتْ﴾ أي جهنم ﴿مُرْتَفَقاً﴾ في منزلها وطعامها وشرابها إذ كله سوء وعذاب هذا وعيد من اختار الكفر على الإيمان وأما وعد من آمن وعمل صالحاً وقد تضمنته الآيتان [٣١-٣٢] إذ قال تعالى: ﴿إنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ ٱلصّالِحاتِ إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلاً﴾ هذا حكمنا الذي لا تبديل له وبين تعالى أجرهم على إيمانهم وإحسان أعمالهم فقال: ﴿أُوْلَٰئِكَ لَهُمْ جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ أي إقامة دائمة ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ويَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وإسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيها عَلى ٱلأَرَآئِكِ﴾ وهي الأسرة بالحجلة. ثم أثنى الله تعالى على نعيمهم الذي أعده لهم بقوله: ﴿نِعْمَ ٱلثَّوابُ﴾ الذي أثيبوا به ﴿وحَسُنَتْ﴾ الجنة في حليها وثيابها وفرشها وأسرتها وطعامها وشرابها وحورها ورضوان الله فيها ﴿وحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً﴾ يرتفقون فيه وبه، جعلنا الله من أهلها. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- بيان خيبة وخسران المعرضين عن كتاب الله فلم يتلوه ولم يعملوا بما جاء فيه من شرائع وأحكام. ٢- الترغيب في مجالسة أبناء الآخرة وهم الفقراء الصابرون وترك أبناء الدنيا والإعراض عما هم فيه. ٣- على الداعي إلى الله تعالى أن يبين الحق، والناس بعد بحسب ما كتب لهم أو عليهم. ٤- الترغيب والترهيب بذكر جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين. ٥- عذاب النار شر عذاب، ونعيم الجنة، نعم النعيم ولا يهلك على الله إلا هالك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب