الباحث القرآني

شرح الكلمات: يزجي لكم الفلك: أي يسوقها فتسير فيه. لتبتغوا من فضله: أي لتطلبوا رزق الله بالتجارة من إقليم إلى آخر. وإذا مسكم الضُر: أي الشدة والبلاء والخوف من الغرق. ضل من تدعون إلا إياه: أي غاب عنكم من كنتم تدعونهم من آلهتكم. أعرضتم: أي عن دعاء الله وتوحيده في ذلك. أو يرسل عليكم حاصباً: أي ريحاً ترمي بالحصباء لشدتها. ثم لا تجدوا لكم وكيلاً: أي حافظاً منه أي من الخسف أو الريح الحاصب. قاصفاً من الريح: أي ريحاً شديدة تقصف الأشجار وتكسرها لقوتها. علينا به تبيعاً: أي نصيراً ومعيناً يتبعنا ليثأر لكم منا. ولقد كرمنا بني آدم: أي فضلناهم بالعلم والنطق واعتدال الخلق. حملناهم في البر والبحر: في البر على البهائم والبحر على السفن. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والدعوة إليه. فقوله تعالى: ﴿رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ يخبرهم تعالى بأن ربهم الحق الذي يجب أن يعبدوه ويطيعوه بعد أن يؤمنوا هو الذي ﴿يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ﴾ أي السفينة ﴿فِي ٱلْبَحْرِ﴾ أي يسوقها فتسير بهم في البحر إلى حيث يريدون من أجل أن يطلبوا رزق الله لهم بالتجارة من إقليم لآخر. هذا هو إلهكم الحق، أما الأصنام والأوثان فهي مخلوقة لله مربوية له، لا تملك لنفسها فضلاً عن غيرها، نفعاً ولا ضراً. وقوله تعالى: ﴿إنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ ومن رحمته تعالى تسخيره البحر لهم وإزجاء السفن وسوقها فيه ليحصلوا على أقواتهم عن طريق السفر والتجارة. وقوله تعالى: ﴿وإذا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلاَّ إيّاهُ﴾ يذكرهم بحقيقة واقعة لهم وهي أنهم إذا ركبوا في الفلك وأصابتهم شدة من مرض أو ضلال طريق أو عواصف بحرية اضطربت لها السفن وخافوا الغرق دعوا الله وحده ولم يبق من يدعوه سواه تعالى لكنهم إذا نجاهم من الهلكة التي خافوها ونزلوا بشاطئ السلامة أعرضوا عن ذكر الله وذكروا آلهتهم ونسوا ما كانوا يدعونه وهو الله من قبل ﴿وكانَ ٱلإنْسانُ كَفُوراً﴾ هذا طبعه وهذه حاله سرعة النسيان، وشدة الكفران وقوله تعالى: وهو يخاطبهم لهدايتهم ﴿أفَأَمِنتُمْ أن يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ ٱلْبَرِّ﴾ يقرعهم على إعراضهم فيقول ﴿أفَأَمِنتُمْ﴾ الله تعالى ﴿أن يَخْسِفَ بِكُمْ﴾ جانب الأرض الذي نزلتموه عند خروجكم من البحر ﴿أوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً﴾ أي ريحاً شديدة تحمل الحصباء فيهلككم كما أهلك عاداً ﴿ثُمَّ لا تَجِدُواْ لَكُمْ﴾ من غير الله ﴿وكِيلاً﴾ يتولى دفع العذاب عنكم ويقول: ﴿أمْ أمِنتُمْ﴾ الله تعالى ﴿أن يُعِيدَكُمْ فِيهِ﴾ أي في البحر ﴿تارَةً أُخْرىٰ﴾ أي مرة أخرى ﴿فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ﴾ أي ريحاً شديدة تقصف الأشجار وتحطمها ﴿فَيُغْرِقَكُم بِما كَفَرْتُمْ﴾ أي بسبب كفركم كما أغرق آل فرعون ﴿ثُمَّ لا تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً﴾ أي تابعاً يثأر لكم منا ويتبعنا مطالباً بما نلنا منكم من العذاب. فما لكم إذاً لا تؤمنون وتوحدون وبالباطل تكفرون. وقوله تعالى: ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي ءادَمَ﴾ أي فضلناهم بالنطق والعقل والعلم واعتدال الخلق ﴿وحَمَلْناهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وٱلْبَحْرِ﴾ على ما سخرنا لهم من المراكب ﴿ورَزَقْناهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّباتِ﴾ أي المستلذات من اللحوم والحبوب والفواكه والخُضَر والمياه العذبة الفرات. وقوله تعالى: ﴿وفَضَّلْناهُمْ عَلىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً﴾ فالآدميون أفضل من الجن وسائر الحيوانات، وخواصهم أفضل من الملائكة، وعامة الملائكة أفضل من عامة الآدميين ومع هذا فإن الآدمي إذا كفر ربه وأشرك في عبادته غيره، وترك عبادته، وتخلى عن محبته ومراقبته أصبح شر الخليقة كلها. قال تعالى: ﴿إنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن أهْلِ ٱلْكِتابِ وٱلْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيهَآ أوْلَٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: ٦]. من هداية الآيات: من هداية الآيات: ١- تعريف الله تعالى بذكر صفاته الفعلية والذاتية. ٢- تذكير المشركين بحالهم في الشدة والرخاء حيث يعرفون الله في الشدة ويخلصون له الدعاء، وينكرونه في الرخاء ويشركون به سواه. ٣- تخويف المشركين بأن الله تعالى قادر على أن يخسف بهم الأرض أو يرسل عليهم حاصباً من الريح فيهلكهم أو يردهم إلى البحر مرة أخرى ويرسل عليهم قاصفاً من الريح فيغرقهم بسبب كفرهم بالله، وعودتهم إلى الشرك بعد دعائه تعالى والتضرع إليه حال الشدة. ٤- بيان منن الله تعالى على الإنسان وأفضاله عليه في تكريمه وتفضيله. ٥- حال الرخاء أصعب على الناس من حال الشدة بالقحط والمرض، أو غيرهما من المصائب. ٦- الإعلان عن كرامة الآدمي وشرفه على سائر المخلوقات الأرضية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب