الباحث القرآني

شرح الكلمات: فلا يملكون: أي لا يستطيعون. كشف الضر: أي إزالته بشفاء المريض. ولا تحويلا: أي للمرض من شخص مريض إلى آخر صحيح ليمرض به. يدعون: أي ينادونهم طالبين منهم أو متوسلين بهم. يبتغون إلى ربهم الوسيلة: أي يطلبون القرب منه باالطاعات وأنواع القربات. كان محذورا: أي يحذره المؤمنون ويحترسون منه بترك معاصي الله تعالى. في الكتاب مسطورا: أي في كتاب المقادير الذي هو اللوح المحفوظ مكتوباً. أن نرسل بالآيات: أي بالآيات التي طلبها أهل مكة كتحويل الصفا إلى جبل ذهب. أو إزالة جبال مكة لتكون أرضاً زراعية وإجراء العيون فيها. إلا أن كذب بها الأولون: إذ طالب قوم صالح بالآية ولما جاءتهم كفروا بها فأهلكهم الله تعالى. الناقة مبصرة: أي وأعطينا ثمود قوم صالح الناقة آية مبصرة واضحة بينة. فظلموا بها: أي كفروا بها وكذبوا فأهلكهم الله تعالى. إلا تخويفا: إلا من أجل تخويف العباد بأنا إذا أعطيناهم الآيات ولم يؤمنوا أهلكناهم. أحاط بالناس: أي قدرة وعلما فهم في قبضته وتحت سلطانه فلا تخفهم. وما جعلنا الرؤيا: هي ما رآه الرسول ﷺ ليلة الإسراء والمعراج عن عجائب خلق الله تعالى. والشجرة الملعونة: هي شجرة الزقوم الوارد لفظها في الصافات والدخان. ونخوفهم: بعذابنا في الدنيا بالإهلاك والإبادة وفي الآخرة بالزقوم والعذاب الأليم. فما يزيدهم: أي التخويف إلا طغينانا وكفراً. معنى الآيات: ما زال السياق في تقرير التوحيد فيقول تعالى لرسوله قل يا محمد ﷺ لأولئك المشركين أدعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله سبحانه وتعالى فإنهم لا يملكون أن يكشفوا الضر عن مريض ولا يستطيعون تحويله عنه إلى آخر عدو له يريد أن يمسه الضر لأنهم أصنام وتماثيل لا يسمعون ولا يبصرون فضلا على أن يستجيبوا دعاء من دعاهم لكشف ضر أو تحويله إلى غيره، هذا ما دلت عليه الآية الأولى [٥٤] ﴿قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ ولا تَحْوِيلاً﴾. وقوله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾. يخبرهم تعالى بأن أولئك الذين يعبدونهم من الجن أو الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين هم أنفسهم يدعون ربهم ويتوسلون للحصول على رضاه. بشتى أنواع الطاعات والقربات فالذي يَعْبُدُ لا يُعْبَد، والذي يتقرب إلى الله بالطاعات لا يتقرب إليه وإنما يتقرب إلى من هو يتقرب إليه ليحظى بالمنزلة عنده، وقوله ﴿ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾، أي أن أولئك الذين يدعوهم الجهال من الناس ويطلبون منهم قضاء حاجاتهم هم أنفسهم يطلبون الله ويرجون رحمته ويخافون عذابه. لأن عذابه تعالى كان وما زال يحذره العقلاء، لأنه شديد لا يطاق. فكيف يُدعى ويُرجى ويُخاف من هو يَدعو ويَرجو ويَخاف لو كان المشركون يعقلون. وقوله تعالى: ﴿وإن مِّن قَرْيَةٍ﴾ أي مدينة من المدن ﴿إلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها﴾ أي بعذاب إبادة قبل يوم القيامة، ﴿أوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً﴾ بمرض أو قحط أو خوف من عدو ﴿كانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتابِ مَسْطُوراً﴾ أي مكتوباً في اللوح المحفوظ، فلذا لا يستعجل أهل مكة العذاب فإنه إن كان قد كتب عليهم فإنه نازل بهم لا محالة وإن لم يكن قد كتب عليهم فلا معنى لاستعجاله فإنه غير واقع بهم وهم مرجون للتوبة أو لعذاب يوم القيامة وقوله تعالى: ﴿وما مَنَعَنَآ أن نُّرْسِلَ بِٱلآياتِ﴾ أي بالمعجزات وخوارق العادات ﴿إلاَّ أن كَذَّبَ بِها﴾ أي بالمعجزات الأولون من الأمم فأهلكناهم بتكذيبهم بها، فلو أرسلنا نبينا محمداً بمثل تلك الآيات وكذبت بها قريش لأهلكهم، وهو تعالى لا يريد أهلاكهم بل يريد هدايتهم ليهتدي على أيديهم خلقاً كثيراً من العرب والعجم والأبيض والأصفر فسبحان الله العليم الحكيم وقوله تعالى ﴿وآتَيْنا ثَمُودَ ٱلنّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ أي آية مبصرة أي مضيئة بينة فظلموا بها أي كذبوا بها فعقروها فظلموا بذلك أنفسهم وعرضوها لعذاب الإبادة فأبادهم الله فأخذتهم الصيحة وهم ظالمون هذا دليل على أن المانع من الإرسال بالآيات هو ما ذكر تعالى في هذه الآية وقوله تعالى: ﴿وما نُرْسِلُ بِٱلآياتِ إلاَّ تَخْوِيفاً﴾ يخبر تعالى أنه ما يرسل الرسل مؤيدين بالآيات التي هي المعجزات والعبر والعظات إلا لتخويف الناس عاقبة الكفر والعصيان لعلهم يخافون فيؤمنون ويطيعون قوله تعالى ﴿وإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بِٱلنّاسِ﴾ أي اذكر يا محمد إذ قلنا لك بواسطة وحينا هذا إن ربك أحاط بالناس. فهم في قبضته وتحت قهره وسلطانه فلا ترهبهم ولا تخش منهم أحداً فإن الله ناصرك عليهم، ومنزل نقمته بمن تمادى في الظلم والعناد، وقوله تعالى: ﴿وما جَعَلْنا ٱلرُّءْيا ٱلَّتِي أرَيْناكَ﴾ يريد رؤيا الإسراء والمعراج حيث أراه الله من آياته وعجائب صنعه وخلقه، ما أراه ﴿إلاَّ فِتْنَةً لِّلنّاسِ﴾ أي لأهل مكة اختباراً لهم هل يصدقون أو يكذبون، إذ ليس لازماً لتقرير نبوتك وإثبات رسالتك وفضلك أن نريك الملكوت الأعلى وما فيه من مظاهر القدرة والعلم والحكمة والرحمة. وقوله تعالى: ﴿وٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ﴾ أي وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن الكريم وهي شجرة الزقزم وأنها ﴿تَخْرُجُ فِيۤ أصْلِ ٱلْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٦٤] إلا فتنة كذلك لأهل مكة حيث قالوا كيف يصح وجود نخلة ذات طلع في وسط النار، كيف لا تحرقها النار قياساً للغائب على الشاهد وهو قياس فاسد، وقوله تعالى ﴿ونُخَوِّفُهُمْ﴾ بالشجرة الملعونة وأنها ﴿طَعامُ ٱلأَثِيمِ كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٤-٤٦] وبغيرها من أنواع العذاب الدنيوي والأخروي، وما يزيدهم ذلك إلا طغياناً كبيراً أي ارتفاعاً وتكبراً عن قول الحق والاستجابة له لما سبق في علم الله من خزيهم وعذابهم فاصبر أيها الرسول وامض في دعوتك فإن العاقبة لك. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- تقرير التوحيد بالحكم على عدم استجابة الآلهة المدعاة لعابديها. ٢- بيان حقيقة عقلية وهي أن دعاء الأولياء والاستغاثة بهم والتوسل إليهم بالذبح والنذر هو أمر باطل ومضحك في نفس الوقت، إذ الأولياء كانوا قبل موتهم يطلبون الوسيلة إلى ربهم بأنواع الطاعات والقربات ومن كان يَعْبُدْ لا يُعْبَدْ. ومن كان يَتَقرب يُتقَرَّب إليه، ومن كان يَتَوَسَّلْ لا يُتَوسلْ إليه بل يعبد الذي كان يُعْبَد ويُتَوسل إلى الذي كان يُتَوسل إليه ويتقرب إلى الذي كان يتقرب إليه، وهو الله سبحانه وتعالى. ٣- تقرير عقيدة القضاء والقدر. ٤- بيان المانع من عدم إعطاء الرسول ﷺ الآيات على قريش. ٥- بيان علة الإسراء والمعراج، وذكر شجرة الزقوم في القرآن الكريم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب