الباحث القرآني

شرح الكلمات: أتى أمر الله: أي دنا وقرب أمر الله بعذابكم أيها المشركون فلا تستعجلون. ينزل الملائكة بالروح: أي بالوحي الذي به حياة الأرواح والمراد من الملائكة جبريل. خلق الإنسان من نطفة: أي قطرة من المني. دفء ومنافع: أي ما تستدفئون به، ومنافع من العسل واللبن واللحم والركوب. حين تريحون: أي حين تردونها من مراحها. وحين تسرحون: أي وحين إخراجها من مراحها إلى مسارحها أي الأماكن التي تسرح فيها. إلا بشق الأنفس: أي بجهد الأنفس ومشقة عظيمة. معنى الآيات: لقد استعجل المشركون بمكة العذاب وطالبوا به غير مرة فأنزل الله تعالى قوله: ﴿أتىٰ أمْرُ ٱللَّهِ﴾ أي بعذابكم أيها المستعجلون له. لقد دنا منكم وقرب فالنضر بن الحارث القائل: ﴿ٱللَّهُمَّ إن كانَ هَٰذا هُوَ ٱلْحَقَّ مِن عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أوِ ٱئْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢] جاءه بعد سُنيات قلائل فهلك ببدر صَبْراً، إلى جهنم، وعَذابُ يوم القيامة لمن استعجله قد قرب وقته ولذا عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه وقرب مجيئه فلا معنى لاستعجاله فلذا قال الله تعالى: ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ وقوله ﴿سُبْحانَهُ وتَعالىٰ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزه وتقدس عما يشركون به من الآلهة الباطلة إذ لا إله حق إلا هو: وقوله ﴿يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِن أمْرِهِ﴾ أي بإرادته وإذنه ﴿عَلىٰ مَن يَشَآءُ مِن عِبادِهِ﴾. أي ينزل جبريل عليه السلام بالوحي على من يشاء من عباده وهو محمد ﷺ وقوله ﴿أنْ أنْذِرُوۤاْ أنَّهُ لا إلَٰهَ إلاَّ أناْ فَٱتَّقُونِ﴾ أي بأن انذروا أي خوفوا المشركين عاقبة شركهم فإن شركهم باطل سيجر عليهم عذاباً لا طاقة لهم به، لأنه لا إله إلا الله، وكل الآلهة دونه باطلة. إذاً فاتقوا الله بترك الشرك والمعاصي وإلا تعرضتم للعذاب الأليم. في هاتين الآيتين تقرير للوحي والنبوة للنبي ﷺ وتقرير التوحيد أيضاً وقوله تعالى في الآيات التالية: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعالىٰ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ استدلال على وجوب التوحيد وبطلان الشرك فالذي خلق السماوات والأرض بقدرته وعلمه وحده دون ما مُعِين له ولا مساعد حُقَّ أن يعبد، لا تلك الآلهة الميتة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق ﴿تَعالىٰ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزه وتقدس تعالى عما يشركون به من أصنام وأوثان. وقوله: ﴿خَلَقَ ٱلإنْسانَ مِن نُّطْفَةٍ﴾ أي من أضعف شيء وأحقره قطرة المني خلقه في ظلمات ثلاث وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً حتى إذا رباه وأصبح رجلاً إذا هو خصم لله يجادل ويعاند، ويقول من يحيي العظام وهي رميم. وقوله تعالى ﴿وٱلأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ومَنافِعُ ومِنها تَأْكُلُونَ﴾ فهذه مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة والرحمة وهي الموجبة لعبادته تعالى وترك عبادة ما سواه. فالأنعام وهي الإبل والبقر والغنم خلقها الله تعالى لبني آدم ولم يخلقها لغيرهم، لهم فيها دفء إذ يصنعون الملابس والفرش والأغطية من صوف الغنم ووبر الإبل ولهم فيها منافع كاللبن والزبدة والسمن والجبن والنسل حيث تلد كل سنة فيتنفعون بأولادها. ومنها يأكلون اللحوم المختلفة فالمنعم بهذه النعم هو الواجب العبادة دون غيره من سائر مخلوقاته وقوله: ﴿ولَكُمْ فِيها جَمالٌ﴾ أي منظر حسن جميل حين تريحونها عشية من المرعى إلى المراح ﴿وحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ أي تخرجونها صباحاً من مراحها إلى مراعيها، فهذه لذة روحية ببهجة المنظر. وقوله ﴿وتَحْمِلُ أثْقالَكُمْ إلىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ﴾ أي إلا بجهد النفس والمشقة العظيمة. فالإبل في الصحراء كالسفن في البحر تحمل الأثقال من بلدٍ إلى بلد وقد تكون المسافة بعيدة لا يصلها الإنسان إلا بشق النفس وبذل الجهد والطاقة، لولا الإبل سفن الصحراء ومثل الإبل الخيل والبغال والحمير في حمل الأثقال. فالخالق لهذه الأنعام هو ربكم لا إله إلا هو فاعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وقوله تعالى: ﴿إنَّ رَبَّكُمْ﴾ أي خالقكم ورازقكم ومربيكم وإلهكم الحق الذي لا إله لكم غير لرؤوف رحيم، ومظاهر رحمته ورأفته ظاهره في كل حياة الإنسان فلولا لطف الله بالانسان ورحمته له لما عاش ساعة في الحياة الدنيا فلله الحمد وله المنة. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- قرب يوم القيامة فلا معنى لاستعجاله فإنه آتٍ لا محالة، وكل أتٍ قريب. ٢- تسمية الوحي بالروح من أجل أنه يحيى القلوب، كما تحيى الأجسام بالأرواح. ٣- تقرير التوحيد والنبوة والبعث الآخر بذكر مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة والرأفة والرحمة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب