الباحث القرآني

شرح الكلمات: فكلوا: أي أيها الناس. حلالاً طيباً: أي غير حرام ولا مستقذر. واشكروا نعمة الله عليكم: أي بعبادته وبالانتهاء إلى ما أحل لكم عما حرمه عليكم. إن كنتم إياه تعبدون: أي إن كنتم تعبدونه وحده فامتثلوا أمره، فكلوا مما أحل لكم وذروا ما حرم عليكم. الميتة: أي ما مات من الحيوان حتف أنفه من غير تذكية شرعية. والدم: أي الدم المسفوح السائل لا المختلط باللحم والعظم. وما أهل لغير الله به: أي ما ذكر عليه غير اسم الله تعالى. غير باغٍ ولا عاد: أي غير باغ على أحد، ولا عادٍ أي متجاوز حد الضرورة. ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب: أي لا تحللوا ولا تحرموا بألسنتكم كذباً على الله فتقولوا هذا حلال وهذا حرام بدون تحليل ولا تحريم من الله تعالى. وعلى الذين هادوا: أي اليهود. حرمنا ما قصصنا عليك من قبل: أي في سورة الأنعام. معنى الآيات: امتن الله عز وجل على عباده، فأذن لهم أن يأكلوا مما رزقهم من الحلال الطيب ويشكروه على ذلك بعبادته وحده وهذا شأن من يعبد الله تعالى وحده، فإنه يشكره على ما أنعم به عليه، وقوله تعالى: ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وٱلْدَّمَ ولَحْمَ ٱلْخَنْزِيرِ ومَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ﴾ فلا تحرموا ما لم يحرم عليكم كالسائبة والبحيرة والوصيلة التي حرمها المشركون افتراء على الله وكذبا. وقوله ﴿فَمَنِ ٱضْطُرَّ﴾ منكم أي خاف على نفسه ضرر الهلاك بالموت لشدة الجوع وكان ﴿غَيْرَ باغٍ﴾ على أحد ولا معتدٍ ما أحل له إلى ما حرم عليه فليأكل ما يدفع به غائلة الجوع ولا إثم عليه ﴿فَإنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فيغفر للمضطر كما يغفر للتائب ويرحم المضطر فيأذن له في الأكل دفعاً للضرر رحمة به كما يرحم من أناب إليه. وقوله: ﴿ولا تَقُولُواْ لِما تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَٰذا حَلالٌ وهَٰذا حَرامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ﴾ أي ينهاهم عن التحريم والتحليل من تلقاء أنفسهم بأن يصفوا الشيء بأنه حلالٌ أو حرامٌ لمجرد قولهم بألسنتهم الكذب: هذا حلال وهذا حرام كما يفعل المشركون فحللوا وحرموا بدون وحي إلهي ولا شرع سماوي. ليؤول قولهم وصنيعهم ذلك إلى الإفتراء على الله والكذب عليه. مع أن الكاذب على الله لا يفلح أبداً لقوله ﴿إنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ وإن تمتعوا قليلاً في الدنيا بمالٍ أو ولد أو عزةٍ وسلطان فإن ذلك متاع قليل جداً ولا يعتبر صاحبه مفلحاً ولا فائزاً. فإن وراء ذلك العذاب الآخروي الأليم الدائم الذي لا ينقطع. وقوله تعالى: ﴿وعَلىٰ ٱلَّذِينَ هادُواْ حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ﴾ يخاطب الله تعالى رسوله فيقول: كما حرمنا على هذه الأمة المسلمة الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، حرمنا على اليهود ما قصصنا عليك من قبل في سورة الأنعام. إذ قال تعالى ﴿وعَلى ٱلَّذِينَ هادُواْ حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ومِنَ ٱلْبَقَرِ وٱلْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أوِ ٱلْحَوايَآ أوْ ما ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ [الآية: ١٤٦]. وحرم هذا الذي حرم عليهم بسبب ظلمٍ منهم فعاقبهم الله فحرم عليهم هذه الطيبات التي أحلها لعباده المؤمنين. ولذا قال تعالى ﴿وما ظَلَمْناهُمْ ولَٰكِن كانُوۤاْ أنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- يجب مقابلة النعم بالشكر فمن غير العدل أن يكفر العبد نعم الله تعالى عليه فلا يشكره عليها بذكره وحمده وطاعته بفعل محابه وترك مساخطه. ٢- بيان المحرمات من المطاعم وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله. ٣- بيان الرخصة في الأكل من المحرمات المذكورة لدفع غائلة الموت. ٤- حرمة التحريم والتحليل بغير دليل شرعي قطعي لا ظني إلا ما غلب على الظن تحريمه. ٥- حرمة الكذب على الله وأن الكاذب على الله لا يفلح في الآخرة وفلاحه في الدنيا جزيء قليل لا قيمة له.. هذا إن أفلح. ٦- قد يحرم العبد النعم بسبب ظلمه فكم حرمت أمة الإسلام من نعم بسبب ظلمها في عصور انحطاطها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب