الباحث القرآني

شرح الكلمات: إن الله عزيز: أي غالب لا يحال بينه وبين مراده بحال من الأحوال. ذو انتقام: أي صاحب انتقام ممن عصاه وعصى رسوله. يوم تبدل الأرض: أي اذكر يا رسولنا للظالمين يوم تبدل الأرض. وبرزوا لله: أي خرجوا من القبور لله ليحاسبهم ويجزيهم. مقرنين: أي مشدودة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم. في الأصفاد: الأصفاد جمع صفد وهو الوثاق من حبل وغيره. سرابيلهم: أي قمصهم التي يلبسونها من قطران. هذا بلاغ: أي هذا القرآن بلاغ للناس. أولوا الألباب: أصحاب العقول. معنى الآيات: ما زال السياق في تسلية الرسول ﷺ والمؤمنين وهم يعانون من صلف المشركين وظلمهم وطغيانهم فيقول تعالى لرسوله ﷺ: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ إنه كما لم يخلف رسله الأولين لا يخلفك أنت، إنه لا بد منجز لك ما وعدك من النصر على أعدائك فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم. ﴿إنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ﴾ أي غالب لا يغلب على أمره ما يريده لا بد واقع ﴿ذُو ٱنْتِقامٍ﴾ شديد ممن عصاه وتمرد على طاعته وحارب أولياءه، واذكر ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وٱلسَّمَٰوٰتُ﴾ كذلك ﴿وبَرَزُواْ﴾ أي ظهروا بعد خروجهم من قبورهم في طريقهم إلى المحشر إجابة منهم لدعوة الداعي وقد برزوا ﴿لِلَّهِ ٱلْواحِدِ القَهّارِ﴾، ﴿وتَرى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ﴾ يا رسولنا تراهم ﴿مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفادِ﴾ مشدودة أيديهم وأرجلهم إلى أعناقهم، هؤلاء هم المجرمون اليوم بالشرك والظلم والشر والفساد أجرموا على أنفسهم أولاً ثم على غيرهم ثانياً سواء ممن ظلموهم وآذوهم أو ممن دعوهم إلى الشرك وحملوهم عليه، الجميع قد أجرمو في حقهم، ﴿سَرابِيلُهُم﴾ قمصانهم التي على أجسامهم ﴿مِّن قَطِرانٍ﴾ وهو ما تدهن به الإبل: مادة سوداء محرقة للجسم أو من نحاس إذ قُرئ من قِطرٍآن أي من نحاس أُحمي عليه حتى بلغ المنتهى في الحرارة ﴿وتَغْشىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنّارُ﴾ أي وتغطي وجوههم النار بلهبها، هؤلاء هم المجرمون في الدنيا بالشرك والمعاصي، وهذا هو جزاؤهم يوم القيامة، فعل تعالى هذا بهم ﴿لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ إنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسابِ﴾ فما بين أن وجدوا في الدنيا وبين أن انتهوا إلى نار جهنم واستقروا في أتون جحيمها إلا كمن دخل مع باب وخرج مع آخر، وأخيراً يقول تعالى: ﴿هَٰذا بَلاغٌ لِّلنّاسِ ولِيُنذَرُواْ بِهِ ولِيَعْلَمُوۤاْ أنَّما هُوَ إلَٰهٌ واحِدٌ ولِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبابِ﴾ أي هذا القرآن بلاغ للناس من رب الناس قد بلغه إليهم رسول رب الناس ﴿ولِيُنذَرُواْ بِهِ﴾ أي بما فيه من العظات والعبر والعرض لألوان العذاب وصنوف الشقاء لأهل الإجرام والشر والفساد، ﴿ولِيَعْلَمُوۤاْ﴾ أي بما فيه من الحجج والدلائل والبراهين ﴿أنَّما هُوَ إلَٰهٌ واحِدٌ﴾ أي معبود واحد لا ثاني له وهو الله جل جلاله، فلا يعبدوا معه غيره إذ هو وحده الرب والإله الحق، وما عداه فباطل، ﴿ولِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبابِ﴾ أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول المدركة الواعية فيعملوا على إنجاء أنفسهم من غضب الله وعذابه، وليفوزوا برحمته ورضوانه. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- بيان صدق وعد الله من وعدهم من رسله وأوليائه. ٢- بيان أحوال المجرمين في العرض وفي جهنم. ٣- بيان العلة في المعاد الآخر وهو الجزاء على الكسب في الدنيا. ٤- قوله تعالى في آخر آية من هذه السورة: ﴿هَٰذا بَلاغٌ لِّلنّاسِ ولِيُنذَرُواْ بِهِ ولِيَعْلَمُوۤاْ أنَّما هُوَ إلَٰهٌ واحِدٌ ولِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبابِ﴾ هذه الآية صالحة لأن تكون عنواناً للقرآن الكريم إذ دلت على مضمونة كاملاً مع وجازة اللفظ وجمال العبارة، والحمد لله أولاً وآخراً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب