الباحث القرآني

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها قال مقاتل: وذلك أن رجلا دعا الله في صلاته ودعا الرحمن، فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين، فأنزل الله وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وهو تأنيث الأحسن كالكبرى والأكبر والصغرى والأصغر، والأسماء الحسنى هي الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ... الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ ونحوها. الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ‎: «إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما، مائة غير واحدة، من أحصاها كلّها دخل الجنّة» [201] [[مسند أحمد: 2/ 499.]] . وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ. قال ابن عباس: يكذبون، وقال قتادة: يشركون، وقال عطاء: ظامئون، زيد بن أسلم: يميلون عن الحق. ابن عباس ومجاهد: هم المشركون. وإلحادهم في أسماء الله عز وجل أنهم عدلوا بها عمّا هي عليه فسموا بها أوثانهم وزادوا فيها ونقصوا منها فاشتقوا اللات من الله تعالى والعزّى من العزيز ومنات من المنّان. وقال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله تعالى يسميه بما لم يسم به ولا ينطق به كتاب ولا دعا إليه رسول، وأصل الإلحاد الميل والعدول عن القصد ومنه لحد القبر. فيقال: ألحد يلحد إلحادا ولحد يلحد لحدا ولحودا إذا مال. وقد قرئ بهما جميعا فقرأ يحيى بن رئاب والأعمش وحمزة: بفتح الياء والحاء هاهنا وفي النحل (رحم) . وقرأ الباقون: بضم الياء وكسر الحاء وهما لغتان [صحيحتان] . وأمّا الكسائي فإنّه قرأ التي في النحل بفتح الياء والحاء وفي الأعراف (رحم) بالضم وكل يفرق بين الإلحاد واللحود فيقول: الإلحاد العديل عن القصد واللحد واللحود الركون، ويزعم أن التي في النحل يعني الركون سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ في الآخرة وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ عصبة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ قال قتادة وابن جريج: بلغنا أن النبيّ ﷺ‎ قرأ هذه الآية فقال: هي أحق بالحق يأخذون ويقضون ويعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» [202] . قال الربيع بن أنس: قرأ النبيّ ﷺ‎ هذه الآية فقال: «إن من أمتي قوما على الحق حتّى ينزل عيسى» (عليه السلام) [203] [[تفسير القرطبي: 7/ 329.]] . عن عمير بن هاني قال: سمعت معاوية على هذا المنبر يقول: سمعت النبيّ ﷺ‎ قال: لا يزال من أمّتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من غالطهم حتّى يأتي أمر الله عزّ وجلّ، وهم ظاهرون على الناس» [204] [[مسند أحمد: 4/ 101.]] . وقال ابن حيان: هم مؤمنوا أهل الكتاب. وقال عطاء: هم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان قد سماهم الله تعالى في سورة براءة. وقال الكلبي: هم من جميع الخلق وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قال بعضهم: سنأخذهم بالعذاب، وقال الكلبي: نزيّن لهم أعمالهم فنهلكهم. وقال الضحاك: كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة، وقال الخليل بن أحمد: سنطوي وإن أعمارهم في اغترار منهم [[راجع زاد المسير: 3/ 200.]] . وقال أبو عبيدة والمؤرخ: الاستدراج أن يأتيه من حيث لا يعلم. وقال أهل المعاني: الاستدراج أن ندرج إلى الشيء في خفيّة قليلا قليلا ولا يباغت ولا يجاهر. يقال: استدرج فلانا حتّى تعرف ما صنع أي لا يجاهر ولا يهجم عليه، قال: ولكن استخرج ما عنده قليلا قليلا وأصله من [الدرج] وذلك أن الراقي والنازل يرقى وينزل مرقاة مرقاة فاستعير [هذا عنه] . ومنه الكتاب إذا طوى شيئا بعد شيء، ودرج القوم إذا مات بعضهم في دار بعض، ودرج الصبي إذا قارب من خطاه في المشي وَأُمْلِي لَهُمْ يعني أمهلهم وأطيل من الملاواة وهو الدهر، ومنه مليت أي غشت دهرا إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي أخذي قوي مديد قلت: في المستهزئين، فقتلهم الله في ليلة واحدة أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ قتادة: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ‎ قام على الصفا ليلا فجعل يدعو قريشا فخذا فخذا يا بني فلان يا بني فلان يحذرهم بأس الله عزّ وجلّ، ووقائعه فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت حتى الصباح فأنزل الله أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ. ما بمحمد من مجنون [[زاد المسير: 3/ 201.]] . إِنْ هُوَ ما هو إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ مخوف أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ ملك السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فيهما مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى وهي أن لعلّ أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فيهلكوا على الكفر ويصبروا إلى العذاب فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ بعد القرآن يُؤْمِنُونَ ثمّ بيّن العلّة في إعراضهم عن القرآن وتركهم الإيمان فقال عز من قائل: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ فلا مرشد له وَيَذَرُهُمْ قرأ أبو عمرو وأهل الكوفة بالياء، لأن ذكر الله سبحانه قد مرّ من قبل. والباقون بالنون، لأنّه كلام [مستأنف] ومن جزم الراء فهو ممدود على يُضْلِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب