الباحث القرآني

مكّية: وهي ألف وأربعة وثمانون حرفا، وست وخمسون كلمة، واثنان وخمسون آية أخبرنا كامل بن أحمد، وأخبرنا محمد بن مسلم، قال: حدّثنا إبراهيم بن شريك، قال: حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله ﷺ‎: «من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حِساباً يَسِيراً» [20] [[تفسير مجمع البيان: 10/ 102.]] . وأخبرنا أبو الحسين الخبازي، قال: حدّثنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدّثنا الحسن بن محمد، قال: حدّثنا أبو زرعة، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان، قال: حدّثنا محمد بن حميد عن فضالة بن شريك عن أبي الزاهرية، قال: سمعته يقول: من قرأ إحدى عشرة آية من سورة الحاقة أجير من فتنة الدجال، ومن قرأها كان له نورا من فوق رأسه إلى قدمه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ أي القيامة، وسمّيت حاقّة لأنها حقّت فلا كاذبة لها. ولأن فيها حواق الأمور وحقائقها. ولأنّ فيها يحق الجزاء على الأعمال أي يجب، فيقال: حق عليه الشيء إذا وجب بحق حقوقا، قال الله سبحانه: وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ [[سورة الزمر: 71.]] وقال الكسائي والمؤرخ: الْحَاقَّةُ: يوم الحق، يقول العرب: لما عرفت الحق مني. والْحَاقَّةُ والحقّة هي ثلاث لغات بمعنى واحد، والْحَاقَّةُ الأولى رفع بالابتداء وخبره فيما بعده، وقيل: الْحَاقَّةُ الأولى مرفوعة بالثانية لأنّ الثانية بمنزلة الكتابة عنها كأنه عجب منها وقال: الحاقة ما هي؟ كما تقول: زيد ما زيد، والْحَاقَّةُ الثانية مرفوعة بما، وما بمعنى أي شيء، وهو رفع بالحاقة الثانية، ومثله الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ [[سورة القارعة: 1- 2.]] ، وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ [[سورة الواقعة: 27.]] ، ونحوهما. وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ أي بالعذاب الذي نزل بهم حين وعدهم نبيّهم حتى هجم عليهم فقرع قلوبهم. وقال ابن عباس وقتادة: بالقيامة. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ أي بطغيانهم وعصيانهم، وهي مصدر كالحاقة، وقيل: هي نعت مجازه: بفعلتهم الطاغية، وهذا معنى قول مجاهد وابن زيد، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها [[سورة الشمس: 11.]] وقال قتادة: يعني بالصيحة الطاغية التي جاوزت مقادير الصياح فاهمدتهم. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ عتت على خزانها فلم تطعهم وجاوزت المقدار. أخبرني الحسن قال: حدّثنا ابن حمدان قال: حدّثنا محمد بن حمدان بن سعد قال: حدّثنا أبو زرعة الرازي قال: حدّثنا المعافى بن سلمان البحراني قال: حدّثنا موسى بن عمر عن سعيد عن موسى بن المسيب عن شهر بن خوشب عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ‎ «ما أرسل الله سبحانه من ريح إلّا بمكيال، ولا قطرة من ماء إلّا بمكيال، إلّا يوم عاد ويوم نوح، فإن الماء يوم نوح طغى على الخزائن فلم يكن لهم عليها سبيل، ثمّ قرأ: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ» [21] [[جامع البيان للطبري: 29/ 61.]] . سَخَّرَها أرسلها وسلطها. عَلَيْهِمْ والتسخير استعمال الشيء بالاقتدار. سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ قال وهب: هي الأيام التي سمّاها العرب: أيام العجوز ذات برد ورياح شديدة وإنما نسبت هذه الأيام الى العجوز لأن عجوزا دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب في اليوم الثامن. وقيل: سمّيت أيام العجوز لأنها في عجز الشتاء ولها أسامي مشهورة. أنشدني أحمد بن محمد بن يوسف، قال: أنشدنا محمد بن طاهر الوزير قال: أنشدنا أبو الحسين محمد بن محمد ابن يحيى الصفار قال: أنشدنا محمد بن القيّم بن بشار قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب الشاعر في وصف أيام العجوز: كسع [[الكسع: شدّة المرّ.]] الشتاء بسبعة غبر ... أيّام شهلتنا [[الشهلة: العجوز.]] من الشهر فبآمر وأخيه مؤتمر ... ومعلّل وبمطفئ الجمر [[الصحاح: 3/ 884.]] ذهب الشتاء مولّيا عجلا ... وأتتك واقدة من النجر [[النجر: الحرّ.]] واسم اليوم الثامن: مكفي الظعن. حُسُوماً قال ابن عباس: تباعا، ومجاهد وقتادة: متابعة ليس فيها فترة، وعلى هذا القول هو من جسم الكي وهو أن تتابع عليه بالمكواة، وقال مقاتل والكلبي: دائمة، والضحاك: كاملة لم تفتر عنهم حتى أفنتهم، عطيّة: شؤما كأنّها حسمت الخير عن أهلها، الخليل: قطعا لدابرهم، والحسم: القطع والمنع ومنه حسم الداء وحسم الدفاع، قال يمان والنظر بن شميل: حسمهم فقطعهم وأهلكهم وهو نصب على الحال والقطع. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها أي في تلك الليالي والأيام، صَرْعى هلكى جمع صريع كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ أصول نَخْلٍ خاوِيَةٍ ساقطة، وقيل: خالية الأجواف. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ بقاء. وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ قرأ أبو عمرو والحسن والسلمي والحجري والكسائي ويعقوب: بكسر القاف وفتح الباء أي ومن معه من جنوده وأتباعه وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم اعتبار: بقراءة عبد الله وأبيّ ومن معه، وقرأ أبو موسى الأشعري: ومن تلقاه، وقرأ الآخرون: وَمَنْ قَبْلَهُ بفتح القاف وجزم الباء، أي ومن تقدّمه من القرون الخالية. وَالْمُؤْتَفِكاتُ قراءة العامّة بالألف، وقرأ الحسن والمؤتفكة: بغير ألف بِالْخاطِئَةِ بالخطيئة والمعصية وهي الكفر فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً نامية عالية غالية. قال ابن عباس: شديدة، وقيل: زائدة على عذاب الأمم. إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ أي عتا فخرج بلا وزن ولا كيل. قال قتادة: طغى الماء فوق كل شيء خمسة عشر ذراعا حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ السفينة لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً عبرة وموعظة وَتَعِيَها قرأ طلحة بإسكان على العين تشبها بقوله: وَأَرِنا، واختلف فيه عن عاصم وابن بكر وهي قراءة رديئة غير قويّة، الباقون: مشبع. أُذُنٌ واعِيَةٌ عقلت عن الله ما سمعت. الفاربي بن فنجويه، قال: حدّثنا ابن حيان قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدّثنا علي بن عليّ قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي قال: حدثني عبد الله بن الحسن قال: حين نزلت هذه الآية وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قال رسول الله ﷺ‎: «سألت الله أن يجعلها أذنك يا عليّ» [22] [[كنز العمّال: 13/ 177، ح 36526.]] قال علي: فما نسيت شيئا بعد وما كان لي أن أنساه. وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثني ابن حسن قال: حدّثنا أبو القيّم بن الفضل قال: حدّثنا محمد بن غالب بن الحرب قال: حدثني بشر بن آدم قال: حدثني عبد الله بن الزبير الأسدي قال: حدّثنا صالح بن ميثم قال: سمعت بريرة الأسلمي يقول: قال رسول الله ﷺ‎ لعلي: «إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلّمك وأن تعي وأن حقّا على الله سبحانه أن تعي» قال: ونزلت وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ [23] [[كنز العمّال: 13/ 136، ح 36426.]] . فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وهي النفخة الأولى وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وما عليها وَالْجِبالُ وما فيها فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فكسّر ودقّتا دقة واحدة فصارتا هباء منبثّا، وإنّما قال: فَدُكَّتا ولم يقل: دككن لأنّه جعل الأرض كالشيء الواحد، وجعل الجبال كالشيء الواحد. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ قامت القيامة وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ ضعيفة وَالْمَلَكُ يعني الملائكة عَلى أَرْجائِها نواحيها وأقطارها، بلغة هذيل واحدها رجاء وتثنيته رجوان وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ. قال ابن عباس: ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عددهم إلّا الله، وقال رسول الله ﷺ‎: «هم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين، فكانوا ثمانية» [24] [[جامع البيان للطبري: 29/ 73.]] . وأخبرنا الإمام أبو منصور الحمادي قال: حدّثنا الإمام أبو الوليد قال: حدّثنا جعفر قال: حدّثنا عليّ بن حجر قال: حدّثنا شريك عن سماك عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب في قوله سبحانه: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قال: ثمانية أملاك على صورة الأوعال. وفي الحديث: «إن لكلّ ملك منهم أربعة أوجه: وجه رجل، ووجه أسد، ووجه ثور، ووجه نسر» [25] [[تفسير القرطبي: 18/ 266.]] . وقيل: أنشد بين يدي رسول الله ﷺ‎ قول أمية بن أبي الصلت: رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد والشمس تصبح كل آخر ليلة ... حمراء تصبح لونها يتورّد تأبى فما تطلع لنا في رسلها ... إلّا معذّبة وإلّا تجلّد [[تفسير القرطبي: 18/ 266.]] قال رسول الله ﷺ‎: «صدق» [26] . وروى عن عليّ بن الحسن أنه قال: إنّ الله سبحانه خلق العرش رابعا لم يخلق قبله إلّا ثلاثة أشياء: الهواء، والقلم، والنور، ثمّ خلق من ألوان أنوار مختلفة، من ذلك نور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أبيض فهو نور الأنوار، ومنه ضوء النهار ثمّ جعله سبعين ألف ألف ألف طبق ليس من ذلك طبق إلّا يسبّح بحمده ويقدّسه بأصوات مختلفة لو أذن للسان منها أن تسمع لهدم الجبال والقصور ولخسف البحار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب