وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ.
قال محمد بن إسحاق والضحاك والكلبي: وآزر أبو إبراهيم وهو تاريخ مثل إسرائيل ويعقوب وكان من أهل كوثى قرية من سواد الكوفة [[تفسير الطبري: 7/ 316.]] .
وقال مقاتل بن حيان: لأب إبراهيم.
وقال سليمان [التيمي] : هو سب وعيب. ومعناه في كلامهم المعوج وقيل: معناه الشيخ [الهنم] بالفارسية وهو على هذه الأقاويل في محل الخفض على البدل أو الصفحة ولكنه نصب لأنه لا ينصرف.
وقال سعيد بن المسيب، ومجاهد، ويمان: آزر اسم صنم وهو على هذا التأويل في محل نصب.
وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره أتتخذ آزر أصناما آلهة.
وقرأ الحسن وأبو يزيد المدني ويعقوب الحضرمي: آزر بالرفع على النداء بالمفرد يعني يا آزر أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً من دون الله إلى قوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
يعني كما أريناه البصيرة في دينه والحق في خلاف قومه نريه ملكوت السماوات والأرض أي ملكهما والملكوت الملك وبدت فيه وجدت التاء للتأنيث في الجبروت والرهبوت والرحموت.
وحكي عن العرب سراعا له ملكوت اليمن والعراق.
وقال الكسائي: زيدت فيه التاء للمبالغة. وأنشد:
وشر الرجال الخالب الخلبوت [[كتاب العين: 4/ 271.]]
وقال عكرمة: هو الملك غير إنها بالنبطية ملكوتا. وقرأها بالياء المعجمة مليّا.
وقال ابن عباس: يعني خلق السماوات والأرض.
مجاهد وسعيد بن جبير: يعني آيات السماوات والأرض، وذلك إنه أقيم على صخرة وكشفت له عن السماوات والأرض حتى العرش وأسفل الأرض ونظر إلى مكانه في الجنة.
وذلك قوله وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا [[سورة العنكبوت: 27.]] يعني أريناه مكانه في الجنة.
قال قتادة: إن إبراهيم (عليه السلام) حدث نفسه إنه أرحم الخلق. فرفعه الله عز وجل حتى أشرف على أهل الأرض وأبصر أعمالهم فلما رآهم يعملون بالمعاصي قال لله: دمرّ عليهم، وجعل يلعنهم. فقال له ربه: أنا أرحم بعبادي منك، اهبط فلعلّهم يتوبوا.
قيس بن أبي حازم عن علي كرم الله وجهه عن النبي ﷺ قال: «لما أرى الله تعالى إبراهيم مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أشرف على رجل على معصية من معاصي الله فدعا الله عليه فهلك، ثم أشرف على آخر فدعا الله عليه فهلك، ثم أشرف على آخر فلما أراد أن يدعو عليه أوحى الله عز وجل إليه أن يا إبراهيم إنك رجل مستجاب الدعوة فلا تدعونّ على عبادي فإنهم مني على ثلاث خصال: إما أن يتوب إليّ فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه نسمة تسبّح، وإما أن [يعود] إلي فإن شئت عفوت عنه وإن شئت عاقبته» .
وقال الضحاك: مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الشمس والقمر والنجوم. وقال قتادة: خبئ إبراهيم (عليه السلام) من جبار من الجبابرة فحول له رزق في أصابعه فإذا مص إصبعا من أصابعه وجد فيها رزقا فلما خرج أراه الله مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وكان ملكوت السماوات الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار.
وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً إلى آخر الآية.
قال المفسرون: إن إبراهيم (عليه السلام) ولد في زمن نمرود بن كنعان وكان نمرود أول من وضع التاج على رأسه وقلد التاج عليه ودعاء الناس [ ... ] وكان له كهان ومنجمون.
وقالوا: إنه يولد في بلدك هذه السنة غلام يغير دين أهل الأرض ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه. ويقال إنهم وجدوا ذلك في كتب الأنبياء عليهم السلام.
وقال السدي: رأى نمرود في منامه كأن كوكبا اطلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء ففزع من ذلك فزعا شديدا ودعا السحرة والكهنة والجازة والقافة فسألهم عن ذلك فقالوا: مولود يولد في ناحيتك في هذه السنة يكون هلاك ملك وأهل بيتك على يديه. قالوا:
فأمر بذبح كل غلام يولد في ناحيته تلك السنة وأمر بعزل الرجال عن النساء وجعل على كل عشر رجلا، فإذا حاضت امرأة خليت بينها وبينه، فإذا طهرت عزل بينها، فرجع آزر أبو إبراهيم فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فوقع عليها في طهرها فلقفت فحملت إبراهيم (عليه السلام) .
قال محمد بن إسحاق: بعث النمرود إلى كل امرأة حبلى بقريته فحبسها عنده، إلّا ما كان من أم إبراهيم فإنه لم يعلم بحبلها وذلك إنها كانت جارية حديثة السن لم تعرف الحمل في بطنها.
قال السدي: خرج نمرود بالرجال إلى المعسكر ونحاهم عن النساء خوفا من ذلك المولود أن يكون فمكث بذلك ما شاء الله ثم بدت له حاجة إلى المدينة فلم يأمن عليها أحدا من قومه إلّا أزر فبعث إليه ودعاه. فقال: إن لي إليك حاجة أحبّ أن أوصيك بها ولا أبعثك إلّا لثقتي بك بما أقسمت عليك أن لا تدنو من أهلك ولا تواقعها، فقال آزر: أنا أشحّ على ديني من ذلك، فأوصاه بحاجته ثم بعثه فدخل المدينة وقضى حاجته، ثم قال: قد دخلت على أهلي ونظرت إليه فلما نظر إلى أم إبراهيم لم يتمالك حتى وقع عليها فحملت بإبراهيم.
قال ابن عباس: لما حملت أم إبراهيم، قالت الكهان لنمرود: إن الغلام الذي أخبرناك به قد حملته أمه الليلة، فأمر نمرود بذبح الغلمان فلما دنت ولادة أم إبراهيم وأخذها المخاض خرجت هاربة مخافة أن يطلع عليها فيقتل ولدها فوضعته في نهر يابس، ثم لفته في خرقة فوضعته في حلفاء فرجعت فأخبرت بأنها ولدت وإن الولد في موضع كذا فانطلق أزر يأخذه من ذلك المكان وحفر له سربا عند نهر فواراه فيه وسدّ عليه بابه بصخرة مخافة السباع، وكانت أمه تختلف إليه فترضعه.
وقال السدي: لما أعظم بطن أم إبراهيم خشي آزر أن يذبح فانطلق بها إلى أرض بين الكوفة والبصرة يقال لها أورمة فأنزلها في سرب من الأرض وجعل عندها ماء يصلهما وجعل يتعمدها ويكتم ذلك من أصحابه فولدت في ذلك السرب وشب وكان وهو ابن سنة كابن ثلاث سنين وصار من الشباب مخافة أن [يسقط في] طمع الذباحين ثم ذكر آزر لأصحابه أن لي ابنا كبيرا فانطلق به إليهم.
وقال ابن إسحاق: لما وجدت أم إبراهيم الطلق خرجت ليلا إلى مغارة كانت قريبا منها فولدت فيها إبراهيم فأصلحت من شأنه ما يصنع من المولود ثم سدت عليه المغارة ورجعت إلى بيتها ثم كانت تطالعه في المغارة لتنظر ما فعل فتجده حيّا يمص إبهامه.
وقال أبو روق: كانت أم إبراهيم كلما دخلت على إبراهيم وجدته يمص أصابعه، فقالت ذات يوم: لأنظرن إلى أصابعه فوجدته يمص من إصبع ماء ومن إصبع عسلا ومن إصبع لبنا ومن إصبع تمرا ومن إصبع سمنا.
قال محمد بن إسحاق: وكان آزر قد سأل أم إبراهيم عن حملها ما فعل. فقالت: ولدت غلاما فمات، فصدقها فسكت عنها وكان اليوم على إبراهيم في الشباب كالشهر، والشهر كالسنة فلم يمكث إبراهيم في المغارة إلّا خمسة عشر شهرا ثم رجع إلى أبيه آزر فأخبره إنه ابنه وأخبرته أم إبراهيم إنه ابنه وأخبرته بما كانت صنعت في غيابه فسر بذلك آزر وفرح فرحا شديدا، قالوا:
فإنما شب إبراهيم وهو في السرب بعد ما قال لأمه: من ربي؟
قالت: أنا، قال: فمن ربك؟ قالت: أبوك، قال: فمن ربّ أبي؟ قالت له: أسكت، فسكت، فلما رجعت إلى زوجها قالت: أرأيت الغلام الذي كنّا نتحدّث إنه بغير دين أهل الأرض فإنه ابنك ثم أخبرته بما قال لها، فأتاه أبوه آزر فقال له إبراهيم: يا أبتاه من ربي؟ قال:
أمك، قال: فمن رب أمي؟ قال: أنا، قال: من ربك أنت؟ قال نمرود، قال: فمن رب نمرود؟
فلطمه لطمة وقال: أسكت وقم، قال لأبويه: أخرجاني، فأخرجاه من السرب وانطلقا به حين غابت الشمس فنظر إبراهيم إلى الإبل، والخيل، والغنم، فقال: أباه ما هذه؟ قال: إبل وخيل وغنم، فقال: ما لهذه بدّ من أن يكن لها رب وخالق ثم نظر وتفكر في خلق السماوات والأرض. فقال: إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني ربي ما لي إله غيره. ثم نظر فإذا المشتري قد طلع ويقال الزهرة وكانت تلك الليلة في آخر الشهر فرأى الكوكب قبل القمر. فقال:
هذا ربي فذلك قوله عز وجل: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي دخل يقال: جن الليل وأجن وجنه الليل وأجنه وجن عليه الليل يجن جنونا وجنانا إذا أظلم ومضى كلّ شيء، وإنما سميت الجن لاجتنانها فلا ترى.
قال أبو عبيدة: جنون الليل سواده، وأنشد:
فلولا جنان الليل أدرك ركضنا ... بذي الرمث والأرطى عياض بن ناشب [[الصحاح: 5/ 2094 وفيه: ركابنا، وتفسير القرطبي: 7/ 25. والرمث بالكسر مرعى الإبل، والأرطى شجر ينبت بالرمل.]]
ورأى كوكبا ف قالَ هذا رَبِّي اختلفا فيه فأجراه بعضهم على الظاهر. وقالوا: ما كان إبراهيم (عليه السلام) مسترشدا متحيرا طالبا من التوفيق حتى وفقه الله تعالى، وآتاه رشده، فإنما كان هذا منه في حال طفولته، وقبل قيام الحجّة عليه وفي تلك يقول: لا يكون كفر ولا إيمان.
يدل عليه ما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لما جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فعبده حتى غاب فلما غاب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فعبده حتى غاب فلما غاب فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فعبدها حتى غابت الشمس فلما غابت قالَ: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.
وأنكر الآخرون هذا القول، وقالوا: غير جائز أن يكون لله عز وجل رسول يأتي عليه وقت من الأوقات وهو غير موحد وعارف ومن كلّ معبود سواه بريء.
قالوا: وكيف قومهم هذا على عصمة الله وطهره في مستقره ومستودعه وآتاه رشده من قبل، وأراه ملكوته فقال: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [[سورة الصافّات: 84.]] وقال وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [[سورة الأنعام: 75.]] رأى كوكبا فقال هذا رَبِّي على الاعتقاد والحقيقة هذا ما لا يكون أبدا.
ثم قيل فيه أربعة أوجه من التأويل: الوجه الأول: أن إبراهيم (عليه السلام) أراد أن يستدرجهم بهذا القول ويعرفهم خطأهم وجهلهم في تعظيم ما عظموا ويقيم عليهم الحجة ويريهم أنه معظم ما يعظموه ويلتمس الهدى من حيث التمسوا فلما أفل رأيهم النقص الداخل في النجوم ليتبينوا خطأ ما يدعون وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها ويحكمونها.
قالوا: ومثل هذا مثل الجواري الذي ورد على قوم يعبدون بدّا لهم وهو الصنم وأظهر فعظمه فأراهم الاجتهاد [ ... ] كرموا وصدوا في كثير من الأمور عن رأيه إلى أن ذمهم عدو لهم خافه الملك على ملكه فشاور الحواري في أمره.
فقالوا الرأي: أن تدعوا إلهنا حتى يكشف ما قد أضلنا فإنا لمثل هذا اليوم مجتمعون فاجتمعوا حوله يجأرون ويتضرعون وأمر عدوهم يستعجل ويتوكل فلما تبين لهم أن ربّهم لا ينفع ولا يرفع فقال لهم على جهة الاستفهام والتوبيخ لفعلهم هذا رَبِّي ومثل هذا يكون ربّا؟ أي ليس هذا ربي كقول الله تعالى تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ [[سورة الأعراف: 20.]] يعني أنهم الخالدون.
وكقول موسى (عليه السلام) لفرعون: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ [[سورة الشعراء: 22.]] يعني أو تلك نعمة نعمتها.
قال الهذلي:
رفعوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم [[تفسير الطبري: 7/ 325، والصحاح: 3/ 1223، والبيت لأبي خراش.]]
وقال آخر:
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر [[المصدر السابق.]]
والوجه الثالث: أن إبراهيم (عليه السلام) قال هذا على وجه الاحتجاج على قومه لا على معنى الشك في ربه كأنه قال: هذا ربي عندكم فَلَمَّا أَفَلَ قالَ: - وكان الهلال- قال: هذا أَكْبَرُ منه فنظر إلى الذي عكفت عليه هاهنا يعني عندك وقوله: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [[سورة الدخان: 49.]] بقوله حزنه في النار لأبي جهل يعني إنك كذا عند نفسك وأما عندنا فلا عزيزا ولا كريما، في الآية اختصار وإضمار ومعناها قال: يقولون هذا ربي كقوله وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا [[سورة البقرة: 127.]] أي يقولون ربنا تقبل منا. فَلَمَّا أَفَلَ غاب وزال قالَ: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ربا، لا يدوم، فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً طالعا قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ عن الهدى فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي.
قال محمد بن مقاتل الرازي: إنما قال هذا ولم يقل هذه لأنه رأى ضوء الشمس ولم ير عين الشمس. فرده إلى الشعاع.
وقال الأخفش: أراد هذا الطالع ربي أو هذا الآتي أراه ربي هذا أكبر لأنه رآه أضوأ وأعظم فلما غربت قالَ: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ الآية. وكان آزر يصنع الأصنام فلما ضم إبراهيم إلى نفسه جعل يصنع الأصنام ويعطيها إبراهيم ليصرفها فيذهب بها إبراهيم فينادي: من يشتري ما يضره ولا ينفعه فلا يشتريها أحد، فإذا زادت عليه ذهب بها إلى نهر فصوّب فيها رؤسها وقال: اشربي استهزاء بقومه وبما هم عليه من الضلالة حتى فشى عيبه إياها واستهزاؤه بها في قومه وأهل قريته وَحاجَّهُ أي خاصمه قَوْمُهُ في دينه قالَ لهم أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ عرّفني التوحيد والحق وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ وذلك إنهم قالوا له: أما تخاف أن تمسك آلهتنا بسوء من برص أو خبل لعيبك إيّاها؟ فقال لهم: وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ من الأصنام إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي سواء فيكون بما شاء وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً يعني أحاط علمه بكل شيء أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ يعني الأصنام وهي لا تبصر ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً حجة وبرهانا وهو القاهر القادر على كل شيء ثم قال فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أولى بالأمن [أنحن ومن أتّبع ديني] إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فقال الله عز وجل قاضيا وحاكما بينهما الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ ولم يخلطوا إيمانهم بشرك أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.
قال عبد الله بن مسعود: لما نزلت هذه الآية طبق ذلك على أصحاب النبي ﷺ وقالوا: إننا لم نظلم نفسه، فقال رسول الله ﷺ: «ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه» يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [[سورة لقمان: 13.]] [142] . (إنما هو الشرك) .
وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ يعني خصمهم وغلبهم بالحجة قال هي قوله الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ. قال بعبادة الأوثان نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالعلم.
وقرأ أهل الكوفة ويحيى بن يعمر وابن [محيصن] : دَرَجاتٍ بالتنوين يعني نرفع من نشاء درجات، مثله سورة يوسف إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.
{"ayahs_start":74,"ayahs":["۞ وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِیمُ لِأَبِیهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّیۤ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","وَكَذَ ٰلِكَ نُرِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِیَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِینَ","فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ","فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغࣰا قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَىِٕن لَّمۡ یَهۡدِنِی رَبِّی لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّاۤلِّینَ","فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةࣰ قَالَ هَـٰذَا رَبِّی هَـٰذَاۤ أَكۡبَرُۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَتۡ قَالَ یَـٰقَوۡمِ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ","إِنِّی وَجَّهۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِیفࣰاۖ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","وَحَاۤجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰۤجُّوۤنِّی فِی ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَاۤ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ رَبِّی شَیۡـࣰٔاۚ وَسِعَ رَبِّی كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ","وَكَیۡفَ أَخَافُ مَاۤ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَیۡكُمۡ سُلۡطَـٰنࣰاۚ فَأَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ","وَتِلۡكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ"],"ayah":"۞ وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِیمُ لِأَبِیهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّیۤ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ"}