الباحث القرآني

وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ الآية. قال الكلبي: إن كفار مكة قالوا للنبي ﷺ‎: يا محمد إنا قد علمنا أنه ما يحملك على ما تدعونا إليه إلّا الحاجة، فنحن نجمع ذلك من أموالنا ما نغنيك حتى تكون من أغنانا فأنزل الله تعالى قوله وَلَهُ ما سَكَنَ أي استقر فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ من خلق. قال أبو روحي: إن من الخلق ما يستقر نهارا وينتشر ليلا ومنها ما يستقر ليلا وينتشر نهارا. وقال عبد العزيز بن يحيى ومحمد بن جرير: كلّ ما طلعت عليه الشمس وغيبت فهو من ساكن الليل والنهار والمراد جميع ما في الأرض لأنه لا شيء من خلق الله عز وجل إلّا هو ساكن في الليل والنهار، وقيل: معناه وله ما يمر عليه الليل والنهار. وقال أهل المعاني: في الآية لغتان واختصار مجازها: وَلَهُ ما سَكَنَ وشرك فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ كقوله سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ والبرد وأراد في كل شيء وَهُوَ السَّمِيعُ لأصواتهم الْعَلِيمُ بأسرارهم. وقال الكلبي: يعني هُوَ السَّمِيعُ لمقالة قريش الْعَلِيمُ بمن يكسب رزقهم قُلْ يا محمد أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ربا معبودا وناصرا ومعينا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي خالقها ومبدعها ومبدئها وأصل الفطر الشق ومنه فطر ناب الجمل إذا شقق وابتدأ بالخروج. قال مجاهد: سمعت ابن عباس يقول: كنت لا أدري ما فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بعير. فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها، أنا أحدثتها وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ أي وهو يرزق ولا يرزق وإليه قوله عز وجل ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ منهم أَنْ يُطْعِمُونِ. وقرأ عكرمة والأعمش: وَلا يَطْعُمُ بفتح الياء أي وهو يرزق ولا يأكل. وقرأ أشهب العقيلي: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعِمُ كلاهما بضم الياء، وكسر العين. قال الحسن بن الفضل: معناه هو القادر على الإطعام وترك الإطعام كقوله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ. وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا منصور الأزهري بهراة يقول: معناه وَهُوَ يُطْعِمُ ولا يستطعم، يقول العرب: أطعمت غيري بمعنى استطعمت. وأنشد: إنّا لنطعم من في الصيف مطعما ... وفي الشتاء إذا لم يؤنس القرع أي استطعمنا وقيل: معناه وَهُوَ يُطْعِمُ يعني الله وَلا يُطْعَمُ يعني الولي قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ أخلص وَلا تَكُونَنَّ يعني وقيل لي: ولا تكونن مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي تعبدت غيره عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وهو يوم القيامة. مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ يعني من يصرف الغضب عنه. وقرأ أهل الكوفة: يَصْرِفْ بفتح الياء وكسر الراء على معنى من صرف الله عنه العذاب، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم لقوله من الله بأن قبل فيما قبله: قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ [[سورة الأنعام: 12.]] ، ولقوله فيما بعده رَحِمَهُ ولم يقل: فقد رحم، على الفعل المجهول. [ولقراءة أبيّ: من يصرفه الله عنه] . يعني يوم القيامة، وهو ظرف مبني على الخبر لإضافة الوقت إلى إذ كقولك: حينئذ [وساعتئذ] فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ يعني نجاة البينة وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ بشدة وبلية وفقر ومرض فَلا كاشِفَ دافع وصارف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ عافية ورخاء ونعمة فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الخير والشر قَدِيرٌ. روى شهاب بن حرش عن عبد الملك بن عمير عن ابن عباس قال: أهدي للنبي ﷺ‎ بغلة أهداها له كسرى فركبها جهل بن شعر ثم أردفني خلفه وسار بي مليا ثم احتنا لي وقال لي: يا غلام، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قد مضى القلم بما هو كائن فلو عمل الخلائق أن ينفعوك بما لم يقض الله لك لما قدروا عليه ولو جهدوا أن ينصروك بما لم يكتب الله عليك ما قدروا عليه فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإن لم تستطيع فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا واعلم أن النصر مع الصبر فإن مع الكرب الفرج وإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» . وَهُوَ الْقاهِرُ القادر الغالب فَوْقَ عِبادِهِ وفي القهر معنى زائد على القدرة وهو منع غيره عن بلوغ المراد [[تفسير القرطبي: 6/ 399.]] . وَهُوَ الْحَكِيمُ في أمره الْخَبِيرُ بما جاء من عباده.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب