الباحث القرآني

مكّية، وهي تسع وثمانون آية، وثمانمائة وثلاث وثلاثون كلمة، وثلاثة آلاف وأربعمائة حرف أخبرنا ابن المقري، أخبرنا ابن مطر، حدثنا ابن شريك، حدثنا ابن يونس، حدثنا سلام بن سليم، حدثنا هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن أبي أمامة الباهلي، عن أبي بن كعب. قال: قال رسول الله ﷺ‎: «من قرأ سورة الزّخرف كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ادخلوا الجنّة بِغَيْرِ حِسابٍ» [191] [[تفسير مجمع البيان: 9/ 66.]] . قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا. أي أنزلناه وسميناه وبيّناه ووصفناه. كقوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ [[سورة المائدة: 103.]] ، وقوله: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [[سورة الزخرف: 19.]] ، وقوله: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [[سورة الحجر: 91.]] ، وقوله تعالى: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ [[سورة التوبة: 19.]] . كلّها بمعنى الوصف والتسمية ويستحيل أن يكون بمعنى الخلق. لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ يعني هذا الكتاب. فِي أُمِّ الْكِتابِ يعني اللوح المحفوظ الّذي عند الله تعالى منه ينسخ، وقال قتادة: أصل الكتاب وجملته. أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، أخبرنا مكي بن عيدان، حدثنا عبد الله بن هاشم بن حيان، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا هاشم الدستوائي، حدثني القاسم بن أبي يزه، حدثني عروة بن عامر القريشي، قال: سمعت ابن عباس يقول: إنّ أول ما خلق الله تعالى القلم وأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق والكتاب عنده ثمّ قرأ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً . اختلفوا في معناه. فقال قوم: أفنضرب عنكم العذاب ونمسك ونعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم، وهذا قول مجاهد والسدي، ورواية الوالبي عن ابن عباس. قال: أفحسبتم إنّه يصفح عنكم ولما تعقلوا ما أمرتم به، وقال آخرون: معناه أفنمسك عن إنزال القرآن ونتركه من أجل أنّكم لا تؤمنون به فلا ننزله ولا نكرره عليكم، وهذا قول قتادة وابن زيد. وقال قتادة: والله لو كان هذا القرآن رفع حين ردّه أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة. أو ما شاء الله من ذلك. وقال الكلبي: أفنترككم سدى لا نأمركم ولا ننهاكم. الكسائي: أفنطوي عنكم الذكر طيّا، فلا تدعون ولا توعظون. وهذا من فصيحات القرآن، والعرب تقول لمن أمسك عن الشيء وأعرض عنه: ضرب عنه صفحا، والأصل في ذلك إنّك إذا أعرضت عنه ولّيته صفحة عنقك، قال كثير: صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ... فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت [[غريب الحديث: 2/ 168، لسان العرب: 2/ 515.]] أي معرضة بوجهها، وضربت عن كذا وأضربت، إذا تركته وأمسكت عنه. أَنْ كُنْتُمْ قرأ أهل المدينة والكوفة إلّا عاصما أن تكتب الألف على معنى إذ. كقوله: وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [[سورة البقرة: 278.]] ، وقوله: إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [[سورة النور: 33.]] . وقرأ الآخرون بالفتح على معنى لأنّ كنتم أرادوا على معنى المضي كما يقول في الكلام: أسبّك إن حرمتني، يريد إذا حرمتني. قال أبو عبيدة: والنّصب أحبّ إليّ لأنّ الله تعالى عاتبهم على ما كان منهم وعلمه قبل ذلك من فعلهم. قَوْماً مُسْرِفِينَ مشركين متجاوزين أمر الله. وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَما يَأْتِيهِمْ. أي وما كان يأتيهم. مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ كاستهزاء قومك بك. يعزّي نبيه ﷺ‎ فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً قوة. وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ صفتهم وسنتهم وعقوبتهم. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ أي بمقدار حاجتكم إليه. فَأَنْشَرْنا فأحيينا. بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً. كَذلِكَ أي كما أحيينا هذه البلدة الميتة بالمطر كذلك. تُخْرَجُونَ من قبوركم أحياء. وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ الأصناف. كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ذكر الكناية لأنّه ردها إلى ما، وقال الفراء: أضاف الظهور إلى الواحد لأنّه ذلك الواحد في معنى الجمع كالجند والجيش والرهط والخيل ونحوها من أسماء الجيش. ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ أي مطبقين ضابطين قاهرين وهو من القرآن، كأنّه أراد وما كنا مقاومين له في القوة. وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ لمنصرفون في المعاد. أخبرنا ابن فنجويه الدينوري، حدثنا سعيد بن محمد بن إسحاق الصيرفي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شنبه، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن علي بن ربيعة، عن علي رضي الله عنه، عن النبي ﷺ‎، إنّه كان إذا وضع رجله في الركاب، قال: «بسم الله» فإذا استوى على الدابة. قال: «الحمد لله على كلّ حال سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ» [192] ، وكبّر ثلاثا وهلل ثلاثا [[كتاب الدعاء للطبراني: 248.]] . وقال قتادة: في هذه الآية يعلمكم كيف تقولون إذا ركبتم في الفلك والأنعام تقولون: وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ [[سورة المؤمنون: 29.]] . وَجَعَلُوا يعني هؤلاء المشركين لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً أي نصيبا وبعضا. وقال مقاتل وقتادة: عدلا وذلك قولهم للملائكة هم بنات الله تعالى. إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب