الباحث القرآني

سورة حم السجدة: مكّية، وهي أربع وخمسون آية، وسبعمائة وست وتسعون كلمة، وثلاث آلاف وثلاثمائة وخمسون حرفا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ بينت آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ولو كان غير عربي لما علموه. وفي نصب القرآن وجوه: أحدها: إنّه شغل الفعل علامات حتّى صارت بمنزلة الفاعل، فنصب القرآن وقوع البيان عليه. الثاني: على المدح. والثالث: على إعادة الفعل، أي فصّلنا قرآنا. والرابع: على إضمار فعل، أي ذكرنا قرآنا. والخامس: على الحال. والسادس: على القطع. بَشِيراً وَنَذِيراً نعتان للقرآن فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ أي لا يسمعونه ولا يصغون إليه وَقالُوا يعني مشركي مكّة قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ أغطية مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ فلا نفقه ما يقول، قال مجاهد: كالجعبة للنبل وَفِي آذانِنا وَقْرٌ فلا نسمع ما يقول، وإنّما قالوا ذلك ليؤيّسوه من قبولهم لدينه وهو على التمثيل. وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ خلاف في الدين، فجعل خلافهم ذلك ساترا وحاجزا لا يجتمعون ولا يوافقون من أجله ولا يرى بعضهم بعضا. فَاعْمَلْ بما يقتضيه دينك. إِنَّنا عامِلُونَ بما يقتضيه ديننا. قال مقاتل: فأعبد أنت إلهك، وإنّا عابدون آلهتنا. قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ قال الحسن: علمه الله التواضع فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وجهوا وجوهكم إليه بالطاعة والإخلاص وَاسْتَغْفِرُوهُ من ذنوبكم الّتي سلفت. وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال ابن عباس: لا يشهدون لا إله إلّا الله وهي زكاة الأنفس، وقال الحسن وقتادة: لا يقرّون بالزكاة ولا يؤمنون بها، ولا يرون إيتاءها واجبا، وقال الضحاك ومقاتل: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة. وكان يقال: الزّكاة قنطرة الإسلام، فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك، وقد كان أهل الردة بعد النبي ﷺ‎، قالوا: أما الصلاة فنصلي، وأما الزّكاة فو الله لا تغصب أموالنا. وقال أبو بكر «رضي الله عنه» : والله لا أفرق بين شيء جمع الله تعالى بينه والله لو منعوني عقالا ممّا فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه. وقال مجاهد والربيع: يعني لا يزكّون أعمالهم، وقال الفراء: هو أنّ قريشا كانت تطعم الحاج، فحرموا ذلك على من آمن بمحمّد ﷺ‎. وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قال ابن عباس: غير مقطوع. مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنّه ينقص منه الإنسان أي قوته. مجاهد: غير محسوب، وقيل: غير ممنون به. قال السدي: نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعلمون فيه [[فتح القدير: 4/ 506.]] . قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ الأحد والإثنين. وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها أي في الأرض بما خلق فيها من المنافع، قال السدي: أنبت شجرها. وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها قال الحسن والسدي: يعني أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم، وقال مجاهد وقتادة: وخلق فيها بحارها، وأنهارها، وأشجارها، ودوابها في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، روى ابن نجيح عن مجاهد، قال: هو المطر. قال عكرمة والضحاك: يعنيو قدر في كل بلدة منها، ما لم يجعله في الأخرى، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد، فالسابري من سابور، والطيالسة من الري، والحبر واليمانية من اليمن، وهي رواية حصين، عن مجاهد. وروى حيان، عن الكلبي، قال: الخبز لأهل قطر، والتمر لأهل قطر، والذرة لأهل قطر، والسمك لأهل قطر، وكذلك أخواتها. فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يعني إنّ هذا مع الأول أربعة أيّام، كما يقول: تزوجت أمس امرأة واليوم اثنتين وأحدهما الّتي تزوجتها أمس، ويقال: أتيت واسط في خمسة والبصرة في عشرة، فالخمسة من جملة العشرة. فرد الله سبحانه الآخر على الأوّل، وأجمله في الذكر. سَواءً رفعه أبو جعفر على الابتداء، أي هي سواء، وخفضه الحسن ويعقوب على نعت قوله: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، ونصبه الباقون على المصدر، أي استوت استواء، وقيل: على الحال والقطع، ومعنى الآية: سَواءً لِلسَّائِلِينَ عن ذلك، قال قتادة والسدي: من سأله عنه، فهكذا الأمر، وقيل: للسّائلين الله حوائجهم. قال ابن زيد: قدر ذلك على قدر مسائلهم، لأنّه لا يكون من مسائلهم شيء إلّا قد علمه قبل أن يكون. قال أهل المعاني: معناه سَواءً لِلسَّائِلِينَ وغير السائلين، يعني إنّه بيّن أمر خلق الأرض وما فيها لمن سأل ومن لم يسأل، ويعطي من سأل ومن لم يسأل. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي عمد إلى خلق السماء وقصد، تسويتها، والإستواء من صفة الأفعال على أكثر الأقوال، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ بخار الماء. فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع، وأخرجاها، وأظهراها بمصالح خلقي. قال ابن عباس: قال الله تعالى للسّماوات: اطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وقال للأرض: شقي أنهارك واخرجي ثمارك. قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ولم يقل طائعتين، لأنّه ذهب به إلى السّماوات والأرض ومن فيهنّ، مجازه: أَتَيْنا بمن فينا طائِعِينَ، فلمّا وصفهما بالقول أخرجهما في الجمع مجرى ما يعقل، وبلغنا أنّ بعض الأنبياء، قال: يا ربّ لو إنّ السّماوات والأرض حين قلت لهما ائتيا طوعا أو كرها عصيناك، ما كنت صانعا بهما؟ قال: كنت آمر دابة من دوابي فتبتلعهما. قال: وأين تلك الدابة؟. قال: في مرج من مروجي. قال: وأين ذلك المرج؟ قال: في علم من علمي. وقرأ ابن عباس: آتيا وآتينا بالمد، أي أعطينا الطاعة من أنفسكما. قالتا: أعطينا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب