الباحث القرآني

وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا الآية، هذا تعزية من الله لنبيه ﷺ‎ وللمؤمنين على ما أصابهم من القتل والجرح يوم أحد، وحثّ منه إياهم على قتال عدوهم، ونهى عن العجز والفشل فقال: وَلا تَهِنُوا أي ولا تضعفوا ولا تخيبوا يا أصحاب محمد على جهاد أعدائكم بما قاتلوكم يوم أحد من القتل والقرح وَلا تَحْزَنُوا على ظهور أعدائكم وعلى ما أصابكم من المصيبة والهزيمة، وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين: حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير صاحب راية رسول الله ﷺ‎، وعبد الله بن جحش ابن عمة رسول الله ﷺ‎، وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبة، ومن الأنصار سبعون رجلا. وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ أي لكم تكون العاقبة والنصر والظفر. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني إذ كنتم، ولأنكم مؤمنون. قال ابن عباس: انهزم أصحاب رسول الله ﷺ‎ بالشعب فبينا هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلوا عليهم الجبل، فقال النبي ﷺ‎: «اللهم لا تعل علينا اللهم لا قوة لنا إلّا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر» [[تفسير القرطبي: 4/ 217.]] [153] فأنزل الله تعالى هذه الآية، فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل، فرموا خيل المشركين حتى هزموهم وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ [[فتح الباري: 7/ 268.]] . وقال الكلبي: نزلت هذه الآية بعد يوم أحد، حين أمر رسول الله ﷺ‎ أصحابه بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم، وقال ﷺ‎: «لا يخرج إلّا من شهد معنا بالأمس» [[تفسير القرطبي: 4/ 277.]] واشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية، ودليله قوله عزّ وجلّ: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ [[سورة النساء: 104.]] الآية. وقيل: (وَلا تَهِنُوا) لما نالكم من الهزيمة (وَلا تَحْزَنُوا) على ما فاتكم من الغنيمة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بقضاء الله ووعده. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ الآية. قال راشد بن سعد: لما انصرف رسول الله ﷺ‎ كئيبا حزينا جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها وأبيها مقتولين وهي تلدم فقال رسول الله ﷺ‎: «أهكذا يفعل برسولك؟» [[أسباب نزول الآيات: 83.]] [154] فأنزل الله تعالى إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ جرح يوم أحد فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ يوم بدر. وقرأ محمد بن السميقع: قَرَحٌ فتح القاف والراء على المصدر. وقرأ الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي وخلف: بضم القاف حيث كان، وهي قراءة ابن مسعود. وقرأ الباقون: بفتح القاف، وهي قراءة عائشة واختيار أبي عبيدة وأبي حاتم، قالا: لأنهما لغة تهامة والحجاز، لغتان مثل الجهد والوجد والوجد. وقال بعضهم: القرح بالفتح الجراحات واحدتها قرحة، والقرح بالضم وجع الجراحة. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ فيوما عليهم ويوما لهم وذلك أنّ الله عزّ وجلّ أدل المسلمين من المشركين يوم بدر حتى قتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين وأدال المشركون من المسلمين يوم أحد حتى جرحوا منهم سبعين وقتلوا منهم خمسة وسبعين. قال أنس بن مالك: أتى رسول الله ﷺ‎ يومئذ بعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعليه نيف وسبعون جراحة من طعنة وضربة ورمية، فجعل رسول الله ﷺ‎ يمسحها وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن ، ونظير هذه الآية قوله: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ [[سورة آل عمران: 165.]] يوم أحد قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها يوم بدر، يعني المثلى والأسرى. عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما كان يوم أحد صعد أبو سفيان الجبل فقال رسول الله ﷺ‎: «إنه ليس لهم أن يعلونا» [155] قال: فمكث أبو سفيان ساعة ثم قال: أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة اين ابن الخطاب؟ فقال عمر (رضي الله عنه) : هذا رسول الله وهذا أبو بكر وها أنا عمر. فقال أبو سفيان: يوما بيوم وأن الأيام دول والحرب سجال. فقال عمر: لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فقال: إنكم لتزعمون ذلك فقد خبنا إذا وخسرناهم. قال أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون قتلاكم مثلى ولم يكن ذلك على رأي سراتنا ثم ركبته حمية الجاهلية، فقال: أما إنه إذا كان ذلك لم نكرهه. قال الثعلبي: أنشدني أبو القاسم الحبيبي قال: أنشدنا أبو الحسن الكارزي قال: أنشدنا محمد بن القاسم الجمحي: أرى الناس قد أحدثوا شيمة ... وفي كل حادثة يؤتمر يهينون من حقروا فقره ... وإن كان فيهم تقي أو تبر فيوما علينا ويوما لنا ... ويوم نساء ويوما نسر [[ورد متفرقا في: تفسير الطبري: 20/ 64، تفسير القرطبي: 13/ 266، فقه القرآن للراوندي: 1/ 352.]] وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا يعني وإنما كانت هذه المداولة لِيَعْلَمَ اللَّهُ ليرى الله الذين كفروا منكم ممّن نافقوا فيهزأ بعضهم من بعض. وقيل: معناه وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بأفعالهم موجودة كما علمها منهم قبل أن يكلّفهم وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ يكرم أقواما بالشهادة، وذلك أن المسلمين قالوا: أرنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونلتمس الشهادة. فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ الله منهم شهداء وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا يعني يطهّرهم من ذنوبهم وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ يفنيهم ويهلكهم وينقصهم ثم عزّاهم فقال أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ... (وَيَعْلَمَ) نصب على الظرف، وقيل: بإضمار أن الخفيفة. وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ وذلك أنهم تمنوا أن يكون لهم يوم كيوم بدر فأراهم الله تعالى يوم أحد فذلك قوله: فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ أي أسبابه وآثاره وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ الآية. قال أهل التفسير وأصحاب المغازي: خرج رسول الله ﷺ‎ حتى نزل الشعب في سبعمائة رجل وأمر عبد الله بن جبير. أحد بني عمر. وعمر بن عوف. وهو أخو خوات بن جبير. على الرماة وهم خمسون رجلا. فقال: «أقيموا بأصل الجبل وانضحوا عنّا بالنبل لا نؤتا من خلفنا وإن كان لنا أو علينا، ولا تبرحوا مكانا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم» فجاءت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل، ومعهم النساء يضربن بالدفوف ويقلن الأشعار وكانت هند تقول: نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق الدر في المخانق ... والمسك في المفارق إن تقبلوا نعانق ... ونفرّق النمارق أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق [[الطبقات الكبرى: 2/ 40، تاج العروس: 6/ 418.]] وكان أبو عامر عبد عمرو بن الصيفي أول من لقيهم بالأحابيش وعبيد أهل مكة، فقاتلهم قتالا شديدا حتى حميت الحرب. فقال رسول الله ﷺ‎: «من يأخذ هذا السيف بحقه ويضرب به العدو حتى ينحني» فأخذه أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري وكان رجلا شجاعا يحتال عند الحرب، فلما أخذ السيف اعتمّ بعمامة حمراء وجعل يتبختر ويقول: أنا الذي عاهدني خليلي ... ونحن بالسفح لدى النخيل ألّا أقوم الدهر في الكيول ... أضرب بسيف الله والرسول فقال رسول الله ﷺ‎: «إنها لمشية يبغضها الله إلّا في هذا الموضع» ثم حمل النبي ﷺ‎ وأصحابه على المشركين فهزموهم [156] [[تاريخ الطبري: 2/ 195.]] . وقتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة وهو يحمل لواء قريش، فأنزل الله نصره على المؤمنين. قال الزبير بن العوّام: فرأيت هندا وصواحبها هاربات مصعدات في الجبل باديات خدادهن ما دون أخدهن شيء، فلما نظرت الرماة إلى القوم قد انكشفوا ورأوا النبي ﷺ‎ وأصحابه ينتهبون الغنيمة أقبلوا يريدون النهب. واختلفوا، فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله ﷺ‎. وقال بعضهم: ما بقي من الأمر شيء، ثم انطلقوا عامتهم ولحقوا بالعسكر، فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة واشتغال المسلمين بالغنيمة ورأوا ظهورهم خالية، صاح في خيل المشركين ثم حمل على أصحاب النبي من خلفهم، فهزموهم وقتلوهم، ورمى عبد الله بن قمية الحارثي رسول الله ﷺ‎ بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجّه في وجهه فأثقله، وتفرّق عنه أصحابه، فأقبل عبد الله بن قمية يريد قتل رسول الله فذب مصعب بن عمير. وهو صاحب راية رسول الله ﷺ‎ يوم بدر، ويوم أحد وكان اسم رايته العقاب. عن رسول الله ﷺ‎ حتى قتل مصعب دونه، قتله ابن قمية فرجع وهو يظن أنه قتل رسول الله، فقال: إني قتلت محمدا وصاح صارخ: ألا أن محمدا قد قتل، ويقال: إن ذلك الصارخ إبليس لعنه الله فانكفأ الناس وجعل رسول الله ﷺ‎ يدعوا الناس ويقول: «إليّ عباد الله إليّ عباد الله» [157] فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فحموه حتى كشفوا عنه المشركين، ورمى سعد بن أبي وقاص حتى اندقت سية قوسه وأصيبت يد طلحة بن عبد الله فيبست، وقى بها رسول الله ﷺ‎، وأصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حتى وقعت على وجنته فردّها رسول الله ﷺ‎ مكانها فعادت كأحسن ما كانت، فلما انصرف رسول الله ﷺ‎ أدركه أبي بن خلف الجمحي وهو يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منّا فقال: «دعوه» حتى إذا دنا منه، وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله فيقول: عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها. قال رسول الله: «بل أنا أقتلك إن شاء الله» [158] فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله ﷺ‎ الحربة من الحارث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه وخدشه خدشة فتدهده عن فرسه وهو يخور كما يخور الثور ويقول: قتلني محمد، واحتمله أصحابه فقالوا: ليس عليك شيء، فقال: بلى، لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقتلهم أليس قال لي: أقتلك إن شاء الله، فلو بزق عليّ بعد هذه المقالة لقتلني. فما لبث إلّا يوما حتى مات بموضع يقال له صرف [[تفسير الطبري: 4/ 150.]] . فقال حسان بن ثابت في ذلك: لقد ورث الضلالة عن أبيه ... أبي حين بارزه الرسول أتيت إليه تحمل رم عظم ... وتوعده وأنت به جهول يقول فكيف يحيى الله هذا ... وهذا العظم عار ومستحيل [[السيرة النبوية لابن هشام: 3/ 602، السيرة النبوية- ابن كثير-: 3/ 69، ولم يرد البيت الأخير في المصادر.]] [وقد قتلت بنو النجار منكم ... أمية إذا يغوث: يا عقيل وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا ... أبا جهل لأمهما الهبول وأفلت حارث لما شغلنا ... بأسر القوم، أسرته فليل] [[أثبتناه من المصادر، وما في الأصل هكذا: فقال له رسول الله ﷺ‎: يحيا بأمر الله ليس كما تقول ... فالى حلفه بالله إني سأقتله فكان هو القتيل ... فابكوا يا بني خلف جميعا رجالا كلهم رجس ضلول ... وقد قتلت بنو النجار منكم أمية إذ يغوث [يا عقيل] ... وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا أبا جهل لأمهما الهبول]] وقال حسان بن ثابت أيضا: ألا من مبلغ عني أبيّا ... فقد ألقيت في جوف السعير تمنى بالضلالة من بعيد ... وقول الكفر يرجع في غرور فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ ... كريم الأصل ليس بذي فجور له فضل على الأحياء طرّا ... إذا نابت ملمّات الأمور [[السيرة النبوية لابن هشام: 3/ 602، السيرة النبوية لابن كثير: 3/ 69.]] قالوا: وفشا في الناس أن رسول الله ﷺ‎ قد قتل، فقال بعض المسلمين: ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان، وبعض الصحابة جلسوا والقوا بأيديهم، وقال أناس من أهل النفاق: إن كان محمد قد قتل فالحقوا بدينكم الأول. فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك وسمي أنس: يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن ربّ محمد لم يقتل، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ﷺ‎ فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك ممّا يقول هؤلاء يعني المسلمين، وأبرأ إليك ممّا جاء به هؤلاء يعني المنافقين ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل، ثم إن رسول الله انطلق إلى الصخرة وهو يدعوا الناس، فأول من عرف رسول الله ﷺ‎ كعب بن مالك فقال: عرفت عينيه تحت المغفر تزهران فناديت بأعلى صوتي يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله، فأشار إليّ أن اسكت، فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي على الفرار فقالوا: يا نبي الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر بأنك قد قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين، فأنزل الله تعالى وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ومحمد هو المستغرق بجميع المحامد، لأن الحمد لا يستوجبه إلّا الكامل، والتحميد فوق الحمد فلا يستحقه إلّا المستولي على الأمد في الكمال، وأكرم الله عزّ وجلّ نبيّه وصفيّه باسمين مشتقين من اسمه تعالى: محمد وأحمد، وفيه يقول حسان بن ثابت: ألم تر أن الله أرسل عبده ببرهانه ... والله أعلى وأمجد قد شق له من اسمه ليجله ... فذو العيش محمود وهذا محمد نبي أتانا بعد يأس وفترة من الدين ... والأوثان في الأرض تعبد فأرسله ضوءا منيرا وهاديا ... يلوح كما لاح الصقيل المهنّد [[تفسير مجمع البيان: 2/ 403.]] روى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ‎ أنه قال: «ألم تروا كيف صرف الله عني لعن قريش وشتمهم يسبون مذمّما وأنا محمد» [159] [[مسند أحمد: 2/ 340.]] . وروى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن جدّه قال: قال رسول الله ﷺ‎: «إذا سمّيتم الولد محمدا فأكرموه وأوسعوا له في المجلس ولا تقبحوا له وجها فما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلّا خيرا لهم وما من مائدة وضعت فحضرها من اسمه أحمد أو محمد إلّا قدّس في كل يوم ذلك المنزل مرتين» [[تفسير مجمع البيان: 2/ 407.]] [160] . وعن حميد الطويل قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي ﷺ‎ في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله ﷺ‎ فقال الرجل: إنما أدعوا ذلك، فقال رسول الله ﷺ‎: «تسمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي» [[مسند أحمد: 2/ 248.]] [161] . وروى محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ‎: «لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي أنا أبو القاسم الله يعطي وأنا أقسم» [[صحيح ابن حبان: 13/ 134، كنز العمال: 16/ 428، ح 45264.]] ثم رخص في ذلك لعلي وابنه» [162] . وروى ليث عن محمد بن بشير عن محمد بن الحنفية عن علي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله ﷺ‎: «إن ولد لك غلام نحلته اسمي وكنيتي» [[الطبقات الكبرى: 5/ 92، تاريخ دمشق: 54/ 327.]] [163] . أَفَإِنْ ماتَ على فراشه أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ رجعتم إلى دينكم الأول الكفر وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فيرتد عن دينه فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً بارتداده وإنما يضر نفسه وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ المؤمنين. روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله ﷺ‎ قام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقال: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ﷺ‎ توفي، وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربّه، كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، يزعمون أن رسول الله ﷺ‎ مات قال: فأقبل أبو بكر (رضي الله عنه) حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلّم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله ﷺ‎ في بيت عائشة ورسول الله ﷺ‎ مسجّى ببردة خيبر، فأقبل حتى كشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبّله ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتبها الله عزّ وجلّ عليك فقد ذقتها ثم لم تصبك بعدها موتة أبدا، ثم ردّ الثوب على وجهه ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال: على رسلك يا عمر فأنصت قال: فأبى إلّا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الآية وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. فقال: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ‎ حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: فأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم. قال أبو هريرة: قال عمر: والله ما هو إلّا أن سمعت أن أبا بكر يتلوها فعقرت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله قد مات. وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني وما ينبغي لنفس أن تموت. وقال الأخفش: اللام في قوله: (لِنَفْسٍ) مقتولة تقديره: ما كانت نفس لتموت (إلّا بإذن الله) بعلم الله، وقيل: بأمره. كِتاباً مُؤَجَّلًا يعني أنّ لكل نفس أجلا هو بالغه ورزقا مستوفيه، لا يقدر أحد على تقديمه وتأخيره. قال مقاتل: من اللوح المحفوظ، ونصب الكتاب على المصدر يعني: كتب الله كتابا مؤجلا، كقوله: رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ [[سورة الإسراء: 28.]] وصُنْعَ اللَّهِ وكِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وقيل: هو إغراء أي: آمنوا بالقدر المقدور. وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها يعني ومن يرد بطاعته الدنيا ويعمل لها نؤته منها ما يكون جزاء لعمله، ونظيرها قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ [[سورة الشورى: 20.]] الآية. وقال أهل المعاني: الآية مجملة ومعناها: نؤته من نشاء ما قدرناه له، دليله قوله عزّ وجلّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [[سورة الإسراء: 18.]] نزلت في الذين تركوا المركز يوم أحد طلبا للغنيمة. وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها يعني الذين ثبتوا مع أميرهم عبد الله بن جبير حتى قتلوا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ أي الموحدين المطيعين. والقراءة بالنون لقوله تعالى: نُؤْتِهِ مِنْها. قرأ الأعمش: وسيجزي بالياء، يعني الله سبحانه. وعن عمر بن الخطاب قال: سمعت النبي ﷺ‎ يقول: «الأعمال بالنيّات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» [[صحيح ابن حبان: 2/ 113.]] [164] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب